كانت الكلمة، كهفا آوى إليه، عندما تمتلأ نفسى بأطنان من الألم، أدخله فى خلسة، فى ظلمة الليل، دون أن يرانى أو يلمحنى أحد.
أدخله وقد غلفت نفسى بآكام من هموم الحياة، فلا يبدو منى شيء، أتصبب دخان، يتساقط من جبهتى المحترقة، فإذا دخلت كهفي، أنتزع ملابسي، أتحلل من كل شيء، أقف عارياً أمام مرآتى الصغيرة، أواجه عريي، وأكشف عن تلك القروح التى تنتشر فى جسدي، وتعتصر روحي، أظهر ما خلفته من طعنات البشر، أُضمد جراح ألسنتهم المدببة، التى غرسوها فى لحمي، حتى بدت عظامي، مثقوبة من حناجرهم الملوثة، أحاول ساعات، إعادة ترتيب ما بعثروه مني، ألملم كياني.
أحاول الوقوف من جديد على قدمين ثابتتين، أعلق فوق أرفف كهفى ما تثاقل على كتفي، لأخفف بعض العناء، أُفرغ ما فى جعبتي، ثم أحصده وأنمقه، وأفرغه فوق صفحاتي، إن كهفى ضاق بي، فما عاد يحتمل، كنوز من الدمعات، ومئات الغزوات، التى مُنيت بهزيمتها، ألاف التواريخ، التى تخلد ذكرى هزائمى ونكساتي، ليتواصل الألم يمزق من لحم الحي، فكانت الكلمة، هى الخيار الأخير، الذى يشعرنى بأننى لا أزال على قيد الحياة، وإن كان ذلك على الأوراق، وفوق الصفحات والأرفف، وفى كهف موحش.