إذا تصفحت کتابًا مصريًا مكتوبًا بالهيروغليفية، رأيت سطورًا من الطُّيور والحيوانات والزواحف والرجال والنِساء والقوارب وجميع الأشياء الأخرى تسير في الصحيفة، هكذا ذكر جيمس بيكى، فى كتاب "مصر القديمة" من ترجمة نجيب محفوظ.
ويقول الكاتب جيمس بيكى: وكان إذا أراد المصريون أن يخلِّدوا كتابتهم تركوا أوراق البردى الواهية، ويكتبون في كتب مختلفة اختلافًا تامًا عن البردى وأوراقه.
لا بد أنك سمعت عن النصائح المنقوشة على الأحجار، وفى الواقع أن معظم الكتابة المصرية التي تخبرنا عن الفراعنة وأعمالهم، منقوشةٌ على الأحجار، نقشت في وضوح وعمق على سطوح المسلَّات وجدران المعابد، وكانت العادة أن الملوك إذا رجعوا من إحدى الحروب، نقشوا وصف المعارك وما لاقوه في الذَّهاب والإياب على جدران أشهر المعابد في أيامهم، أو على الأعمدة المقامة في تلك المعابد، حيث بقيت إلى الآن، وهى على حالتها الأولى ليقرأها الباحثون، حسب ما جاء فى كتاب "مصر القديمة".
وكانت إذا نقشت الكتابة الهيروغليفية على الحجارة طبعت الخطوط بالألوان المختلفة، حتى إن الكتابة كانت تظهر مثل لهب من جميع الألوان الخفيفة، وتظهر الجدران كما لو كانت مغطاة بستائر ذات ألوان جميلة.
الألوان أيضا كانت مهمة، إذ تستطيع أن تشاهد أثرها واضحًا في بعض المعابد والقبور، وكان الكتبة والحفارون عالمين بمكانة فنهم من الجمال والحسن، لذلك لم يألوا جهدًا في إبرازه في شكل جمیل جذاب، وبلغ اعتناؤهم بالجمال أنهم كانوا إذا وجدوا أن الصور التي تتكون منها الكلمة أو الجُمَل تظهر قبيحة المنظر بسبب اتِّصالها وترابطها حذفوا الصور التي تقبح منظر الصفحة، وضحوا بصحة هجاء الجمل في سبيل إبرازها في نسق جميل.