ارتفعت أسعار الذهب، اليوم الجمعة، مدعومة بضعف الدولار، وذلك على الرغم من التوقعات برفع أسعار الفائدة لفترة أطول في الولايات المتحدة الأمريكية وفقاً لتصريحات البنك الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه الأخير.
سجلت أسعار الذهب الفورية ارتفاعًا اليوم بنسبة 0.3% لتتداول- وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون- عند 1963 دولار للأونصة، يأتي هذا بعد التذبذب الحاد خلال جلسة الأمس والتي سجل خلالها الذهب أدنى مستوى في 3 أشهر عند 1924 دولار للأونصة قبل أن يعكس حركته نحو الأعلى ويغلق مرتفعاً بنسبة 0.8% عند المستوى 1957 دولار للأونصة.
الذهب في طريقه إلى اغلاق تداولات الأسبوع بشكل هادئ بعد التذبذب الكبير الذي عانى منه خلال هذا الأسبوع، فتداولات الذهب حتى الآن ضمن نطاق التداولات الذي يستوعب حركته منذ أكثر من 3 أسابيع وذلك على الرغم من اجتماع الفيدرالي.
السبب الرئيسي وراء هذا التذبذب في أداء الذهب هو التضارب بين تصريحات البنك الفيدرالي في اجتماعه الأخير وبين البيانات الاقتصادية وتوقعات الأسواق.
وثبت الفيدرالي أسعار الفائدة في اجتماعه وصرح على لسان جيروم باول رئيس البنك أن جميع أعضاء البنك تقريباً يروا مزيد من رفع الفائدة حسب الحاجة لمواجهة التضخم، وأنهم لا يروا خفض لأسعار الفائدة هذا العام، وأن التفكير في خفض الفائدة سيكون في الوقت الذي ينخفض فيه التضخم بشكل كبير ونتحدث عن عامين من الآن.
هذا بالإضافة إلى صدور مخطط أسعار الفائدة الذي يعد توقعات فردية لأعضاء البنك ليشير الأغلبية إلى إمكانية رفع الفائدة هذا العام مرتين بواقع 25 نقطة أساس في كل مرة.
الذهب انخفض بعد اجتماع الفيدرالي بسبب التصريحات ولكن بشكل مؤقت وذلك بعد صدور بيانات أمريكية سببت تضارب ضد توقعات الفيدرالي وتسببت عدم يقين في الأسواق، لينعكس هذا بالإيجاب على أداء المعدن النفيس ليعوض خسائره هذا الأسبوع.
صدرت أمس بيانات أعداد المتقدمين لملء طلبات اعانات البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة وأظهرت ارتفاع مماثل للقراءة السابقة عند أعلى مستوى منذ عام ونصف، الأمر الذي يعكس تأثر قطاع العمالة بشكل سلبي.
هذا بالإضافة إلى بيانات التضخم التي صدرت هذا الأسبوع قبل اجتماع الفيدرالي وأظهرت تراجع في معدلات التضخم في مايو، الأمر الذي يدل على ضعف في العوامل التي يعتمد عليها الفيدرالي في تقييم الاقتصاد ورفع الفائدة، ما يدل أن الاقتصاد قد لا يتحمل رفع الفائدة مرتين هذا العام كما أشار البنك.
من ناحية أخرى دفع الدولار الأمريكي الثمن وراء تضارب التوقعات في الأسواق لينخفض بشكل حاد خلال تداولات الأمس في طريقه إلى تسجيل انخفاض أسبوعي هو الأكبر منذ الأسبوع الأول في شهر نوفمبر الماضي وفقاً لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية.
انخفض مؤشر الدولار يوم أمس بنسبة 0.8% لليوم الثالث على التوالي واليوم سجل أدنى مستوى له في شهر قبل أن يبدأ في التعافي ويرتفع بنسبة 0.1%. يأتي تراجع الدولار بسبب ضعف بيانات قطاع العمالة الأمريكية بالإضافة إلى قيام البنك المركزي الأوروبي برفع الفائدة ربع نقطة مئوية والإشارة إلى مزيد من التشديد ليسجل اليورو ارتفاع كبير على حساب الدولار.
هذا وقد انخفض العائد على السندات الأمريكية يوم أمس بانخفاض مستويات الدولار، فقد سجل العائد على السندات لأجل 10 سنوات انخفاض بنسبة 1.8%، بينما انخفض العائد على السندات لأجل عامين الأكثر تأثراً بتغير أسعار الفائدة بنسبة 1%.
تراجع مستويات الدولار وتراجع العائد على السندات ساعد على تعافي الذهب يوم أمس ليتخلص من التأثير السلبي لاجتماع البنك الفيدرالي، وذلك في ظل العلاقة العكسية التي تربط الذهب الدولار كون المعدن النفيس سلعة تسعر بالدولار.
تسعير الأسواق الآن بالنسبة لأسعار الفائدة يشير إلى احتمال بنسبة 72% أن يقوم البنك الفيدرالي برفع الفائدة 25 نقطة أساس خلال اجتماع يوليو القادم.
توقعات أداء الذهب
حقيقة رفع الفائدة الأمريكية خلال الفترة القادمة تسبب ضغط سلبي كبير على أسعار الذهب وقد ساهم هذا بالفعل بكسر الذهب للحد السفلي لنطاق التداول الذي سيطر عليها منذ أكثر من 3 أسابيع عند 1930 دولار للأونصة، ولكنه سرعان ما عاد إلى الارتفاع من جديد بعد انهيار مستويات الدولار يوم أمس.
المدى القريب يشهد ضغوط سلبية على أسعار الذهب قد تعيدها إلى مناطق الدعم القوية عند 1900 دولار للأونصة، وذلك بسبب أداء السياسة النقدية الأمريكية المتشدد وتأثير ذلك السلبي على أسواق الذهب كونه يجذب الاستثمارات لصالح أسواق السندات على حساب الذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه.
بينما على المدى المتوسط نجد أن الأفضلية تعود للذهب بشكل كبير وذلك بسبب عدد من العوامل أهمها الضعف المتوقع للاقتصاد الأمريكي وتوقعات بسقوطه في ركود اقتصادي معتدل بحلول الربع الأول من 2024.
أيضاً استمرار التشديد النقدي والتضييق الائتماني من المحتمل أن يتسبب في أزمات جديدة للبنوك الأمريكية بعد انهيار 4 بنوك دفعة واحدة خلال النصف الأول من العام، وهو ما يزيد من الطلب على الذهب كملاذ آمن في أوقات الأزمات العالمية.
من جهة أخرى نجد أن التأكيدات مستمرة من قبل مجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية مستمرة في شراء الذهب مستغلة ضعف الأسعار الحالي وهو ما يعد دعم كبير للمعدن النفيس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة