-عادل إمام: استفدت منه وكلانا يجيد الكوميديا والتراجيديا لبنى عبدالعزيز: أقرب أصدقائى وأطالب بتكريمه
«أنا ليه ، أنا إزاى، أنا إمتى.. أنت جيت إمتى ؟ وقاعد كتير؟.. تلك الأسئلة والكلمات القليلة التى قالها الضيف أحمد فى مشهد صغير أمام رشدى أباظة فى فيلم عروس النيل، وكأنه يبحث عن إجابات بالفعل للكثير من الأسئلة التى تدور فى رأسه، يبحث عن فلسفة حياته، بل عن الحكمة من الحياة كلها، عن الأحلام والخطط والطموح، وعن نهاية كل ذلك، ولكنه رحل قبل أن يجد الإجابات.
ماذا لو عاش الضيف أحمد ؟..يلح على هذا السؤال كلما رأيت مشهداً يظهر فيه الفنان الكوميدى الراحل، هذا الفنان النحيل الهزيل ذو الوجه المنحوت والعينين العميقتين الذى كثيرا ما استخدم صفاته الجسمانية لإضحاكنا وهو يجسد أدوار الشاب الذى يتفاخر بقوة جسدية لا يتمتع بها ويحاول أن يوهمنا بأنه رياضى مردداً عبارة «العقل السليم فى الجسم السليم»، أتأمل وجهه ونظرته الشاردة وعينيه العميقتين وأشعر أننا لم نعرفه حقا ولم نكتشف ما يمتلكه من مواهب وما يخطط له ويريد أن يفصح عنه، ولكن الوقت والعمر لم يسمحا له سوى بتقديم أقل القليل.
الضيف أحمد الموهوب الكبير صاحب العمر القصير العقل المفكر لفرقة ثلاثى أضواء المسرح بشهادة كل من عرفه ولكن خطفه الموت قبل أن يحقق أحلامه وما كان يخطط له.
الضيف أحمد الذى رأينا لمحة من وجهه الأخر حينما أبهرتنا فلسفته وفكره وثقافته حين جلس ليناقش الكاتب والأديب الكبير ثروت عكاشة حول كوميديا الفارص والكوميديا الإنسانية والاجتماعية، فتفاجأ الناس بثقافته وبأن وراء هذا الفنان الذى رأينا منه الجانب الكوميدى فقط عقلا كبيرا وثقافة واسعة وعمقا يخفيه وراء الضحك الذى لفت به الأنظار وكان ينتظر أن يعلن عن المزيد من المواهب لكن لم يمهله القدر.
إنه ذلك الفنان الذى تراه فتضحك ثم تشعر بغصة لأنه رحل قبل أن يكمل مشواره ويحقق خططه وأحلامه، فتتعاطف معه وتحبه وتحزن من أجله لأنك قد ترى فيه نفسك، حين تراه رمزاً صريحاً وواضحاً للحياة القصيرة التى نعيشها ونرحل مهما طالت دون أن نحقق كل ما نطمح وما نخطط وما نريد، ترى فيه حال الإنسان فى هذه الدنيا، ضيفا اسما ووصفا، فكلنا ضيوف نحلم ونخطط ونتمنى ونظن أن أمامنا متسعا من الوقت لنحقق ما نريد وفجأة تنتهى كل الخطط، ينزل الستار وتكتب النهاية وتقف الحياة ولا يبقى إلا الذكرى والأثر.
رحلة الفيلسوف الضاحك.. الضيف أحمد الفلاح المثقف متعدد المواهب ابن قرية تمى الأمديد دقهلية الذى نبت حبه للفن فى قريته وبدأ مشوار التمثيل من مدرسته الثانوية ثم جاء للقاهرة وهو يحمل أحلاما عريضة ومواهب كثيرة وثقافة واسعة وخططاً كبيرة، فبدأ الرحلة من كلية الآداب بجامعة القاهرة ومن المسرح الجامعى تفوق كمخرج وممثل فكان رئيسا لفريق التمثيل وقدم العديد من عروض الأدب العالمى ومنها مسرحية «الأخوة كرامازوف» وحصل على الميدالية الذهبية فى مسابقة كأس الجامعات، ولفت الأنظار بموهبته فاختاره الفنان الكبير فؤاد المهندس للمشاركة فى مسرحية «أنا وهو وهى»، فى دور بيومى الخادم، وبعدها شارك الضيف فى عدد من الأعمال الفنية واستمر نشاطه الفنى على مسارح الجامعات والشباب الهواة، وبحسب ما قاله الفنان فاوق فلوكس صديق عمره: كونا معاً فرقة أطلقا عليها اسم «الضيف وفلوكس» وقدما العديد من العروض، ومنها عروض باللغة الإنجليزية التى يجيدانها، وفى هذا الوقت كان جورج سيدهم وسمير غانم كونا فرقة مع عادل نصيف وكانت الفرقة تقدم اسكتشات وعروضا فنية ومنها اسكتش الشحاتين حول العالم، ورآهم المخرج محمد سالم وأعجب بهم، فعرض عليهم أن يقدموا فقرات ثابتة فى برنامج أضواء المسرح، ولكن سافر عادل نصيف فانضم إليهم الضيف أحمد ، وقدموا معاً العديد من الاسكتشات ومنها اسكتش « دكتور الحقنى»، وحققوا نجاحات كبيرة، بعدما قدموا اسكتش» كوتوموتو»، وطوروا فن الاسكتش وتمتعوا بشعبية وقبول كبير.
قصة ثلاثى أضواء المسرح.. وطبقا للجزء الأول من كتاب الكوميديا والغناء فى الفيلم المصرى الصادر تحت عنوان « أبطال الضحك فى تاريخ السينما المصرية» تأليف محمود قاسم، تناول الفصل 29 منه قصة ثلاثى أضواء المسرح ، مشيراً إلى أنهم زحفوا إلى السينما ببطء شديد ، فكان كل منهم يظهر فى أدوار قصيرة ببعض الأفلام، ثم اجتمعوا فى أفلام كوميدية يؤدون اسكتشات فكاهية وغنائية وشاركوا فى التمثيل معاً فى أفلام عديدة، وظهر الضيف أحمد فى أفلام زقاق المدق، القاهرة فى الليل، منتهى الفرح عام 1963 فى لقطات مضحكة عابرة، ثم لمع الثلاثى على خشبة المسرح، ودخلوا السينما عام 1964 من خلال اسكتش كوتوموتو، أى أن نجاحهم فى المسرح ألقى الضوء عليهم فى السينما، وكانوا دائماً يظهرون كثلاثى يقدم الاستعراضات الفكاهية الغنائية، ثم بدأ بعضهم يظهر وحده من وقت لآخر، مثل المشهد الشهير الذى جسده جورج سيدهم فى فيلم معبودة الجماهير عام 1967، وسمير غانم فى فيلم صغيرة على الحب، والضيف فى فيلم عروس النيل، وظل الثلاثة يعملون فى نفس الإطار إما معاً أو كل واحد بمفرده، ووجد الثلاثى نفسه على شاشة السينما حسب الأدوار المطلوبة، ولمعوا وذاعت شهرتهم خلال فترة الستينات.
وفى عام 1967 تأسست فرقة «ثلاثى أضواء المسرح»، وأصبحت من أقوى وأشهر الفرق، وقدم الثلاثى فوازير رمضان للتليفزيون والعديد من المسرحيات الكوميدية والإسكتشات الغنائية، ومن أبرزها: «طبيخ الملائكة، زيارة غرامية، الرجل اللى جوز مراته»، كما أصبحوا ورقة رابحة وفى السينما وشاركوا فى العديد من الأفلام، ومنها: «الأصدقاء الثلاثة، الزواج على الطريقة الحديثة، 30 يوم فى السجن، شاطئ المرح»، كما شاركوا فى عدد من المسلسلات التليفزيونية ومنها مسلسل «تركة جدو» عام 1965، وكانوا فقرة ثابتة فى كل الحفلات الهامة فى مصر والعالم العربى ، وكتب لهم الشاعر الكبير حسين السيد العديد من الاسكتشات والأعمال، وحققت هذه الاسكتشات شهرة وانتشاراً واسعاً وشعبية استمرت حتى الآن ومنها اسكتشات «لو كانوا سألونا، عودة الندل، المجانين، فرق الفسافيس، أبناؤنا فى الخارج، وغيرها»
القائد والمفكر المضحك.. وفى كل هذه الأعمال كان الضيف أحمد القائد الفنى والعقل المفكر للفرقة، وتجاوز دوره مجرد الممثل الكوميدى خفيف الظل وصاحب الحضور، ولكنه كان يقوم بدور المخرج والمؤلف، وصانع الإيفيهات والمواقف الكوميدية، وإضافة إلى ذلك كانت له بعض التجارب كمؤلف فقط ومنها أنه قام بكتابة فيلم ربع دستة أشرار الذى قام ببطولته فؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولى وشويكار ولم يشارك الضيف بالتمثيل فى هذا الفيلم.
وفى كتابه المضحكون تحدث الكاتب الكبير محمود السعدنى عن كل نجم من نجوم ثلاثى أضواء المسرح الثلاثة وأطلق وصفاً لكل منهم تحت عنوان « المضحك.. الممثل.. كداب الزفة»، وبالرغم من أنه انتقد أول عمل فنى للثلاثى وهو اسكتش « دكتور الحقنى» ووصفه بالتافه، إلا أن الكاتب الكبير أكد أن نجاح الثلاثى تحقق بالدأب والعمل والإلحاح على العيون والأسماع، ولتوافر عناصر فنية أدت لهذا النجاح، مشيرا إلى أن عظمة الثلاثى تكمن فى أنهم استطاعوا تطوير فنهم من دكتور الحقنى إلى طبيخ الملائكة ومن التليفزيون إلى المسرح و لأن كل فرد من الثلاثى ظهر ومعه مواهبه الخاصة.
وشبه السعدنى ثلاثى أضواء المسرح بالجوق أو مسرح الشارع الذى انتشر قبل ظهور الإذاعة والتليفزيون، وأشار إلى أن الضيف أحمد هو أراجوز الجوق بشكله وحجمه المضحك المختار، حيث كانت الطبيعة سخية معه فأعطته كل ما يجعل الرجل المضحك محبوباً، ورغم ذلك أثنى الكاتب الكبير على تجربة الضيف وثقافته وموهبته ووصفه بأنه مثل نهر النيل العظيم قائلا: «أراجوز لا شك، فإذا كان الأراجوز يتمتع بعقل، ومن تجربة حياة استطاع أن يستخلص لنفسه ثقافة معينة وفهماً محدداً، إذا حدث هذا العناق بين ما أعطته الطبيعة وما منحته التجربة كانت النتيجة فناً عظيماً تماماً كما يتعانق النيل الأبيض مع النيل الأزرق عند أم درمان ليخرج من هذا العناق العظيم النيل الأعظم، وهكذا كان الضيف فى الثلاثى، الأراجوز والمضحك، خليطاً بين توتو الإيطالى وحمزة المنوفى، عصير فرناندل وحسن كامل، وشرفنطح».
تطور أداء فرقة الثلاثى وتطرقت للعديد من الموضوعات الاجتماعية ومنها الهجرة للخارج ومشكلات الزواج والطلبة وتفاعلوا مع اهتمامات الجمهور فتناولوا ما يتعلق بمنافسات مباريات كرة القدم بين الأهلى والزمالك وغيرها من موضوعات بطريقة كوميدية لاقت ترحيبا كبيرا من الجمهور.
الضيف والزعيم.. وكان الضيف أحمد يخطف الأنظار والقلوب فى أى مشهد مهما صغر، بإيفيهاته وبساطته وخفة ظله وتعبيرات وجهه وتلقائيته لتظل صورته راسخة وتبقى حتى مشاهده القليلة فى أى عمل عالقة بالأذهان يحفظها الجميع، ومع كل هذه المواهب التى لم يتح لها الوقت والعمر نتساءل: ماذا لو عاش الضيف أحمد، هذا الفيلسوف المفكر الضاحك وهل كان سيغير من جلده ويخطط لما هو أبعد من الكوميديا؟
كانت مسرحية « أنا وهو وهى» بداية الضيف أحمد وشهدت المسرحية أيضاً بدايات الفنان عادل إمام فى دور دسوقى أفندى، «يمكننا ملاحظة تشابه البدايات وحتى تشابه الأداء»، وهو ما أشار إليه الزعيم نفسه فى أحد حواراته عن الضيف أحمد موضحاً أن بداية معرفته به كانت فى الجامعة وأنه كان من خيرة الشباب المثقفين، يقرأ الأدب الإنجليزى ولديه حس درامى وثقافة مسرحية واسعة لم تظهر كلها خلال الفترة التى عمل فيها، وأكد عادل إمام أنه يشترك مع الضيف فى كثير من الصفات وأن كلاهما قادرعلى الإجادة فى الكوميديا والتراجيديا، ولكن الضيف بدأ طريق الاحتراف بالكوميديا كأحد أضلاع فرقة ثلاثى أضواء المسرح وظل كذلك حتى رحيله، وأشار الزعيم إلى أن الضيف ينطبق عليه الوصف الذى أطلقه صلاح حافظ على عادل إمام نفسه وهو أنه يشبه عازف الكمان الماهر الذى رفضه الجمهور كعازف فعمل كلاعب أكروبات فى سيرك حتى يلفت الانتباه، وفجأة قرر وهو يمارس هذه اللعبة والناس تنتظره ليكمل حركاته أن يخرج الكمان ويعزف فأبهر الجمهور، لكن هذا التشبيه ربما انطبق على عادل إمام الذى استطاع أن يكمل مشواره ويتنوع فيه ويخرج الكامنجا ليعزف ويثبت مهاراته المتعددة حتى أصبح زعيماً، بينما لم يترك العمر فرصة للضيف، وكانت كل هذه المقدمات تؤكد أنه لو عاش الضيف أحمد ربما كان سيصبح هو أيضاً زعيماً أو أن يستحوذ على هذا اللقب إذا أضفنا قدراته فى الإخراج والتأليف.
ربما كان الضيف الذى أكد جميع من عرفوه بما فيهم الفنان الكبير سمير غانم أنه كان العقل المفكر لفرقة الثلاثى، يخطط ليغير جلده ويفصح عن جميع مواهبه وقدراته الفنية ولكن لم يتسع وقته وعمره، كان الضيف مؤلفاً كتب العديد من النصوص والإيفيهات لفرقة الثلاثى، كما كتب بعض الأعمال الفنية كمؤلف دون أن يشارك فيها كممثل ومنها فيلم ربع دستة أشرار لفؤاد المهندس وأخرج عددا من المسرحيات.
شهادات كبار الفنانين.. كل من عاصره وتعامل معه يشهد بتفوقه وثقافته ومواهبه وأخلاقه وكرمه، يكفى أن تذكر اسمه أمام الفنان الكبير أسامة عباس صديق عمره الذى عرفه منذ كانا طالبين بجامعة القاهرة، الضيف فى كلية الآداب وعباس فى كلية الحقوق وجمعتهما بعض الأعمال بعد تخرجهما عندما انضم عباس لفرقة الثلاثى وشارك فى مسرحية طبيخ الملائكة.
وتحدث الفنان الكبير أسامة عباس لـ«اليوم السابع» عن مواهب صديقه الضيف أحمد قائلاً : «الضيف كان صديق عمرى، وبيننا قواسم مشتركة كثيرة، وكان العقل المفكر لفرقة الثلاثى والقائد دائماً فى البروفات، كان قارئ ومثقف ويحب الإطلاع على الفن والأدب العالمى، ومهتم بالإخراج، وعنده خطط ومشاريع فنية ملحقش يعملها»
وتابع :» كان لطيف جدا مع الناس وخصوصاً العمال، وأحبوه جداً، وكان كريم جدا لدرجة الإسراف مكانش بيحوش ومات وهو معندوش عربية».
فيما أشار الفنان الكبير رشوان توفيق إلى أن بداية معرفته بالضيف أحمد أثناء الدراسة بكلية الآداب حيث جرى الإعداد لتقديم مسرحية لموليير وكان توفيق يقوم فيها بدور الدنجوان بينما يقوم الضيف بدور الخادم ولكن لم يكتمل العرض، ومنذ ذلك الحين نشأت بينهما علاقة إنسانية، ووصف الضيف أحمد بالمكافح المهذب صاحب الثقافة المسرحية الواسعة، مؤكدا أن سمير غانم وجورج سيدهم بدآ بتقديم اسكتشات استعراضية ومنها اسكتش دكتور الحقنى، وأن فكرة المسرح نضجت بانضمام الضيف لهما.
وأكدت الفنانة الكبيرة لبنى عبدالعزيز التى جمعها بالضيف أحمد عدة أفلام، منها فيلم عروس النيل أنه ربطتهما علاقة قوية وصفات مشتركة حيث كان خجولاً مثلها، لا يندمج بسهولة مع الأخرين ولا يحب الضجيج ، فتقاربا وكانا يجلسان معا فى كواليس الأعمال ووصفته قائلة: «كان وحدانى ومقفل على حياته وخجول مثلى، الضيف كان موهبة غير طبيعية وأكثر أعضاء فرقة ثلاثى أضواء المسرح موهبة، لكن القدر لم يمهله ليفصح عن كل هذه المواهب، كان لديه قدرة عظيمة على الإضحاك وهو يتعامل بكل جدية دون افتعال أو تكلف، تشاركنا فى 3 أفلام وكنا أصدقاء وحبايب وزى الاخوات، بنقعد وناكل مع بعض، وطول ما أنا معاه بضحك».
تحكى عن مشهده فى فيلم عروس النيل الذى قال فيه كلمات فلسفية قليلة: «كان أهم وأعمق مشهد فى الفيلم، والضيف أداه بعبقرية وفهم للكلام الفلسفى المنسوب للفيلسوف ديكارت، لأن الضيف كان فيلسوفاً، ووفاته كانت صدمة وخسارة كبيرة».
وطالبت الفنانة الكبيرة بتكريم اسم الضيف أحمد عرفاناً بفنه ودوره الهام فى فرقة ثلاثى أضواء المسرح واعترافاً بمواهبه الكبيرة.
أما الفنان الكبير حسن يوسف والذى جمعه بالضيف أحمد وفرقة الثلاثى عدد من الأفلام السينمائية الناجحة، منها شاطئ المرح والزواج على الطريقة الحديثة، فكان أول وصف قاله عن الضيف أحمد عندما سألناه عنه: «مثقف جدا، وكان العنصر الهام فى فرقة الثلاثى، صاحب الأفكار ومبتكر الكوميديا والإيفيهات، وممثل كبير، وبطبيعته كان ظريفا وابن نكتة وبوفاته فقدت الكوميديا والفن وفرقة الثلاثى أهم عناصرها».
وقال الفنان فاروق فلوكس: «التقيت بالضيف سنة 1956 ونحن طلبة فى جامعة القاهرة أنا فى الهندسة والضيف فى آداب، وكنا أصدقاء جدا وكوننا فرقة اسمها «الضيف وفلوكس» وقدمنا اسكتشات كوميدى، واشتغلت فى مسرحية «الأخوة كرامازوف» من إخراجه وكان مخرجا عبقريا، وهو السبب الأساسى فى نجاح فرقة ثلاثى أضواء المسرح، ويستحق التكريم».
المشهد الأخير.. كان فيلم « لسنا ملائكة» الذى عرض عام 1970 آخر أفلام الضيف أحمد، وفى هذا الفيلم يتضح تطور أداء الضيف أحمد ويظهر فيه وجهاً آخر من مواهبه التمثيلية وقدرته على أداء المشاهد التراجيدية، بالرغم من أنه فيلم كوميدى، حيث كان الثلاثى يؤدون فى هذا الفيلم أدوار ثلاثة مساجين يثيرون الشغب فتقرر إدارة السجن نقلهم إلى سجن أبو زعبل وفى الطريق تتعطل سيارة الترحيلات وينزل السجناء وحارسهم فى ضيافة إحدى الأسر التى تعانى من مشكلات بسبب رهن منزلهم وتتطور الأحداث ويساعد السجناء الثلاثة هذه الأسرة فى حل مشكلاتها، ورحل الضيف أحمد قبل تصوير آخر مشاهده فى الفيلم، لذلك أضيف حوار بين طفلة والفنان جورج سيدهم فى نهايه الفيلم يلمح لوفاته:
الطفلة : انتوا ماشيين يااونكل
جورج : أيوة ياحبيبتى
الطفلة : ومش هترجعوا تانى
جورج: لا دى آخر مرة
الطفلة :.ليه
جورج : اصل عندنا شغل فى حتة بعيدة أوى
الطفلة: طيب تعالوا تانى بعد ما تخلصوا شغل
جورج: هتكون فاتت سنين وسنين ومش هيبقى فاضل من كل واحد فينا غير اسمه
الطفلة : أمال فين أونكل رمضان عايزة أشوفه
جورج متأثرا: رمضان أجازته خلصت وسبقنا عالشغل
الطفلة: ياخسارة كان نفسى أسلم عليه
جورج : وإحنا كمان بس ملحقناش ، ثم يبكى هو والفنان حسن مصطفى،
وخلال أحداث الفيلم ترى الضيف يؤدى بعض المشاهد بطريقة مختلفة عن أدائه الكوميدى المعتاد، تتعجب حين تستمع إلى ذاك الحوار الذى يأتى على لسان الضيف أحمد الذى جسد شخصية السجين رمضان خلال اسكتش « العمر كله ليلة» الذى أداه الثلاثى فى مشهد من المشاهد داخل السجن، وكأنه يتوقع نهايته وخاصة تلك العبارة التى يقول فيها: الأمل إن انت تبنى وتشوف اللى اتبنى، لكن أنت مش هتلحق ولا هو ولا أنا.
رحل الفنان الكبير الموهوب الضيف أحمد بشكل مفاجئ فى أوج شهرة ونجاح فرقة ثلاثى أضواء المسرح بعد عودته من الأردن وكان يقوم ببروفات مسرحية «الراجل اللى جوز مراته»، التى عمل بها كمخرج وممثل، وفجأة وبعد عودته لمنزله شعر بإعياء وأصيب بأزمة قلبية رحل على أثرها قبل إسعافه عن عمر لا يتجاوز 33 عاماً تاركاً زوجة عاش معها 4 سنوات فقط وابنته رشا قبل أن تكمل عاما ونصف العام من عمرها، وأحلاما وخططا كبيرة لم يكملها.
كان الضيف قائدا وعنصرا هاما وأساسيا فى فرقة ثلاثى أضواء المسرح أشهر فرقة كوميدية فى مصر والعالم العربى وتنطبق عليه جملته التى قالها فى إحدى حفلات أضواء المدينة حين وقف بين زميليه جورج وسمير ليقول سيداتى انساتى»، وحين قاطعاه مرتين قائلين: «سادتى»، نظر إليهما قائلا: «سيبونى أقول الجملة كلها لوحدى لو سمحتوا.. أنا جى أقول الجملة دى بس.. أنا جى أقدمكم و ماشى وانتوا اللى هتشتغلوا أنا ماعنديش وقت».
وفى النهاية نتساءل ألم يحن الوقت لتكريم اسم وفن الفنان الموهوب الضيف أحمد الذى لم يتم تكريمه منذ رحيله وحتى الآن فى أى مهرجان مسرحى أو سينمائى رغم دوره وما قدمه فى السينما والمسرح من أعمال، ورغم كونه أحد رموز الفن والكوميديا فى مصر والعالم العربى؟