هدنة تلو الأخرى، لكن لم تهدأ الأزمة السودانية المشتعلة منذ أبريل الماضى بين الجيش وقوات الدعم السريع، وعلى مدار 64 يومًا لم تتوقف الاشتباكات والمواجهات بين الطرفين، ومنذ الوهلة الأولى بدأت الدولة المصرية فى التعامل بكل حكمة وثبات مع الأزمة، وأثبتت قيادتها لأفريقيا وكونها السند للأشقاء فى السودان وظفت مؤسساتها للتعامل معها، من خلال التحركات الدبلوماسية لاحتوائها، فى إطار ريادة القاهرة ودورها الإقليمى المعهود فى القارة السمراء، وتمسكها بمبادرة "اسكات البنادق" تلك التى تبنتها الدولة المصرية عام 2019، لإنهاء النزاعات والحروب بالقارة.
وتمتلك الدولة المصرية رؤية لحل الأزمة، وتتضمن التوصل لوقف شامل ومستدام للإطلاق النار وبما لا يقتصر فقط على الأغراض الإنسانية، وذلك وفقا ل تقريرا تليفزيونيا عرضته قناة "إكسترا نيوز" حول"الرؤية المصرية لحل الأزمة السودانية".
وترى الدولة المصرية ترى وجوب الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية فى السودان، والتأكيد على أن الأزمة فى السودان أمر يخص الأشقاء السودانيين، وتؤكد مصر احترامها لإرادة الشعب السودانى، بحسب التقرير.
ولفت التقرير إلى رؤية مصر فى عدم التدخل فى شئون السودان الداخلية، وعدم السماح بالتدخلات الخارجية فى أزمة السودان الراهنة، وضرورة التنسيق مع دول الجوار لتدارك التداعيات الإنسانية للأزمة ومطالبة الوكالات الإغاثية والدول المانحة بتوفير الدعم اللازم لدول الجوار.
ووفقت مصر على الحياد فى الأزمة بين الطرفين، ترجمت مصر رؤيتها على أرض الواقع، والتى تقوم على عدم التدخل فى شئون السودان والانحياز لأى طرف على حساب الطرف الاخر، وذلك من خلال تواصل المسئولين المصريين مع طرفى الأزمة، وجائت زيارة "مالك عقار"، نائب رئيس مجلس السيادة السودانى، إلى القاهرة فى هذا الاطار، حيث التقى الرئيس السيسى لعرض لتطورات الأوضاع، وأوضح مجريات الجهود الرامية لتسوية الأزمة، وعلى النحو الذى يحافظ على وحدة وتماسك الدولة، فضلاً عن سبل التعاون والتنسيق لإيصال المساعدات الإنسانية وتقديم الإغاثة.
وفى مايو الماضى، أجرى وزير الخارجية سامح شكرى، اتصالات هاتفية مع كل من الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالى السوداني، والفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع، أعرب مع الجانبين على قلق مصر البالغ نتيجة استمرار المواجهات العسكرية، وما أسفرت عنه من وقوع ضحايا أبرياء، وتعريض أمن واستقرار السودان لمخاطر بالغة، مناشدًا بالوقف الفورى لإطلاق النار حفاظًا على مقدرات الشعب السودانى الشقيق، وإعلاء المصلحة الوطنية العليا بحسب متحدث الخارجية السفير أحمد أبو زيد.
ولأن استقرار السودان والمحيط الأفريقى لمصر يعد أحد أهم مرتكزات الأمن القومى المصرى، فإن الدول المصرية التى بذلت الكثير نم الجهود لاحتواء الأزمة والحيلولة دون الدخول فى نفق الحرب الأهلية المظلم، كانت ولاتزال تساند الدولة السودانية، على نحو ما طالب الرئيس عبد الفتاح السيسى الأطراف السودانية بتغليب لغة الحوار والتوافق الوطني، وإعلاء المصالح العليا للشعب السودانى الشقيق، خلال اتصالاً هاتفياً من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش.
ولم تتخلى مصر عن أشقاءها، بل فتحت أبوابها للشعب السودانى للفرار من جحيم الحرب، وما خلفه من مشاهد دمار وترويع، وعبر أكثر من 70 ألف شخص إلى مصر من منفذى قسطل وأرقين - خلال الفترة من 15 أبريل إلى 7 مايو - فرارا من الحرب الدائرة فى السودان، بحسب وزارة الخارجية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وقامت وزارة التضامن الاجتماعى من خلال جمعية الهلال الأحمر المصرى بالتنسيق مع نظيرتها السودانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر والسفارة المصرية فى السودان ومع كافة أجهزة الدولة للوقوف على تطورات الأحداث أولا بأول وتقديم كافة أشكال الإغاثة الإنسانية والطبية والاجتماعية والتى شملت الآتي: استقبال جميع العالقين وإنهاء جميع الإجراءات المالية بأيسر السبل.
بالاضافة إلى تجهيز وسائل النقل من المعبر إلى مدينة أسوان والمحافظات الأخرى؛ توفير وسائل الاتصالات من خطوط تليفون وإنترنت كى يطمأن العالقون على ذويهم؛ قيام الهلال الأحمر المصرى بتنفيذ حملة إلكترونية استهدفت الطلبة والطالبات والجاليات العربية للتوعية بمعايير السلامة والصحة المهنية؛ استقبال الشكاوى من النازحين من خلال غرفة العمليات التى تعمل على مدار الساعة لتقديم الدعم النفسي، وتوجيههم للطرق الآمنة للخروج طبقا لما أقرته الدولة المصرية".
كما أقامت جمعية الهلال الأحمر المصرى مركزا إغاثيا إنسانيا فى معبر أرقين الحدودى مع السودان، وذلك لمساعدة الجالية المصرية والطلبة المصريين القادمين من السودان ومساعدتهم على استكمال رحلاتهم حتى الوصول لمنازلهم سالمين".