عاطف الطيب أحد أعظم المخرجين السينمائيين الذين أنجبتهم مصر على مر التاريخ السينمائى، ورغم وفاته المبكرة، وأعماله السينمائية التى لم تتخط الـ29 فيلما سواء مخرجا أو مساعد مخرج، إلا أنه استطاع أن يضع بصمة واضحة، وأن يفرض أسلوبه فى مدرسة السينما الواقعية مع كل من محمد خان وخيرى بشارة.
عمل عاطف الطيب - الذى تمر اليوم ذكرى وفاته - مع كبار نجوم السينما فى ذلك الوقت وعلى رأسهم نور الشريف وأحمد زكى ومحمود عبد العزيز ولبلبة وشيريهان ونبيلة عبيد، ومن المؤلفين عمل مع وحيد حامد ومصطفى محرم وأسامة أنور عكاشة وغيرهم، ولقب بمخرج الغلابة، إذ استطاع أن يترك بصمة كبيرة فى وجدان المصريين، تلك الأعمال التى تعد علامة من علامات السينما المصرية، ويكمن تميزه فى استطاعته طرق باب الغلابة من خلال الأعمال التى قدمها ومناقشته لقضايا واقعية بكل بساطة استطاع من خلالها أن يحظى على تعاطف المتفرج وأن يجعله يبكى دون فلسفة.
وعن طبيعة تعاونهما معًا فى أعمالهما، أشار بشير الديك فى تصريحات تليفزيونية إلى أنه كان لا يتدخل فى كتابة سيناريو الأفلام التى جمعتهما معًا، واصفًا إياه بـ"توأم روحه"، مشيرًا إلى أنهما كانا يفكران فى نفس الشىء فى نفس التوقيت، موضحًا أن هذا "التماهى الروحى والثقافى"، هو ما جعلهما يتعاونان معًا فى 7 أفلام مختلفة، منها: "سواق الأتوبيس" أول أفلامه الناجحة عام 1982، بعد فيلم "الغيرة القاتلة" الذى لم يحقق النجاح المرجو وقتذاك، وآخر أفلامه "جبر الخواطر"، الذى عُرض عام 1998.
برزت الواقعية الحديثة فى سينما عاطف الطيب نتيجة للاهتمام بالديكور وزوايا الكاميرا وحجم اللقطات المستخدمة لتصوير انفعالات الشخصيات، وعاونه في التعبير السينمائي بشكل جيد، المصور السينمائي الشهير سعيد شيمي، الذي جمعته أعمال سينمائية مهمة مع "الطيب" إلى جانب ذكريات إنسانية كثيرة معه.
بدأت علاقة "شيمي" بـ"عاطف الطيب" خلال فترة الدراسة في معهد السينما، وامتدت بعد ذلك إلى أن عملا معًا فى 8 أفلام متميزة ومختلفة، وبحسب ما روى "شيمي" في تصريحات سابقة، أوضح أنه تفاجأ بمهارات "الطيب" الإخراجية بعد تعاونهما الأول في فيلم "الغيرة القاتلة"، مشيرًا إلى أنه لم يتوقع أحد له بذلك أثناء فترة الدراسة.
ونتيجة لعلاقتهما الخاصة، قرر "شيمي" توثيق أسرار أعمالهما الفنية وكواليس التصوير، في كتاب "أفلامي مع عاطف الطيب"، الذي نُشر لأول مرة بواسطة الهيئة العامة لقصور الثقافة.
محمد خان قال عن عاطف الطيب: "اتعرض علينا أنا وهو وخيرى بشارة ، نعمل 3 أفلام قصيرة عن تنظيم الأسرة عشان كنا محتاجين فلوس وقتها ، وفكرة عاطف كانت أحلى واحدة فينا وأقواها ، كانت فكرته حول طفل من مدينة صغيرة ينتمى لأسرة لديها الكثير من الأطفال ونسى والداه أن يشتريا له حذاء فى العيد وذلك لكثرة أطفالهم".
ولد المخرج الكبير عاطف الطيب فى سوهاج فى 26 ديسمبر عام 1947، وعمل أثناء الدراسة مساعداً للإخراج مع مدحت بكير في فيلم (ثلاثة وجوه للحب عام 1969)، وفيلم (دعوة للحياة عام 1973).
عمل أيضاً مساعداً للمونتاج مع كمال أبو العلا، ثم عمل مع شادي عبد السلام ويوسف شاهين بعدما درس فى قسم اﻹخراج بالمعهد العالي للسينما. مما أكسبه خبرات عديدة أهلته للتألق بدور المخرج بعدها.
قدم المخرج الراحل 21 فيلما في 15 عامًا، دخل 3 منها ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.
من أهم أعمال المخرج الراحل عاطف الطيب فيلم البرىء، ضد الحكومة وسواق الأتوبيس ، كشف المستور ، أبناء وقتلة ، الحب فوق هضبة الهرم ، كتيبة الإعدام ، ملف فى الآداب، ليلة ساخنة.
عانى في صغره من حمى روماتيزمية لم يتم علاجها بشكل جيد، ما سبب له في الكبر أزمة في القلب، ثم أصيب بمرض السكر.
رفض المخرج الراحل عاطف الطيب فكرة السفر إلى ألمانيا للعلاج على نفقة الدولة، مشددًا على أن "الغلابة" الذين دافع عنهم في أفلامه أولى منه، وأقنعه أحد الأطباء أن العملية من الممكن إجراؤها في مصر، وهي العملية التي استمرت لساعات بسبب خطأ طبي رفض الاعتراف به الطبيب المعالج لتكون هي النهاية ويتوفى في 23 يونيو من عام 1995 تاركًا خلفه آخر أفلامه "جبر الخواطر" الذي لم يتمكن من إنجازه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة