سجلت أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعى ارتفاع جديدا بنسبة تصل إلى 77% الشهر الجارى فقط ، وهو ما ينذر بتقلبات اسعار الغاز فى اوروبا ، والذى يعود الى العديد من الأسباب من أبرزها تأخر النرويج فى مراجعة منشأة نايهاما التى عانت من وضع غير مستقر. وارتفع السعر من الحد الأدنى البالغ 23.69 يورو في 2 يونيو إلى الحد الأقصى البالغ 41.14 يورو المسجل في 15 يونيو ، وهو أعلى مستوى له منذ 19 أبريل.
ويحذر عدد من التقارير من أن سوق الغاز لا يستبعد احتمال حدوث أزمة طاقة جديدة فى أوروبا، بسبب ارتفاع أسعار الغاز بسبب سلسلة من الانقطاعات الطفيفة لمنشآت الغاز فى النرويج والإغلاق المخطط له لمنشأة معالجة رئيسية فى هولندا، وهو ما يؤدى بطبيعة الحال إلى تهديد واضح للصناعات فى اوروبا.
وأشارت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية إلى أن أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي سجلت ارتفاعاً بنسبة تصل إلى 20 % خلال يوما واحدا الاسبوع الماضى في بعض أوقات التعاملات الأوروبيةلتسجل أكبر ارتفاع يومي لها منذ مارس الماضي في ظل مؤشرات على نقص إمدادات الغاز الطبيعي المسال في الأسواق مع احتمالات تعافي الطلب في آسيا.
يعلق جاكوب ماندل ، كبير الباحثين في أسواق الطاقة العالمية في شركة Aurora Energy Research ، قائلاً " رغم ارتفاع الاسعار الا اننا نتوقع أن تظل أسعار الغاز منخفضة خلال فصل الصيف بسبب مستويات التخزين المرتفعة في أوروبا ، باستثناء المزيد من الاضطرابات ، ولكن من المرجح أن ترتفع في الشتاء ، عندما يصبح الطقس بارداً ولا يكون أمام أوروبا خيار سوى التنافس مع الأسواق الآسيوية على شحنات الغاز الطبيعي المسال المحدودة ".
وأكد بيدرو ديل بوزو ، مدير الاستثمارات المالية في Mutualidad de la Abogacía ، أنه في رأيه "هناك عدة أسباب تفسر الارتفاع الكبير في أسعار الغاز في الأسابيع الأخيرة. أولاً ، هناك شيء شائع في هذا الوقت ، نحن كاملون حملة تعبئة المخزون في أوروبا وقبل كل شيء في آسيا ، وفي الحالة الأخيرة ، نرى عودة معينة للغاز من مصادر الطاقة البديلة الأخرى ، نظرًا لتكلفته المنخفضة مقارنة بالأشهر الأخيرة.
وأوضحت صحيفة " إيه بى سى " الإسبانية أنه يبدو أن واردات أوروبا من الغاز الروسي أمام معضلة جديدة بعد تصريح وزير الطاقة الأوكراني جيرمان جالوشينكو بأن تجديد عقد نقل الغاز من روسيا إلى أوروبا عبر أوكرانيا أمر مستبعد.
وقال الوزير الأوكرانى، إن أحد آخر الشرايين التي تغذي أوروبا بالغاز الروسى قد يتوقف بحلول نهاية العام المقبل (2024) ، فور انتهاء العقد مع عملاقة الطاقة الروسية جازبروم، مضيفا أن فرص موافقة كييف وموسكو على تجديد عقد نقل الغاز لمدة 5 سنوات، والموقّع لأول مرة في عام 2019، باتت ضئيلة، على الرغم من أن المسار يمثل قرابة 5% من إجمالي واردات أوروبا من الغاز.
ومن ابرز اسباب ارتفاع الاسعار أيضا ، هى التى تعود للحكومة الهولندية فى قرارها بوقف إنتاج الغاز الطبيعي من حقل جرونينجن شمال البلاد في مطلع شهر أكتوبر المقبل، بعد 60 عاما من بدء الإنتاج من الحقل، وكان قرار إخراج الحقل من الخدمة متوقعا بعد الأضرار الجسيمة الناتجة عن عدة زلازل خلال السنوات الماضية، حيث إن سبب استخراج الغاز من هذا الحقل حوالي 1600 زلزال في المنطقة منذ 1986.
وتضررت عشرات الآلاف من المباني بشدة بسبب الزلازل، في حين تضرر حوالي 100 ألف شخص من هذه الزلازل.
وفي 2018 قالت الحكومة إنها ستوقف إنتاج الغاز من الحقل بحلول 2023، لكن نشوب الحرب الروسية الأوكرانية في أواخر فبراير 2022 وتفجر أزمة طاقة حادة في أوروبا بسبب الحرب وتوقف أغلب إمدادات الغاز الروسي إليها، أرجأت الحكومة الهولندية وقف تشغيل الحقل.
وقال هانز فيلبريف وزير الدولة المسؤول عن الملف في مدينة لاهاي اليوم: سنغلق بالفعل صمامات الحقل، وذلك في إشارة إلى وقف الإنتاج، وفي الوقت نفسه سيظل الحقل في حال استعداد للعودة للعمل كاحتياطي طوارئ، لمواجهة أي اختناقات حادة في إمدادات الغاز خلال العام المقبل، عندما يبدأ تفكيك منشآته.
وقال الوزير إن إمدادات الغاز في هولندا آمنة ولن تتأثر بقرار وقف الإنتاج من الحقل، ووفقا للتقديرات، فإن الحقل مازال يحتوي على 450 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وهو ما يكفي لتغطية استهلاك هولندا لمدة 10 سنوات.
يذكر أنه تم اكتشاف الحقل في 1956 ثم بدأ الإنتاج منه عام 1963 ليجعل هولندا ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي في أوروبا بعد النرويج.
ووأوضحت صحيفة "الاكونوميستا" الإسبانية فى تقرير لها أن رد الفعل هذا يظهر مدى حساسية سوق الطاقة فى أوروبا الآن ومدى هشاشتها فى مواجهة أى تهديد بتعطيل إمدادات الغاز إلى المنطقة، فى حين تجدر الإشارة إلى أن الإصدار يسلط الضوء على بعض الظروف المواتية، مثل مستوى ملء مرافق التخزين والطلب الآسيوى الضعيف، لا يزال تقلب سوق الغاز ثابتًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة