يوم عرفة أحد أقدس أيام العام في الإسلام، إذ يقف الحجاج على جبل عرفة حيث أن الوقوف بعرفة يعد أهم أركان الحج، ويقع جبل عرفة شرق مكة على الطريق الرابط بينها وبين الطائف، وهوالركن الأعظم من أركان الحج، والذى يأتى فى التاسع من ذى الحجة من عام هجرى، وهو يبدأ مع شروق شمس يوم التاسع من ذى الحجة يخرج الحاج من منى متوجهاً إلى عرفة للوقوف بها.
هذا الطقس الذى عرفه المسلمون قبل أكثر من 1400 عاما عندما فرض الله على عباده المؤمنين أداء فريضة الحج لمن استطاع إليها سبيلا، لكن قبل الإسلام هل عرف العرب في الجزيرة العربية قبل الرسالة المحمدية الوقوف بجبل عرفة، وهل كانت لهم طقوسهم الخاصة في هذا اليوم؟
يقول المؤرخ العراقي الدكتور جواد على، في كتابه "المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام"، إن "عرفة" أو "عرفات" كان من المواضع التى كان يقدسها أهل الجاهلية، وكان له ارتباط بصنم من الأصنام، وصار جزءاً من أجزاء مناسك الحج وشعائره عند الجاهلية، ويقف الحجاج موقف عرفة من الظهر إلى وقت الغروب، وقد يكون لموقف الجاهليين فى عرفة وقت الغروب علاقة بعبادة الشمس، فإذا غربت الشمس اتجه الحجاج إلى "المزدلفة".
ويذكر أهل الأخبار أن "قصى بن كلاب" الجد الرابع للنبى محمد صلى الله عليه وسلم، كان قد أوقد ناراً على "المزدلفة" حتى يراها من دفع من عرفة، وأن العرب سارت على سنته هذه، وبقيت توقدها حتى فى الإسلام، وقد ذكر علماء اللغة اسم جبل بالمزدلفة دعوه "قزحاً"، قالوا إنه "هو القرن الذى يقف عنده الإمام"، وذكروا أن "قزح" اسم شيطان، ونحن نعرف اسم صنم يقال له "قزاح"، قد تكون له صلة بهذا الموضع.
ورد فى روايات أخرى، أن قريشاً وكل حليف لهم وبنى أخت لهم، لا يفيضون من عرفات، إنما يفيضون من المغمس، وورد أن قريشاً وكل ابن أخت وحليف لهم، لا يفيضون مع الناس من عرفات، يقفون فى الحرم ولا يخرجون منه، يقولون: إنما نحن أهل حرم الله، فلا نخرج من حرمه، وأنهم - قالوا "نحن بنو إبراهيم وأهل الحرمة وولاة البيت، وقاطنوا مكة وساكنوها، فليس، لأحد من العرب مثل حقنا، ولا مثل منزلنا، ولا تعرف له العرب مثل ما نعرف لنا، فلا تعظموا شيئاً من الحل، كما تعظمون الحرم، فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمكم، وقالوا: قد عظموا، من الحل مثل ما عظموا من الحرم فتركوا الوقوف على عرفة والإفاضة منها"، وذكر أن قريشاً ومن دان بدينها تفيض من "جمع" من المشعر الحرام، و"جمع" المزدلفة.