فى أجواء روحانية، مفعمة بالإيمان، تعالت أصوات الحجاج بمشعر عرفات "لبيك اللهم لبيك"، حيث اكتسى عرفات باللون الأبيض، فوقف الحجيج على جبل الرحمة، يستعدون لأداء صلاة الظهر والعصر جمع تقديم بمسجد نمرة فى مشهد مهيب.
وزحف الحجاج المصريون إلى مسجد نمرة منذ الصباح الباكر لأداء صلاتى الظهر والعصر اقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم، حيث يعد مسجد "نمرة" من أهم المعالم فى مشعر عرفات وبه يصلى عشرات الآلاف من ضيوف الرحمن صلاتى الظهر والعصر فى يوم عرفة جمعا وقصرا، اقتداء بالرسول صلى عليه وسلم، وبنى المسجد فى الموضع الذى خطب فيه الرسول عليه الصلاة والسلام فى حجة الوداع، فى أول عهد الخلافة العباسية منتصف القرن الثانى الهجرى، ويقع إلى الغرب من المشعر وجزء من غرب المسجد فى وادى عرنة وهو وادى من أودية مكة المكرمة الذى نهى عليه الصلاة والسلام من الوقوف فيه، حيث قال المصطفى صلى عليه وسلم، "وقفت هاهنا وعرفات كلها موقف إلا بطن عرنة"، وبطن وادى عرنة ليس من عرفة، ولكنه قريب منه.
وزار الحجاج المصريون أثناء تواجدهم فى عرفات جبل الرحمة الواقع فى عرفات قبل بدء مناسك الحج، والتقطوا الصور التذكارية نظراً لأهميته الدينية والتاريخية، حيث يعد جبل الرحمة واحداً من أشهر جبال مكة وأهم مزاراتها، وهو أشهر مكان فى مشعر عرفات بعد مسجد نمرة ويقع على الطريق بين مكة والطائف، كما أنه من أبرز معالم جبل عرفات، ويتطلع الحجاج للوقوف على "جبل الرحمة" بعرفات خلال أدائهم مناسك الحج تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم الذى وقف عليه وألقى منه خطبة الوداع.
وحرص حجاج بيت الله الحرام على الدعاء والتضرع لله سبحانه وتعالى طمعاً فى الرحمة والمغفرة، حيث يتكون جبل الرحمة من أكمنة صغيرة مستوية السطح وواسعة المساحة مشكلة من حجارةٍ صلدةٍ ذات لون أسود كبير الحجم، ويقع إلى الناحية الشرقية من جبل عرفات بطولٍ يبلغ 300 متر، ومحيطه 640 مترًا وترتفع قاعدة الجبل عن الأرض المحيطة به بمقدار 65 مترًا وتوجد على قمة الجبل شاخصٌ يبلغ ارتفاعه 7 أمتار، ويُطلق على هذا الجبل العديد من الأسماء كجبل إلال، وجبل التوبة، وجبل الدعاء، والنابت، وجبل القرين.
وفى أجواء روحانية يتحرك الحجاج المصريون مع غروب الشمس من عرفات نحو المزدلفة، امتثالا لقوله تعالى "فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام"، "ويمر الحجاج المصريون بـ"المزدلفة" ثالث المشاعر المقدسة، فى رحلة إيمانية يؤدون فيها مناسك الحج، وتقع بين مشعرى منى وعرفات، ويؤدون فيها صلاتى المغرب والعشاء جمعًا وقصراً ويجمعون فيها الحصى لرمى الجمرات بمنى، ويمكث فيها الحجاج حتى صباح اليوم التالى يوم عيد الأضحى ليفيضوا بعد ذلك إلى منى.
والمبيت بمزدلفة واجب، من تركه فعليه دم، والمستحب الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فى المبيت إلى أن يُصبح، ثم يقف حتى يسفر، ولا بأس بتقديم الضعفاء والنساء، ثم يدفع إلى منى قبل طلوع الشمس.
وتحرص وزارة الداخلية، بناءً على توجيهات اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، على تقديم تسهيلات لحجاج بيت الله الحرام أثناء أدائهم المناسك المختلفة، من خلال توفير حجز بفنادق تطل على الحرم المكي والمدني مباشرة، مما يساهم فى تخفيف العبء عنهم أثناء التحرك، خاصة مع كبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة، وذلك بناءً على توجيهات اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، بتوفير كافة سُبل الراحة لضيوف الرحمن، وخلق مناخ طيب لهم لأداء المناسك بسهولة ويُسر.
وتوفر بعثة الحج عددا كبيرا من العيادات الطبية داخل الفنادق التى يقيم بها الحجاج المصريين، وذلك لفحص المرضى والأشخاص الذين يتعرضون لوعكات صحية مفاجئة، وصرف الأدوية لهم بالمجان، فضلاً عن توفير فريق طبى من قطاع الخدمات الطبية بوزارة الداخلية مجهز بسيارة إسعاف لمصاحبة البعثة، وتقديم الخدمة الطبية للحجاج كبار السن فى مناطق سكنهم، سواء بمكة المكرمة أو بالمدينة المنورة.
ولا تكتفى بعثة الداخلية بذلك، وإنما يتم الاتفاق مع علماء من الأزهر والأوقاف لشرح المناسك للحجاج وتعريفهم بها، والإجابة عن أية استفسارات قد تشغل بال الحاج طوال فترة الرحلة المقدسة، ويتم الاستعانة بالشرطة النسائية لمساعدة السيدات من كبار السن والمرضى فى أداء المناسك بسهولة ويسر، خاصة أثناء التحرك من مكان لأخر.
وفى منظومة متناغمة ومتناسقة تسابق وزارة الداخلية الزمن، وتطوع التكنولوجيا لصالح ضيوف الرحمن والتسهيل على الحجاج، ليس تسكينا وتفويجًا فحسب؛ ولكن منظومة كاملة تطبقها وزارة الداخلية لبعثة حجاج القرعة هذا العام ؛ تعتمد على متابعة ورعاية الحجيج صحيا ونفسيا وخلق مناخ طيب لهم لأداء العبادة بسهولة يسر، فبمجرد إعلان فوز الحاج فى حج القرعة، وعقب قيامه بالإبلاغ عن ظروفه الصحية، يقوم قطاع الخدمات الطبية بتسجيل بياناته كاملة والتنسيق مع السلطات السعودية ومتابعته طبيا ونفسيا للتأكد من حصوله على الخدمة الطبية المناسبة لحالته الصحية.
وتخصص بعثة الداخلية غرفة عمليات بالأراضي المقدسة لمتابعة أحوال الحجاج على مدار 24 ساعة وتتابع الحجيج منذ مغادرته مطار القاهرة الدولي حتى وصوله إلى الأراضي المقدسة، فى إطار توجيهات اللواء محمود توفيق وزير الداخلية بتسخير كافة الإمكانات لرعاية الحجيج نفسيا ودينيا وصحيا، ويتم ربط غرفة العمليات المركزية بمكة المكرمة مع الإدارة العامة للشئون الإدارية بوزارة الداخلية لمعرفة كافة البيانات عن الحجاج بدءا من مواعيد مغادرتهم من القاهرة وحتى وصولهم إلى الأراضي المقدسة وتسكينهم في فنادقهم سواء بمكة المكرمة أو المدينة المنورة، فضلا عن تخصيص عدد من الضباط ليكونوا في استقبالهم بمطار جدة أو الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة، وتناشد بعثة حج الداخلية دوما جميع ضيوف الرحمن، الالتزام بتعليمات بعثة الحج، التي هي جميعها في صالحهم، لأنها تضمن راحتهم وسلامتهم وتمكنهم من أداء المناسك في سهولة ويسر، وعدم الانشغال عن أداء الفريضة، والتركيز فقط على أداء المناسك.