نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية، ضمن فعاليات منتدى الثلاثاء، شارك فيها الشعراء محمد أحمو الأحمدي من المغرب، وإباء الخطيب من سوريا، والدكتور مجدي الحاج من السودان، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر.
وقد حلقت قصائد الشعراء بشكلها الجمالي في فضاء الخيال لترسم لوحة محتشدة بالصور المبدعة والأخيلة المغايرة والتي تفاعل الجمهور معها في ليلة شعرية كشفت عن دور الشعر في المشهد الثقافي وضرورته في إبراز قدرات الشعراء لتعميق الحس الجمالي بالكلمات، وقد تفاعل الجمهور الذي لم تتسع له قاعة بيت الشعر مع قصائد الشعراء.
قدم الأمسية الشاعر محمد الجبوري الذي بدوره عبر عن امتنانه للدور الكبير الذي يرسخه صاحب الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في المشهد الثقافي من خلال اهتمامه ورعايته للشعر والشعراء، وما يقوم به بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة من جهود في تقديم فعاليات وأنشطة شعرية مستمرة.
في بداية الأمسية قرأ محمد أحمو الأحمدي قصيدة حملت عنوان "مريد الحضرة" التي تكشف عن جوانب وجدانية تطل بشكلها الجمالي لتتوحد في فكرة دار حولها الشعراء بشغف وحب تتمثل في مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لكن الشاعر أحسن الاستهلال وكثف جمله الشعرية فأوحى إلى الملتلقين بصور يسكنها الجلال وبأسلوب عفوي مترع بالدهشة والصدق والشفافية ومفردات نورانية عذبة تمتلك القدرة على تجديد خلايا الحياة فيقول:
أقبلتُ عن شوقٍ إليهِ مُريدا
أرجُو من الحُبِّ الحلالِ مَزيدا
أقبلتُ عن شوقٍ ولكِنْ لَمْ يَزَلْ
قلبي عن السيرِ النبيلِ بَعيدا
كهفُ الْغوايةِ مُوحِشٌ إظْلامُهُ
يا ضوءُ.. كَمْ كانَ الصباحُ حَميدا؟
نورا على نورٍ.. تجَلَّى قلبُهُ
للتَّائبينَ فأدْمنُوا التَّحميدا
ثم قرأ قصيدة "زَقْزَقَة" التي تحمل مفارقات تختزل عدة مشاهد تمثل رؤيته لواقع مأمول تتنازعه حالات من الفرح والمحبة الفياضة وفيها يقول:
وأزهرتِ الحياةُ بكل لونٍ
من الزهرِ الجميلِ المستطاب
يُـغنِّي للمحبةِ كُلُّ قلبٍ
خَفيفِ الظِّلِّ مَحْرُوسِ الْجَوَابِ
لكلِّ الناسِ غاياتٌ وخَيْلٌ
وبَـوْصَلَةٌ تَئِنُّ مِنَّ الصِّعَابِ
ولي شِعرٌ يُضيءُ سماءَ رُوحِي
ويَحمِلُنِـي إلى مُدُنِ السَّحَابِ
أنامُ على الْحَقيقةِ مُسْتَرِيحًا
وأعلَمُ أنَّها في كُلِّ بابِ
الأمسية الشعرية
ثم قرأت الشاعرة إباء الخطيب عدداً من القصائد منها "ما بعد النبوءة" التي تلخص حالة الفقد الذاتية تلك التي تتلبس الشاعرة ووتنمحها بصيرة أخرى في التحليق نحو عوالم غائبة وعلى الرغم من التحليق بهذا النوع من البوح إلا أن مفردات الشاعرة كان لها بريق خاص اشتملت على دلالات موحية مثلت نموذخا التصويري المتوهج فتقول:
غداً سأغيبُ سوف تصيرُ روحي
فراشاتٍ بأوردةِ الصبايا
وحين ترفّ أمنيتي ستصحو
لتمنحهنَّ أجنحةَ الخبايا
سأنشلُ صرخة ًمن قعرِ خوفي
ومن خجلي المعشش في الشظايا
وسوف أحوك من أوصال قلبي
لأولادي سلالاً من هدايا
ثم قرأت إباء الخطيب قصيدة أخرى حملت عنوان " يعبرنا الحب نديًّا" التي اكتفت فيها باستدعاء ذاكرة الحنين واختلاجاته الحميمة وفيها تقول:
شكرًا لمائكَ مثلُ مائِكَ يُشْـكَرُ
فيه انبعــــاثٌ للشــــــــذا؛ وتَكَــوْثُرُ
العــــمرُ فاضَ لِمُــــنْــتهاهُ ولم يَعُدْ
في الصبرِ مُتّسعٌ لِتــنْـبُـــتَ أشْهرُ
وحدي أشعْوذُ بالقصائد والمُنَــى
وأَمد ُّضـوءكَ... للسّـراة لِيُـزهروا
وألقي الشاعر د. مجدي الحاج ثالث شعراء الأمسية قصيدة بعنزان "دراويش" تجلت فيها المفردة وأعلنت عن ارتباطها الروحي وهي تصور مشهداً نورانياً، منها:
جَاؤُوا مَعَ الْفَجْرِ بَيْنَ الطَّمْيِ قَدْ وُلِدُوا
مُذْ كَانَ لِلأَرْضِ فِي اسْتِشْرَافِهِمْ مَدَدُ
كَانُوا مُنَاوَرَةً لِلْحُبِّ مَا اكْتَمَلَتْ
لَكِنَّهُمْ بِجَمَالِ الْحُبِّ قَدْ وُجِدُوا
وَالْكُلُّ يَعْرِفُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ نَفَرٌ
كَالْأَنْبِيَاءِ وَهُمْ فِي حُسْنِهِمْ مَرَدُوا
ثم قرأ قصيدة بعنوان "خروج على الذات" التي يسجل فيها الشاعر تراكمات الذات ومدلولاتها وكأنه يرثي الأفكار لكنه يستضئ بالمعنى بأسلوب سهل تلقائي رغم حمولة المعاني وتدفقها فتفيض الدلالات في بنية شعرية متماسكة وفيها يقول:
هَذَا أَنَا.. غَجَرِيَّةٌ أَفْكَارُ رُوحِيَ رُبَّمَا..
هَمَجِيَّةٌ تِلْكَ الطُّقُوسُ الْهَائِمَاتُ بِفِكْرَتِي..
عَدَمِيَّةٌ مُنْذُ اسْتَضَاءَتْ بِالْعَمَى..
جَفَّتْ عَلَى اللُّغَةِ الْيَبَاسِ قَصَائِدِي..
وَتَبَرَّأَتْ مِنِّي الْقَصَائِدُ رُبَّمَا..
وَلَطَالَمَا انْسَكَبَتْ رُؤَايَ عَلَى دَفَاتِرِ
وَحْشَتِي..
وفي الختام كرم الشاعر محمد عبدالله البريكي شعراء الأمسية ومقدمها.
جانب من الأمسية