علاقات مصرية فرنسية تاريخية وقوية، ظهرت ملامحها مؤخرًا في الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات بين الرئيسين المصرى و الفرنسي، والتي عكست خصوصية العلاقات بين البلدين، وارتقت إلى حد الشراكة الاستراتيجية، لمشاركة مصر في كافة القضايا الإقليمية والدولية.
وقبيل احتفال فرنسا بعيدها الوطنى المسمى بيوم الباستيل، التقى السفير الفرنسي بالقاهرة مارك بريتى، بعدد من المحررين الدبلوماسين، متحدثًا عن مسار العلاقات الثنائية في كافة المجالات الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية والثقافية، ومعددًا الاتفاقات الجديدة التي تمت مشاركة مصر بها.
وأكد السفير الفرنسي بالقاهرة، علي قوة العلاقات التي تطورت حتي وصلت إلي الشراكة الاستراتيجية، التي تستهدف استقرار مصر والمنطقة، وتوطدت هذه العلاقات خلال الأزمات الحالية، حيث ساعدت مصر فرنسا بوجه خاص وأوروبا بوجه عام لمواجهة أزمة الطاقة وقامت بتصدير الكمية الكافية لمواجهة هذه الأزمة، وبدورها دعمت فرنسا القاهرة في الأمن الغذائي ووفرت القمح المطلوب.
وقال السفيرباريتى، إن مصر بلد مهم في المنطقة العربيه والأفريقية وفي منطقة البحر ولديها نفوذ دولي، يدعم دورها في حل الأزمات المحيطه بها في المنطقة بدايه من الصراع الاسرائيلي الفلسطينى، والحرب في السودان، وسوريا وليبيا، وغيرها.
وأشاد السفير الفرنسي، بالعلاقات المصرية الفرنسية في كافة المجالات السياسية والثقافية والتجارية، والتي عكستها الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون إلى مصر نهاية العام الماضى، حيث شارك في أعمال مؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (cop227) بشرم الشيخ، ورافقه خلالها خمسة وزراء، مذكرا بعقد الرئيس الفرنسي على هامش القمة مباحثات مع الرئيس عبدالفتاح السيسى.
كما أشار بريتى، إلى سفر الرئيس عبد الفتاح السيسى، إلى باريس في قمة " الميثاق المالى العالمى" ولقاءه بإيمانويل ماكرون، بما يؤكد على قوة العلاقات، حيث يحرص الرئيسان المصرى والفرنسي على تكثيف الاتصالات واللقاءات والقمم بغية الارتقاء بالعلاقات المتميزة واستمرار التنسيق المشترك وتبادل الرؤى حيال الأزمات التي تشهدها المنطقة، وعلى رأسها الأوضاع في ليبيا وسوريا والعراق ومستقبل القضية الفلسطينية بخلاف ملف الإرهاب أو تلك الأزمات المستجدة وعلى رأسها الغذاء والطاقة.
وأكد السفير على وجود اتفاق حكومي بين البلدين لتشجيع العلاقات الاقتصادية يرمي إلى تمويل فرنسا والوكالة الفرنسية للتنمية مشاريع بقيمة نحو 4 مليار يورو في الفترة ما بين 2021 و2025ـ، بما يعادل الإنفاق سنويًا 250 مليون يورو .
وتحدث السفير الفرنسي بالقاهرة مارك باريتى، عن استثمارات فرنسية داخل مصر، بلغت قيمتها نحو 5.5 مليار يورو في مختلف القطاعات، من بينها النقل ومعالجة المياه، والطاقة، وتصنيع الدواء وتوزيع المنتجات التجارية، والإنتاج الصناعي، من خلال 200 شركة فرنسية، يوفرون 50 ألف فرصة عمل، مشيرًا إلى أن بعض هذه الشركات اتخذت مصر كمقرًا لها في منطقة الشرق الأوسط، كما أن بعضهم يعتزم ضخ المزيد من الاستثمارات في مصر.
وأكد السفير الفرنسي بالقاهرة، تطور العلاقات التجارية بين مصر وفرنسا الفترة الماضية، استطاعت فيها مصر خفض العجز في الميزان التجارى، بفضل صادراتها للغاز الطبيعى التي وصلت إلى 2 مليار يورو، وهو ما يعادل نفس حجم الصادرات الفرنسية .
كما أكد سفير فرنسا بالقاهرة، أن بلاده أصبحت تمثل ثانى أكبر مورد للقمح إلى مصر، حيث تعي باريس بشكل كبير أهمية الأمن الغذائي بالنسبة لمصر، وفى هذا الإطار يتم العمل مع مصر على عدة مستويات أيضا من خلال المشاركة في بناء صوامع لتخزين الحبوب والغلال، وأيضا من خلال تمويل تقوم به الوكالة الفرنسية من أجل التنمية لإنشاء أسواق الجملة لتقليل المهدر عند نقل الحبوب من الحقول إلى الأسواق.
كما أشار مارك إلى التعاون والتنسيق المستمر مع مصر في أزمات المنطقة، مشيدًا بدور مصر في محاولة إعادة الاستقرار في ليبيا، ودعم الحوار الدستوري الذي تم في القاهرة ، مضيفًا: لكن لا علاج للأزمة الليبية بدون أن يأتي الحل من الليبين أنفسهم.
وتحدث مارك عن دور مصر في الأزمة السودانية و المفاوضات التي تتم لمحاولة الوصول إلى حل يوقف الحرب، معربًا عن شكره للسلطات المصرية للمساعدة في إجلاء الرعايا الفرنسين من السودان وغيرهم من الرعايا الأجانب، بالإضافة إلى استقبال مصر للاجئين السودان.
وأوضح بريتى أن الأزمة الاقتصادية العالمية مرت على مصر كباقى دول العالم، مؤكدًا على دعم مصر لتنفيذ برنامج صندوق النقد الدولى و المنقسم إلى 3 أجزاء الأول نقدى و الآخر يتعلق بالشق الضرائبي، أما الأخير فيختص بحجم القطاع الخاص في الاقتصاد المصرى، مؤكدًا قدرة مصر على العودة مرة أخرى إلى الصندوق لمراجعة أي تفاصيل يصعب تنفيذها.
كما تحدث السفير الفرنسي بالقاهرة، عن أشهر مجالات التعاون مع مصر وهو علم الآثار، من خلال المعهد الفرنسي لعلم الآثار الشرقية (IFAO)، والمركز الفرنسي المصري لدراسات معابد الكرنك، ومركز الدراسات الإسكندرانية، والبعثات الأثرية الفرنسية في مص، مشيرًا إلى وجود ما يترواح بين 35 الي 40 بعثة أثريه في مصر، من خلال التنسيق مع وزارات السياحة والاثار، وأحدث وجوه التعاون هو مشروع مكتبة مع المتحف المصرى الكبير .
وقال السفير الفرنسي إن بلاده تشارك في العديد من المشروعات المتعلقة بالطاقة المتجددة في مصر من خلال الوكالة الفرنسية للتنمية بالإضافة إلى أن هناك عددا من الشركات الفرنسية التي تمد الجانب المصري، مشيرًا إلى توقيع مذكرة تفاهم مع مصر لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
وأشاد السفير بالمشروعات القومية التي يتم انشاؤها في مصر، والتقدم الذي حققته مصر خاصة في قطاع الطرق ، موضحًا أن الطريق إلي مدينة العلمين استغرق في الماضي4 ساعات لكن حاليًا ساعتين ققط.
ولفت إلى أن الجانب الفرنسي يشارك في هذا لمجال في قطاعات النقل، بمشروع مترو الأنفاق، وترام الإسكندرية، وأبو قير، لمساعدة السلطات المصرية لتوفير وسائل نقل آمنة و غير ملوثه للبيئة.