الكتاب هو "منطق الطير" والمؤلف هو فريد الدين العطار فريد الدين العطار (540 - 618هـ) وهو شاعر فارسي متصوف، قال البعلبكي إنه "يُعتبر أحد أعظم الشعراء والمفكرين الصوفيين المسلمين"، عُرف بغزارة الإنتاج، وقد تركت أعماله أثراً ملحوظاً في الأدب الفارسي وفي الآداب الإسلامية الأخرى أيض.
يروى لنا كتاب "منطق الطير" فى بدايته، كيف أن هذه الطيور تجتمع ذات يوم، وتقرر البحث عن طائر يمكنها أن تجعل منه ملكا عليها، والطائر المنشود هو ذلك الطائر الخرافى الذى يحفل الأدب الفارسى بوجوده منذ بدايات وجود ذلك الأدب: السيمرغ، وهو يعادل العنقاء فى الأساطير العربية.
وتقرّر الطيور القيام بالرحلة التى توصلها إلى السيمرغ، أما الدليل الذى تعمد الطيور إلى اختياره ليقودها فى الرحلة فهو الهدهد، «الذى كان هو من قاد سليمان الحكيم إلى ملكة سبأ، والذى أنطقه الله تعالى إذ قال لسليمان: أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين». غير أن الهدهد ليس الطائر الوحيد الذى يتكلم فى «منطق الطير»، لأن الطيور كلها تتكلم (ومن هنا عنوان الكتاب، وأن كان ثمة من يترجمه بـ «اجتماع» الطير، على اعتبار كلمة منطق آتية المصدر من نطاق، لا من مصدر نطق، والأمر يحتمل التأويل والسجال على أية حال).
جاءت هذه القصة الشعرية فى 4500 بيت نظمها العطار على لسان الطيور يحكى فيها عن الفكر الصوفى الحلولى وعن أسئلة قلقة أو غير قلقة حول الوجود والكينونة، فى خط صوفى بحت يضعك أمام نفسك الأنقى.
الغاية من هذه الحكاية الشعرية المفعمة بالنفس الصوفى القوي تأتى فى الرحلة نفسها وفى النهاية فكم كانت الحياة صعبة دون ملك بالنسبة لهذه الطيور حتى اكتشفوا بنهاية بحثهم أن ما يبحثون عنه فى أنفسهم ولا هيئة نهائية له فهو فى الحقيقة تفانيهم الروحى فى الوصول إلى العشق الإلهى، وما كان يؤخرهم عن الوصول لحقيقته هو فهمهم الثنائى لمعنى إله الطيور وجهلهم بطريقة عشقه الصحيحة، فعندما يدركون معنى الثنائية المنصهرة مع معشوقهم يبدأ معنى التوحيد فى الترسخ فى داخلهم.
يذكر أن فريد الدين العطار ولد فى نيسابور سنة 513 هـ، ولقد عرف فريد الدين بالعطار لأنه كان يعمل فى العطارة وهى مهنة و"العطار" تأثر الى حد كبير بحجة الإسلام أبى حامد الغزالى، ما يجعل من المفترض أنه كان شافعياً من ناحية المذهب. وفى الوقت نفسه معروف أن فريد الدين درس الطب والصيدلة وعلم الكلام، كما قرأ سير الشيوخ الذين سبقوه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة