فى نوفمبر 2024، يتوجه الناخبون الأمريكيون من جديد إلى صناديق الاقتراع لاختيار من يسكن البيت الأبيض لسنوات أربع قادمة. لكن قبل هذا اليوم، الثلاثاء الأول من نوفمبر، سيتابعون عن كثب ماراثون انتخابى طويل يبدأ يناير المقبل لاختيار مرشحى الحزبين الرئيسيين، الديمقراطى والجمهورى، فى عملية تستغرق أشهر، تعرف بالسباق التمهيدى أو الانتخابات التمهيدية.
ويتم تنظيم الانتخابات التمهيدية لـ انتخابات الرئاسة الأمريكية على مستوى الولايات الخمسين، وتستمر حتى يونيو، وتحتفظ كل ولاية بنظام خاص لها كيفية إجراء تلك الانتخابات. فإما عن طريق ما يسمى بالكوكاس، ويقوم ناخبو الحزب فى الولاية باختيار مرشحهم بشكل مباشر، أو الانتخابات التمهيدية (البرايمرى) وتتم بطريقتين، إما انتخابات مغلقة يشارك فيها الناخبون المسجلون فقط على القوائم الانتخابية للحزب، أو انتخابات مفتوحة، ويشارك فيها المسجلون على قوائم الحزبين الديمقراطى أو الجمهورى فى كل ولاية.
وتبدأ الانتخابات التمهيدية للحزبين فى يناير 2024 من ولاية أيوا، لكن أغلب الولايات تجرى سباقاتها فى شهر مارس.
وبناء على بناء على عدد الأصوات التي يحصلون عليها من الناخبين، يتم تعيين عدد معين من المندوبين الذين سيصوتون لهم في مؤتمر الحزب.
وجاءت فكرة الانتخابات التمهيدية ، وفقا لمكتبة الكونجرس، للحد من سيطرة رؤساء الأحزاب على اختيار المرشحين. ففي البداية، كان من الممكن التأثير على أصوات المندوبين حسب رغبة رئيس الحزب أو الشخصيات المؤثرة، وبغض النظر على تصويت الأعضاء او رغبتهم.
وبدءا من أواخر القرن التاسع عشر، بدأ إجراء الانتخابات الأولية لاختيار المندوبين الذين سيحضرون فى نهاية الأمر المؤتمر الوطنى للحزب لاختيار المرشح.
ووفقا لتقارير الإعلام الأمريكي، فإن الانتخابات التمهيدية زادت أهميتها بمرور الوقت حيث أنها أصبحت تحدد الأسبقية وتؤثر على الانتخابات. وفى النهاية يفوز بترشيح الحزب من سباق الرئاسي المرشح الذى يحصل على أكبر عدد من أصوات المندوبين.
وفى سباق 2024، ورغم أن شاغل المنصب الرئيس بايدن يترشح لفترة ثانية، وهو الامر الذى عادة ما يجعل طريق السباق التمهيدى شبه موجود، إلا أن "جو" يواجه منافسة من بعض المرشحين، الذين يمكن وصفهم بالهامشيين، ورغم ذل لا يزالوا يمثلون تحديا له.
وتشمل قائمة منافسى بايدن ماريان ويليامسون، خبيرة المساعدة الذاتية، أول ديمقراطية تقفز إلى سباق الرئاسة لعام 2024 ، مع إطلاق حملة رسمية في مارس الماضى.
وتعمل ويليامسون، التي تبلغ من العمر 70 عاماً، ناشطة في مجال العدالة الاجتماعية منذ فترة طويلة، وهى مؤلفة لأكثر الكتب مبيعاً و"مستشارة روحية" سابقة لأوبرا وينفري ودخلت عالم السياسة في عام 2020.
ويتضمن برنامجها السياسي لانتخابات عام 2024 ضمان الرعاية الصحية الشاملة التي تديرها الحكومة، ورعاية الأطفال المجانية، وتخصيص ما لا يقل عن تريليون دولار لتعويضات العبودية للأمريكيين السود وتأسيس وكالة فيدرالية تسمى وزارة السلام.
كما ينافس بايدن أيضا روبرت إف كينيدي جونيور. وروبرت الذي يبلغ من العمر 69 عاماً، هو ابن شقيق الرئيس الأمريكي الأسبق جون إف كينيدي، ونجل المدعي العام الأمريكي المقتول بوبي كينيدي، وهو العضو الثاني عشر على الأقل في سلالة كينيدي الذي يترشح لمنصب سياسي. لكنه يواجه عاصفة سياسية الآن بعد اتهاماه بمعاداة السامية بعد تصريحات عن نجاة اليهود عمدا من الإصابة بكورونا فى الوقت الذى تأثرت أعراق معينة بشكل غير متناسب.
ولم يخسر أى رئيس شاغل للمنصب مساعى الترشيح الحزبى لفترة رئاسة ثانية فى تاريخ الولايات المتحدة الحديث. إلا أن استطلاعات الرأي تظهر أن الرئيس بايدن، متأخر بشكل كبير في معدلات الدعم الشعبي على مستوى البلاد، بالمقارنة مع رؤساء آخرين في مثل هذه الفترة من رئاستهم.
وتشير استطلاعات الرأي التي ينشرها موقع Five Thirty Eight إلى أن الرئيس يحصل حاليا على دعم 41 بالمئة من الأميركيين، مقابل 43 بالمئة لترامب في مثل هذه الفترة من رئاسته، و47 بالمئة لأوباما، و57 بالمئة لبوش الابن خلال نفس المرحلة من الانتخابات السابقة.
لكن بايدن مرشح بشكل كبير للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي.
وعلى الجانب الأخر، فإن السباق على الترشيح الجمهورى أكثر اشتعالا، ويشمل عددا كبيرا من الأسماء البارزة فى مقدمتهم الرئيس السابق دونالد ترامب، والذى يسعى لعودة إلى البيت الأبيض بعد خسارته فى انتخابات 2020، وذلك برغم حجم التحديات القانونية الهائلة التي يواجهها والاتهامات الموجهة له فى قضيتين.
وينافس ترامب كلا من نائبه السابق، مايك بنس، الذى يطرح نفسه بديلا لترامب مع التمسك بنهج الرئيس السابق، او ما يطلق عليه "الترامبية". ويحظى بنس بشعبية قوية بين المحافظين، لكنه لم يفرض نفسه بعد بقوة فى السباق.
كما يعد حاكم فلوريدا رون ديسانتس، من أبرز الأسماء، والتي يعول عليها الكثيرون لقيادة الحزب الجمهورى بعد ترامب. وكانت هناك توقعات كبيرة بشأنه قبل إعلان دخوله السباق رسميا. إلا أنه تعثر فى الأسابيع الأولى بعد إعلان ترشحه مما أدى إلى تراجع تلك التوقعات، وإن كانت امامه فرصة قوية للعودة.
ومن المتنافسين أيضا على الترشيح الجمهورى نيكى هايلى، سفيرة أمريكا السابقة لدى الأمم المتحدة ، وعضو الكونجرس السابق بيل هيرد، والسيناتور تيم سكوت.