فى أقصى عمق الصحراء الغربية جنوب غرب مصر تبرز منطقة مليئة بالغموض والأسرار والحكايات التى تروى قصصاً وعجائب وأحداث متوالية سجلتها طبيعة المكان التى لم تتأثر كثيراً بتدخل الإنسان فيها ولكنها لم تسلم من أعمال السرقة المنظمة لكنوزها الثمينة رغم وعورة تضاريسها وهو ما كان سبباً فى تسميتها بالجلف الكبير وهى أحد أهم معالم الصحراء الغربية، وتقع أغلبها فى نطاق محافظة الوادى الجديد وهى هضبة مكونة من الصخور الرملية فى الركن الجنوبى الغربى من مصر فى أقصى جنوب جبل العوينات، على الحدود بين مصر وليبيا والسودان، وتبلغ مساحتها 7770 كيلو متر مربع من الرمال، وترتفع 330 متر عن مستوى الصحراء، وتم إعلانها محمية طبيعية فى عام 2007 واستكشفها الأمير كمال الدين حسين، ابن السلطان حسين، الذى تنازل عن عرش مصر عشقاً للصحراء وجمالها، وهو من أطلق اسم «الجلف الكبير» على الهضبة شديدة الصلابة المكونة من الأحجار الرملية والتى رآها تعترض طريق قافلته فى عام 1926، وحينها سأل من خيمته عما يعترض طريقهم فقالوا إنه جرف حجرى رملى كبير فتطلع إليه وهاله منظره فقال بل هو جلف كبير فصارت تسميته للمكان منذ ذلك الحين وحتى اليوم.
ومن أبرز معالم هضبة الجلف الكبير هى كهوف إنسان ما قبل التاريخ وأشهرها كهف المستكاوى حيث يوجد به أكثر من 2000 صورة من النقوش والرسومات للإنسان الأول ويصل طول هذا الكهف إلى 16 متر وارتفاعه حوالى 7 متر ووادى صورة الذى يتميز بالرسومات الصخرية بكهف السابحين ورسومات للزراف وحيوان يشبه الأسد ووادى عبد الملك الذى يتمتع بمناظر جمالية وتنوع بيولوجى ووادى بخيت الذى يتميز بالكثبان الرملية الضخمة ووجود رواسب بحرية قديمة بها أدوات تدل على إقامة الإنسان فى تلك المنطقة كما يضم تكوينها 3 مجموعات من الفن الصخرى بوادى حمرا وهى عبارة عن نقوش للحيوانات البرية مثل الزراف حيث إستأنسه الإنسان فى تلك المنطقة ويتمثل التراث الطبيعى بالمحمية فى مكونات التنوع البيولوجى من النباتات والحيوانات النادرة ذات الأهمية والمهددة بالانقراض حيث تم حصر عدد 79 نوع من النباتات تم تسجيل 10 أنواع من الزواحف البرية وعدد 21 نوع من الثدييات البرية وكذلك انتشار أشجار الأكاسيا والسنط والنباتات المتحفرة فى صخور ترجع إلى الحقبة القديمة.
وتحولت الحياة فى الجلف الكبير فى الفترة منذ 7000 سنة وحتى 5300 سنة قبل الميلاد إلى مجتمعات رعوية تعتمد على تربية الماشية وخلفت وراءها لوحات فنية غاية فى الروعى تزيد عن 2000 صورة مرسومة على جدران الكهوف التى كانوا يسكنوها آنذاك وفى عام 1930 اكتشف العالم رالف باجنولد دائرة عجيبة تؤكد على أن هؤلاء البشر كانت لديهم معرفة علمية بالوقت وحسابات الزمن والتى اكتشف شبيها لها فى منطقة النبطة على بعد حوالى 100 كيلو غرب مدينة أبو سمبل، وتمثل الرسومات والنقوش والأدوات اليومية لإنسان ما قبل التاريخ بالمحيمة، أكبر متحف مفتوح لآثار الإنسان البدائى، حيث كشفت الدراسات التى أجريت بالمنطقة عن وجود مجتمع رعوى قديم خلال فترة العصر الحجرى الحديث قرابة الحد الأقصى للغمر الجليدى الأخير قبل حوالى 21 ألف سنة، حيث كانت الصحراء الكبرى تمتد على مساحة تعادل ضعف المساحة الحالية إلا أنه قبل حوالى 11700 سنة حدثت تغيرات مناخية ومع بداية عصر الهولوسين، وتحول المناخ إلى رطبا وممطرا وتكونت غابات السافانا فى المنطقة انتشرت فيها البحيرات والوديان المائية، وذلك بسبب تحرك الحزام الموسمى جهة الشمال، حيث استوطنت مجموعة من البشر منطقة الجلف الكبير وكانت بدائية فى أول الأمر تقتات على جنى الثمار والصيد.
وتتمتع هذه المنطقة بتراث ثقافى فريد وقيم بيئية وجمالية ذات أهمية دولية متميزة حيث تتضمن عناصر طبيعية بعضها يعود إلى عصور ماقبل التاريخ كما تضم المحمية سهولا شاسعة للكثبان الرملية والكهوف التى تعود لعصور ما قبل التاريخ وهذه السهول تقع ما بين هضبة الجلف الكبير وجبل العوينات وتضم صخورا رملية نوبية وفوهات بركانية قديمة ومناطق جبلية ووديانا عميقة وسلاسل بحر الرمال الأعظم الممتدة طوليا من الشمال إلى الجنوب وتحتوى المنطقة على حقول النيازك التى تفاعلت مع الأرض مكونة أكبر حقل نيازك فى العالم وتوجد السيليكا الزجاجية الفريدة من نوعه.
وتزخر محمية الجلف الكبير بالعديد من الكنوز الطبيعية واهمها السيليكا الزجاجية إلى تكونت بفعل صدمة نيزكية ضخمة والتى تكونت منذ ملايين السنين وتوجد فى الجزء الجنوبى من بحر الرمال الأعظم على بعد حوالى 50 كم من الحدود المصرية الليبية ولكنها تعرضت للنهب والسرقة على مدار 150 عام حيث يتم بيع كيلو السيليكا بحوالى 2000 جنيه نظرا لاستخدامه فى الموصلات والدوائر الاليكترونية.
وشهدت الجلف الكبير معارك بين أطراف الحرب العالمية الثانية، ما زالت آثارها باقية حتى الآن حيث استعان الجيش البريطانى بخبرات مجموعة من المستكشفين لتأسيس وحدة عسكرية نفذت العديد من الطلعات والضربات برا وجوا فى الصحراء الليبية ضد القوات الإيطالية والألمانية، وتطلب الأمر وجود مطار لنزول الطائرات فى منطقة الجلف الكبير، فوقع اختيارهم على منطقة تتميز بالاستواء مع وجود علامات أرضية طبيعية يستدل بها الطيارون من على ارتفاع كبير، تمثلت تلك العلامات فى وجود ثمانية تلال متجاورة تشبه الجرس المقلوب، فأطلقوا على المنطقة منطقة الأجراس الثمانية، ووضعوا بها سهم كبير مكون من عدد كبير من صفائح البنزين، كما كتبوا بالصفائح أيضا رقم 8 وكلمة Bells لتسهيل عملية الرؤية للطائرات أثناء هبوطها، وأصبح هذا المكان مزارا شهيرا لكل من يزور منطقة الجلف الكبير بالإضافة إلى مخلفات الحرب من سيارات مدرعة وعتاد خاص بالجيوش المقاتلة فى تلك المنطقة.
محمية الجلف الكبير
معالم محمية الجلف الكبير
محمية الجلف الكبير بالوادى الجديد (3)
معالم محمية الجلف الكبير بالوادى الجديد (4)
محمية الجلف الكبير بالوادى الجديد
معالم محمية الجلف الكبير
جانب من معالم محمية الجلف الكبير
محمية الجلف الكبير
معالم محمية الجلف الكبير
معالم محمية الجلف الكبير بالوادى الجديد
معالم محمية الجلف الكبير
أحد معالم محمية الجلف الكبير
معالم محمية الجلف الكبير بالوادى الجديد
معالم محمية الجلف الكبير بالوادى الجديد
معالم محمية الجلف الكبير بالوادى الجديد
جانب من معالم محمية الجلف الكبير
معالم محمية الجلف الكبير بالوادى الجديد (18)
معالم محمية الجلف الكبير بالوادى الجديد (19)
معالم محمية الجلف الكبير
جانب من معالم محمية الجلف الكبير بالوادى الجديد
معالم محمية الجلف الكبير بالوادى الجديد
أحد معالم محمية الجلف الكبير
بعض معالم محمية الجلف الكبير
معالم محمية الجلف الكبير
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة