فى الوقت الذى تشهد فيه العلاقات الأمريكية الصينية العديد من التقلبات إثر محاولات الاستقطاب التى يمارسها الغرب على بكين، يبدو اللقاء الذى جمع بين الرئيس الصينى شى جين بينج ووزير الخارجية الأمريكى الأسبق هنرى كيسنجر مختلفا، ليس فقط لخبرة الأخير الكبيرة وتأثيره على الدبلوماسية الأمريكية وإنما أيضا على خلفية الرسائل التى قدمها الجانبان خلال اللقاء.
والتقى رئيس الصين شى جين بينج، وزير الخارجية الأمريكى الأسبق هنرى كيسنجر فى بكين، فى وقت أكد فيه وزير الخارجية الصينى وانج يى أن السياسات الأمريكية تجاه بلاده تتطلب حكمة كسينجر الدبلوماسية، وشجاعة الرئيس الأمريكى الراحل ريتشارد نيكسون السياسية.
وقال التلفزيون المركزى الصينى أن شى التقى كسينجر فى قصر دياويوتاى للضيافة فى بكين، ولم يتم الإفصاح بعد عن تفاصيل بشأن المحادثات.
وقبل ذلك التقى كسينجر، البالغ من العمر 100 عام، وزير الخارجية الصينى وانج يى ووزير الدفاع لى شانج فو.
وخلال اللقاء أثنى وانج على كيسنجر، قائلا أنه "صديق قديم"، وأشاد بدوره "الذى لا يمكن لغيره القيام به" فى تعزيز التفاهم المتبادل بين بكين وواشنطن.
وأبلغ وانج الدبلوماسى الأمريكى المخضرم بأن تطويق بلاده واحتواءها مستحيلان، مشددا على أن "تطور الصين يتمتع بدينامية داخلية ومنطق تاريخى مطلق، ومحاولة تغيير الصين مستحيلة".
وحسب بيان وزارة الخارجية الصينية، قال كيسنجر "يجب على الولايات المتحدة والصين القضاء على سوء التفاهم والتعايش السلمى وتجنب المواجهة".
وأضاف: "لقد أثبت التاريخ والممارسة باستمرار أنه لا يمكن للولايات المتحدة ولا الصين التعامل مع الآخر كخصم. إذا ذهب البلدان إلى الحرب، فلن يؤدى ذلك إلى أى نتائج ذات مغزى للشعبين".
وفيما يتعلق بتايوان، قال وانج "يتعين على الولايات المتحدة أن ترسم خطا واضحًا فيما يتعلق بالأنشطة الانفصالية الساعية لاستقلال تايوان، إذا كانت تأمل حقا فى تحقيق الاستقرار بمضيق تايوان".
والتقى وزير الدفاع الصينى لى شانج فو، أول أمس الثلاثاء، كيسنجر الذى يقوم بأول زيارة معلنة له إلى بكين منذ 4 سنوات، وقال الوزير الصينى خلال اللقاء أن بلاده "تأمل فى العمل مع الولايات المتحدة من أجل علاقة صحية ومستقرة بين البلدين والجيشين".
ونقلت وزارة الدفاع الصينية عن لى إشادته بالدور الذى لعبه كيسنجر فى الانفتاح بين الصين والولايات المتحدة، وتطوير هذه العلاقات فى أوائل السبعينيات من القرن الماضى، لكنها قالت أن العلاقات الثنائية وصلت إلى نقطة منخفضة بسبب "بعض الأشخاص على الجانب الأمريكى الذين لا يرغبون فى مقابلة الصين فى منتصف الطريق".
وشغل كيسنجر منصب وزير الخارجية ومستشار الأمن القومى فى إدارتى الرئيسين الأمريكيين السابقين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، وكان له دور دبلوماسى رئيسى فى تطبيع العلاقات بين واشنطن وبكين فى السبعينيات.
ويزور كيسنجر الصين بصورة دورية منذ أن ترك منصبه، وسافر إلى بكين فى عام 2019، واستقبله الرئيس الصينى شى جين بينج فى قاعة الشعب الكبرى بميدان تيانانمين.
وتأتى الزيارة الحالية التى يقوم بها كيسنجر إلى الصين فى وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية بين بكين وواشنطن انحدارا إلى أدنى مستوى لها، وقالت الإدارة الأمريكية إنها على دراية بها، لكنها أوضحت أنه لا يقوم بها كممثل لها.
وتؤثر مجموعة من القضايا على العلاقات الصينية الأمريكية، بما فى ذلك شراكة الصين مع روسيا ومطالبها بالسيادة على تايوان، ودعوات أمريكية إلى فرض قيود تجارية على التكنولوجيا الحديثة.
وزار مسؤولون أمريكيون كبار، منهم وزير الخارجية أنتونى بلينكن ووزيرة الخزانة جانيت يلين، الصين مؤخرا بهدف تحقيق الاستقرار فى العلاقات بين القوتين العظميين.
يذكر أن كيسنجر قد دعا فى يناير الماضى إلى ضرورة تعزيز العلاقات الأمريكية الصينية، قائلا "يجب على الولايات المتحدة والصين فهم بعضهما على نحو أكمل، وإقامة علاقة أكثر انسجاما مع السلام والتقدم فى العالم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة