يرجع الفضل فى استخدام الحجر الجيرى خلال عصر المصريين القديماء إلى مهندس المعمار العظيم "إمحوتب" إذ قد استعملها في بناء معبدي الهرم المدرج وملحقاته، وكذلك في إقامة قبر "زوسر" نفسه أول ملوك الأسرة الثالثة، فكيف تم بناء الهرم المدرج وسببه؟.
أما عن كيفية بناء الهرم المدرج وسببه، فتدل الظواهر على أنه أقام لنفسه مصطبة من الحجر الجيري المحلي المهذب، ثم بنى فوقها ثانية أصغر مساحة، ثم ثالثة أقل مساحة من الثانية وهكذا، حتى بلغ عدد المصاطب سبعًا بعضها فوق بعض، غير أن تعاقب الدهور قد أغار على السابقة منها فمحاها من الوجود، ولم يبق منها إلا ما يدل على أثرها.
وقد أطلق على هذا المبنى خطأ اسم "الهرم المدرج" إذ إن شكله لا ينطبق تمامًا على مدلول الهرم الحقيقي، ولا غرابة في أن "زوسر" رفع بنيان قبره إلى هذا الحد، لأن في ذلك معنى عميقًا، إذ كان يريد علوًّا في الممات كما كان في الحياة، فكان غرضه أن يشرف قبره على قبور رجال بلاطه، وعظماء دولته، التي كانت حول قبره، ويكون أول بناء ترسل الشمس أشعتها عليه من كل جوانبه عندما تشرق في الصباح، وبخاصة إذا علمنا أن الإله الأعظم لهذه المنطقة في هذا العصر هو الإله "آتوم" الذي أصبح فيما بعد إله الشمس بكل معانيها، حسب ما ذكر الدكتور سليم حسن فى موسوعته مصر القديمة.
وصف الحجرتين اللتين تحت هرم زوسر
وقد أسفرت البحوث الأثرية التي قام بها علماء الآثار في الجزء الأسفل تحت الهرم المدرج وما حوله عن معلومات وثروة أثرية لا تقدر بقيمة، فقد عثر في جوف الصخر تحت مسطح الهرم على حجرة الدفن العظيمة المكسوة بالجرانيت، وعلى حجرتين مرصعتين بألواح صغيرة من القيشاني الأزرق، وقد كانتا معروفتين منذ زمن بعيد، كما جاء فى موسوعة مصر القديمة.
وتعد الطريقة الفنية الحاذقة التي نسقت بها هذه الألواح في الملاط بالغة حد الإعجاب والدهشة ودالة على ما وصل إليه القوم من المهارة الفنية في هذا العصر، وهذه الألواح كان سطحها الخارجي مقوسًا بعض الشيء، وكان في ظهر كل منها ثقبان صغيران، يوضع فيهما خيط من القنب يلصق بالملاط. وقد أمكن بالألقاب الرسمية التي وجدت منقوشة على إطاري باب الحجرتين أن نحدد بالضبط تاريخهما، ولكن أحد علماء الآثار قد شك في أن لون القاشاني الأزرق، والمهارة العظيمة التي رصعت بها هذه الألواح، وكذلك كتابة اسم الملك "زوسر الحوري" "نب معات" يرجع عهدها إلى عصر هذا الملك.
وفي اعتقاده أن هذه ترميمات، وإصلاحات عملت في عهد الأسرة السادسة والعشرين، أي في عهد النهضة المصرية الأخيرة، غير أن هذا الرأي قد دحض نهائيًا بالكشوف الحديثة، ولم يأخذ به أحد من العلماء، وذلك لأنه في عام سنة 1927 عثر في الجهة الجنوبية من الهرم في جوف الأرض، على مقبرة أخرى تحتوي على حجرة دفن من الجرانيت، وعلى عدد عظيم من الممرات، والحجر المستطيلة الشكل معظمها مزين بألواح من القاشاني مشابهة لما وجد في المقبرة الأولى، ووجد منقوشًا على إطارات الأبواب "نتر خت"، وهو لقب الملك "زوسر"، ووجد في إحدى الحجر ثلاث لوحات كل منها على شكل الباب الوهمي، وعلى كل مثل الملك "زوسر"، ولا نزاع إذن في أن هذا القبر هو لمؤسس الأسرة الثالثة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة