يقضى طلاب المدارس والجامعات الإجازة الصيفية، ومع حلول أيام الراحة تبدأ الأسر فى البحث عن الرحلات المفيدة، مثل زيارة المواقع والمتاحف الأثرية، ولهذا يستطيع الطلاب خلال الإجازة الدراسية الاستمتاع بأيامها بين التاريخ والمقتنيات الأثرية المتميزة التى تعود للحضارة المصرية القديمة، ومن بين الأماكن جبانة
تعتبر جبانة الحواويش الذى تبلغ تذكرته للمواطنين المصريين 10 جنيهات وللطلبة 5 جنيهات، من أبرز المواقع الآثرية بسوهاج، حيث تقع الحواويش على بعد حوالي 10 كم شرق سوهاج، وحوالي 7 كم من مدينة أخميم التي كانت بمثابة جبانة رئيسية لها خلال الدولة القديمة. مما جذب مجلس الأبحاث الأسترالي والمركز الأسترالي لأبحاث علم المصريات التابع لجامعة ماكواري بإجراء الحفائر العلمية في الموقع في الفترة من أوائل الثمانينيات وحتى أوائل التسعينيات.
جبانة الحواويش
تحتوي جبانة الحواويش على أكثر من 800 مقبرة تعود إلى عصري الدولة القديمة (2494-2181 ق.م) وعصر الانتقال الأول (2181-2055 ق.م)، ومازال تحتفظ ما يقرب من 60 مقبرة ببعض النقوش والمناظر الجنائزية وتقديم القرابين والحياة اليومية والرقص والصيد والزراعة في أخميم القديمة، بينما خمسة مقابر منها محفوظة بشكل جيد للغاية.
أما عصر الانتقال الأول فإنه في الفترة بين "2181 ق.م/ 2055 ق.م"، وهو عصر شاهد على الكثير من الأحدث، وبه أثر ضعف ملوك الأسرة السادسة في مصر وأدى لفقد السيطرة على البلاد، ما أدى إلى زيادة نفوذ وقوة حكام الأقاليم، حيث أصبحوا على درجة كاملة من الاستقلال عن الحكم المركزى فى منف وعملوا على توسع أقاليمهم وكونوا قواتهم الخاصة، وأدى ذلك الأمر إلى حدوث حروب أهلية وتردى فى الأوضاع السياسية والاقتصادية، وهو ما نتج عنه أيضاً تعرض المجموعات الهرمية للسرقة.
وتصف لنا نصوص فترة الدولة الوسطى "2055-1650 ق.م" ما جرى بعصر الانتقال الأول بأنه عصر مجاعة وفوضى، حيث إن غياب الملك والحكومة المركزية أدى إلى الفقر وضياع القيم الأخلاقية وعدم الاستقرار، وعلى النقيض تعرض لنا الأدلة الأثرية وجهة نظرة مختلفة، حيث عثر على أشكال وطرز جديدة من الفخار وظهرت أساليب معمارية جديدة وثقافات محلية ترجع لحكام الاقاليم، حسب ما ذكرت وزارة السياحة والآثار، فيبدو أن الحياة داخل تلك الأقاليم قد استمرت وتطور الاقتصاد الخاص بهؤلاء الحكام بعيدًا عن سلطة واقتصاد الدولة، فقد أصبح حكام الأقاليم بمثابة رعاة لمواطنيهم يمدون لهم يد العون فيطعمون الجائع ويسقون العطشان، وأصبح مفهوم الحاكم بصفته الراعى سينعكس بشكل كبير فى الفترة التالية.
وتطور آخر حدث خلال هذه الفترة يسمى "ديمقراطية العالم الآخر"، حيث ظهرت نصوص التوابيت لأول مرة، وكما يوحى اسمها فهى مكتوبة داخل التوابيت وكان الغرض منها ضمان وصول المتوفى بنجاح إلى العالم الآخر، وهو نفس دور نصوص الأهرام الملكية.
ولم تكن نصوص التوابيت مقصورة على الملوك فحسب، ولكن أصبح لدى الأفراد فرصة للحياة فى العالم الآخر، بشكل مستقل عن ملوكهم، وإذا كان هذا الأمر متوافراً فى وقت سابق أيضًا حيث تمكن الأفراد غير الملكيين الحصول على النصوص الجنائزية إلا أنه لم يكن هذا ظاهراً أبدًا.
وفى نهاية الأمر، حكمت مصر الأسرتان التاسعة والعاشرة وكان مقرهما هيراكليوبوليس "إهناسيا المدينة حالياً"، لكن كانت سيطرتهما ضعيفة على أراضيهما وخاصة فى الجنوب، نشأت أسرة جديدة فى طيبة "الأقصر الحديثة" فى صعيد مصر كانت على قدر من القوة بما يكفى لتحديهما، وانتهى عصر الانتقال الأول مع إعادة توحيد مصر مرة أخرى على يد الملك نب حبت رع منتوحتب من الأسرة الحادية عشرة المنتصرة، مستهلًا فترة الدولة الوسطى المزدهرة.