أسوان بلاد الذهب وساحرة الجنوب، حباها الله بالطبيعة الخلابة والمناظر الجميلة التى تضيف لناظريها حب هذا المكان والتعلق به ومحاولة العودة إليه مرة أخرى بعد شعورهم بالراحة النفسية وهدوء الأعصاب فى هذا المكان أقصى جنوب مصر.
البيجوم-أم-حبيبة-أثناء-جنازة-زوجها
وأسرار الطبيعة فى هذا المكان لا تقتصر على النظر إلى الطبيعة والشعور بالهدوء وحسب، ولكن تمثل هذه الطبيعة سرًا علاجيًا لكثير من الأمراض التى يصعب على الطب حلها، ويتوقع المريض أن حياته توقفت قبل معرفة هذا السر الربانى المدفون فى أسوان.
وأسوان لديها المقومات الطبيعية الأقوى، لإقامة مشروعات السياحة العلاجية، وأكبر مثال على ذلك هو قصة مقبرة وضريح الأغاخان، والتى يرويها لـ"اليوم السابع"، الباحث التاريخى والسياحى أحمد صايم.
الطبيعة-فى-أسوان
و"البيجوم" فتاة فرنسية بائعة ورد، وابتسم لها الحظ لتكون زوجة واحدة من أثرياء العالم وقتها، وهو أغا خان الثالث واسمه الحقيقى السلطان محمد شاة الحسينى، زعيم الطائفة الإسماعيلية، ورغم ثروته إلا أنه كان يعانى مرض الروماتيزم وكان تأثيره على المفاصل وفشل كل الأطباء فى علاجه وجاب دول العالم بحثًا عن علاج لهذا المرض الذى حوله إلى شخص قعيد لا يستطيع المشى.
لم تتخلى "البيجوم" عن زوجها لحظة رغم مرضه، وسافرت معه العديد من بلدان العالم، وأثناء زيارتهما فى رحلة سياحية لمدينة أسوان، نصحهم أحد المرشدين السياحيين بالعلاج فى هذه الرمال الموجودة فى جبال أسوان ودفن جسده فيها، واقتنع السلطان شاه بالفكرة وبدأ رحلة العلاج واستجاب جسده الضعيف لقوة الطبيعة الموجودة فى رمال أسوان.
المقبرة
وبعد أن تعافى الأغاخان من مرضه وسار يمشى على رجليه مرة أخرى، بعد أن كان قعيدًا، قرر أن يحول حياته إلى هذه المدينة الساحرة صاحبة الفضل فى علاجه، وأعطى لها كل حبه بعد أن تعلق قلبه بها، وأوصى زوجته البيجوم أن يدفن فى رمال هذه البلاد.
وفى عام 1957، توفى أغا خان الثالث السلطان محمد شاه، بعد أن اشترى قطعة أرض بالجبل الغربى بأسوان، وبنت زوجته المخلصة التى أعلنت إسلامها وسميت بـ"أم حبيبة"، على قبره ضريحًا معروف إلى اليوم باسم "ضريح الأغاخان" أو "مقبرة الأغخان"، وبنى هذا الضريح على الطراز الفاطمى، وصمم الضريح ونفذه شيخ المعماريين العرب ورائد العمارة الإسلامية الدكتور مهندس فريد شافعى، أستاذ العمارة فى مصر، والذى جعل من المقبرة تحفة معمارية ومزارًا تخلد ذكراه فى المنطقة التى شفته من المرض.
رمال-أسوان
وكان الإغاخان الثالث، يعشق الورود وخاصة الحمراء فكان يملأ كل الغرف التى يجلس فيها بالورود، وبعد وفاته كانت زوجته تضع كل يوم فى التاسعة صباحا وردة حمراء جديدة من نوع "رونرا بكران" داخل كأس فضى على قبره بواسطة أحد العمال وكانت تأتى الزوجة أم حبيبة مرة كل عام لتغير الوردة بيدها وكانت تذهب للمقبرة بمركب شراعى أصفر وليس أبيض اللون، حتى يعرف أهالى أسوان أن أم حبيبة قد جاءت وأنها لم تنس زوجها الحبيب، حتى توفيت فى يوليو سنة 2000 ميلادية ودفنت بجوار زوجها.
والضريح كان يعد واحدًا من أهم المزارات السياحية بأسوان، إلا أن "البيجوم أم حبيبة" أغلقته أمام العامة فى عام 1997، حتى يرقد زوجها المتوفى بسلام، ولا يزال الضريح بارزًا فوق سفح الجبل الغربى من مدينة أسوان ليصبح علامة سياحية بارزة بدأت برحلة علاج وانتهت بقصة حب ووفاء.
ضريح-الأغاخان-فى-أسوان
ومن ضمن المشروعات السياحية الكبرى المنتظرة على أرض أسوان خلال الفترة القادمة، هى فكرة إنشاء قرية للاستشفاء فى أسوان، تعكس الاهتمام الكبير من المحافظة لتنظيم مؤتمر خاص بالسياحة الصحية والعلاجية والتنمية البيئية فى أكتوبر المقبل.
ضريح-الأغاخان-من-الداخل
مراسم-دفن-الأغاخان-الثالث
أسوان