عندما أتم الرئيس الأمريكى جو بايدن عامه الثمانين فى نوفمبر الماضى، أصبح أول رئيس للولايات المتحدة يدخل العقد التاسع أثناء وجوده فى البيت الأبيض.
وكان احتفاءً مصحوبا بشكوك حول قدرته على الحكم مع تقدمه فى العمر، خاصة مع سعيه للترشح لفترة رئاسية ثانية، إن فاز بها وأتمها، سيخرج من البيت الأبيض متجاوزا السادسة والثمانين.
وخلال الأشهر الماضية، زاد الحديث عن صحة بايدن وخاصة حالته الذهنية، وقدرته على الحكم الصائب على الأشياء، بعد العديد من الزلات التى سقط فيها، منه قوله مؤخرا أن أمريكا فقدت 100 أمريكى بسبب كورونا، والحقيقة أن عدد وفيات الوباء فى الولايات المتحدة تجاوز مليون و135 ألف شخص.
وجاء الخطأ الأخير بعد 11 يومًا فقط من وصف بايدن الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى بـ"فلاديمير" خلال خطاب ألقاه فى قمة الناتو السنوية فى ليتوانيا، وصحح بايدن نفسه على الفور، وخلال تلك الرحلة نفسها، أربك الرئيس آيسلندا وأيرلندا بعد أن وصف رئيس وزراء الدولة الاسكندنافية بـ "ابنة أيرلندا".
وتشير استطلاعات الرأى إلى أن السن مشكلة لبايدن، وقد أشار استطلاع رأى أجراه مركز بيو ونشر نتائجه فى وقت سابق هذا الشهر إلى أن ما يقرب من نصف الأمريكيين يفضلون رئيسا عمره أقل من 60 عاما.
لكن أزمة السن لا تقتصر على بايدن وحده. صحيح أن الأضواء كلها مسلطة على الرئيس الأمريكى، بحكم كونه المسئول الأول فى الولايات المتحدة، إلا أن عددا كبيرا من القيادات السياسية فى البلاد قد تقدم بهم العمر، بشكل يبدو أنه يعيقها بشكل أساسى عن أداء مهامها، حتى وغن رفضوا الاعتراف بالأمر.
أحدث مأزق، وقع فيه السيناتور ميتش ماكونيل، زعيم الأقلية الجمهورية بمجلس الشيوخ، والسياسى المخضرم. حيث اضطرت قيادات مجلس الشيوخ الأمريكى إلى إبعاد ميتش ماكونيل، عن المايكروفون خلال مؤتمره الصحفى الأسبوعى يوم الأربعاء، وذلك بعد أن توقف عن الحديث وتجمد فى مكانه لنحو 20 ثانية.
وبدأ ماكونيل حديثه فى المؤتمر بالقول: "مساء الخير للجميع، نحو فى طريقنا لإنهاء تشريع الدفاع الوطنى هذا الأسبوع، وكان هناك تعاون رائع بين الحزبين، وسلسلة من.." قبل أن يتوقف عن الحديث قبل أن يسارع أحد الحاضرين بالقول: هل أنت بخير يا ميتش، أنت على ما يرام؟ هل تريد أن تقول شيئا أخر أم أنك تريد العودة إلى مكتبك، هل تريد أن تقول شيئا آخر للصحافة.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز، إن ميتش البالغ من العمر 81 عاما، بدا وكأنه فقد تسلسل أفكاره ولم يستطع الحديث، وانتظر زملاؤه ومساعدوه لحظات محرجة قبل أن يتدخلوا واصطحبوا السيناتور من ذراعه وأبعدوه عن المايكروفون.
وتولى الجمهورى سيناتور ثاوث داكوتا جون ثون زمام الأمور وأكمل الحديث.
وعاد ماكونيل بعد فترة لتلقى أسئلة من الصحفيين، والتى كانت أكثر من المعتاد وأجاب عليها بشكل واضح. وردا على سؤال بشأن ما حدث، قال إنه بخير وإنه قادر على مواصلة مهامه القيادية.
ويأتى هذا فى الوقت الذى ذكرت فيه تقارير أمريكية أن ماكونيل، الذى يعد من أبرز قيادات الحزب الجمهورى فى الولايات المتحدة، قد سقط فى وقت سابق أثناء هبوطه من طائرة بمطار ريجان خارج واشنطن.
وكان ماكونيل قد سقط قبل أربعة أشهر، وعانى من فقدان للوعى وكسر فى الضلع، وذلك أثناء عشا خاص فى أحد فنادق واشنطن، واضطر على إثر هذا الحادث للغياب عن مجلس الشيوخ لمدة ستة أسابيع.
وداخل مجلس الشيوخ الأمريكى أيضا، أثارت السيناتور ديان فاينستاين الجدل حول قدرتها على ممارسة مهام عملها كرئيس للجنة القضائية، برغم تدهور حالتها الصحية وبلوغها 89 عاما.
وكان فاينستاين قد أعلنت فى فبراير الماضى أنها لن تسعى للترشح لفترة جديدة بعد أكثر من 30 عاما قضتها فى الكونجرس، لتصبح السيناتور الأطول خدمة. لكن حتى موعد إجراء الانتخابات فى 2024 واختيار سيناتور جديد، واصلت فاينستاين رئاسة اللجنة القضائية شديدة الأهمية، من على كرسى متحرك.. وأثار وضعها الصحى جدلا بين الديمقراطيين.
فصحيح أن سيناتور كاليفورنيا كانت تحضر الجلسات وتشارك بالتصويت، لكنها فى بعض الأحيان ارتبكت من أسئلة الصحفيين، ناهيك عن حالة الضعف العام التى بدت عليها فى الأشهر الأخيرة. وتسبب غيابها لأكثر من شهر عن المجلس هذا العام فى تأخر البت فى بعدد من الملفات الهامة التى كان الديمقراطيون بحاجة لحسمها مبكرا.