كان لجائحة كورونا دور كبير فى زيادة الطلب على خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمصر، حيث يقضى المصريون فى المتوسط سبع ساعات يوميًا فى استخدام الإنترنت، ويستخدم نصف السكان وسائل التواصل الاجتماعى بمتوسط 13 دقيقة يوميًا، لم يكن ذلك بمحض الصدفة؛ فقد كان قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ضمن أولويات الدولة بعد ثورة 30 يونيو 2013 للارتقاء بالخدمات التكنولوجيا، وخلق اقتصاد قائم على المعرفة، ومواكبة الثورة التكنولوجية الرابعة، وقد أسهمت اللوائح الجديدة بذلك القطاع وخطة الحكومة فى التحول نحو الاقتصاد الرقمى فى تعزيز ذلك الاتجاه إلى حد كبير.
رصدت دراسة صادرة عن المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، التطور فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، جاء فيها أن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وضعت خطة مصر الرقمية التى اشتملت على مستهدفات لجذب الاستثمارات بالقطاع، والتحول نحو الحكومة الرقمية، وتقديم العديد من المبادرات التى توفر التدريب ودعم البنية التحتية للقطاع، مشيرة إلى أن تلك الخطة ركزت على القطاعات الأكبر من حيث القيمة المضافة، مثل تصميم وتصنيع الإلكترونيات، وإنشاء المناطق المتكاملة لخدمات التكنولوجيا “Technology Parks”، وإنشاء مراكز البيانات المتكاملة وقد كان الهدف الأساسى تعظيم المساهمة فى الناتج المحلى الإجمالى بالبلاد.
ولفتت إلى أن صياغة استراتيجية تكنولوجيا المعلومات 2030؛ تمت لتكون بمثابة الخطة الاستراتيجية التى ترسم ملامح تطور قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ بهدف تحقيق أهداف محددة تتمثل في: تطوير البنية التحتية، وتعزيز الشمول القمى، والانتقال إلى اقتصاد المعرفة، وبناء القدرات التكنولوجية، وتشجيع الابتكار. وفى ذلك السياق، مشيرة إلى أن مشروع مصر الرقمية وُضع ليكون بمثابة خطة لتحويل مصر إلى مجتمع رقمى متكامل، اعتمادًا على ثلاثة محاوررئيسة وهى التحول الرقمى، وتنمية المهارات الرقمية، والوظائف والابتكار الرقمى، وأن تلك المحاور الثلاثة تقوم على قاعدتين مهمتين وهما توافر البنية التحتية الفنية المناسبة، والبنية الإدارية والتشريعية الداعمة.
وأردفت :" إذا كان ينظر إلى مصر على أنها تمتلك قناة السويس البحرية؛ فمصر باتت كذلك تمتلك ثورة تكنولوجية بمرور الكابلات التى تربط الإنترنت بالعالم من خلال ممر قناة السويس الملاحى بفضل موقعها الجغرافى، حيث تربط تلك الكابلات مصر بحوالى 60 دولة من خلال 17 كابلًا بحريًا (Fibre Optic cable) والتى تعد مسؤولة عن حوالى 90% من البيانات التى تمر عبر آسيا وأوروبا، وهو ما جعل مصر جذابة من الناحية التكنولوجية من حيث سرعه الإنترنت وتكلفة الوصول إليه بالمقارنه بباقى الدول بمنطقة الشرق الاوسط. وقد صنف مؤشر “Ookla’s March 2022 Speedtest Global index” مصر فى المرتبه 91 من بين عدد 142 دولة من حيث متوسط سرعة الإنترنت الأرضي".
واستطردت :" لكن ليست تلك الاستفادة المصرية الوحيدة من مرور الكابلات الخاصة بالإنترنت عبرها، حيث استطاعت شركة المصرية للاتصالات (شركة الاتصالات الحكومية التى تمتلك البنية التحتية للاتصالات بمصر) تحقيق إيرادات بحوالى 184.3 مليار دولار كرسوم نقل البيانات فى عام 2019 وهى زيادة بحوالى 17.4% عن بيانات العام السابق له. وقد أعلنت الشركة المصرية للاتصالات فى مارس من عام 2021 عن خطتها لإنشاء مسار الحلقة الأفريقية “Hybrid African ring path HARP” وهو كابل بحرى يمر حول قارة أفريقيا والتى ستربط المناطق الساحلية بالمناطق الحبيسة بدول أوروبية، مثل: إيطاليا، وفرنسا، والبرتغال ووفقًا للخطة، فإنه من المتوقع أن يكون HARP “أون لاين” بنهاية عام 2023، وستكون منطقة شرم الشيخ بمثابة نقطة الخدمات الخاصة بذلك الكابل".
وأشارت الدراسة إلى أنه كان للجهود الحكومية لتنمية الاقتصاد الرقمى المدعومة بقدرات البحث والتطوير أثر كبير فى تحسن ترتيب مصر بالمؤشرات الدولة الخاصة بالابتكار وتكنولوجيا المعلومات؛ متابعة :" فعلى سبيل المثال بلغ ترتيب مصر فى مؤشر الابتكار العالمى الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لعام 2021 المرتبة 94 من بين 132 دولة، بينما كان ترتيبها فى عام 2020 أقل من 96، وقد حققت مصر تقدمًا كبير فى مجال مخرجات المعرفة والتكنولوجيا والبنية التحتية ورأس المال البشرى، حيث جاءت فى المرتبة 13 من بين 34 اقتصادًا منخفض ومتوسط الدخل، وتحسن ترتيبها فى مؤشر تنظيم المدفوعات عبر الهاتف المحمول “GSMA” من الترتيب 64 فى عام 2019 إلى الترتيب 100 فى عام 2021 "الدرجة الأعلى فى هذا المؤشر تعنى أن الترتيب أفضل" ودخلت مصر ضمن أفضل 10 أسواق أحرزت تحسنًا وفقًا لمؤشر “Roland Berger’s Digital Inclusion Index” حيث ارتفع تقييمها من 52 درجة فى عام 2017 إلى 60 درجة فى عام 2020 (الدرجة النهائية من 100)، وقد حصلت مصر على ترتيب 77 من بين 130 دولة فى مؤشر “Network Readiness index” لعام 2021، بعد أن كان ترتيبها فى عام 2020 هو "84.
وأوضحت الدراسة أن مصر تعد واحدة من أكبر أسواق الهواتف الذكية فى أفريقيا؛ إذ يصل عدد الاشتراكات بخدمات الاتصالات 93.4 مليون اشتراك، بمعدل نفاذ 89.9% وفقًا لبيانات عام 2022، وتعد تلك الزيادة كبيرة بالمقارنة بالوضع فى مصر عام 2010 على سبيل المثال؛ إذ كانت نسبة من يحصلون على خدمات الاتصالات الخلوية 70.6 مليون مستخدم، مضيفة :"وأظهر سوق استخدام الإنترنت الخاص بالهاتف المحمول نموًا معقولًا ليصل إلى 64.9 مليون مستخدم فى عام 2022 مقابل 63.4 مليون مستخدم فى عام 2021 وحوالى 60.09 مليون مستخدم فى عام 2010، وهى تعد قفزة كبيرة للغاية فى انتشار خدمات التكنولوجيا بمصر؛ ففى الوقت الذى انخفض فيه عدد الهواتف الذكية التى دخلت إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال وبعد فترة جائحة كورونا كنتيجة لتأثر الاقتصادات المختلفة للدول، كان عدد الهواتف التى دخلت مصر فى نمو مستمر فنما خلال عام 2020 بنسبة 10.6% ليصل إلى 11.9 مليون هاتف، الأمر الذى يجعل 59.5% من المصريين يحملون هاتفًا ذكيًا فى عام 2020/2021.