يعتبر الأرز واحدا من أكبر السلع استهلاكاً فى العالم، حيث لا تتوقف المخاطر التى تهدد هذا المحصول، فهناك ثمة عوامل مختلفة وأساسية تؤثر فى الإنتاج، عموماً وتفضى إلى متغيرات واسعة تبعاً لذلك، من بينها أثر ظاهرة "إل نينو"، بحسب سكاى نيوز.
المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، التابعة للأمم المتحدة، أعلنت الشهر الجارى عن عودة الظاهرة، والتى سوف تتواصل على مدار العام مع كثافة من المحتمل أن تكون "معتدلة على الأقل"، معلنة "بداية الحلقة" مع احتمال فرصة استمرارها فى النصف الثانى من العام الجارى بنسبة 90 بالمئة.
وكانت الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوى، قد أعلنت وصول ظاهرة "إل نينو" فى 8 يونيو الماضي.
فما تلك الظاهرة؟ وما تأثيرها على الطقس والمحاصيل الزراعية وعلى النمو الاقتصادى للبلدان تبعاً لذلك؟
مدير وكالة الأمم المتحدة للأرصاد الجوية والمناخ، بيتيرى تالاس، ذكر فى بيان سابق له هذا الشهر، أن:
وصول ظاهرة "إل نينو" سيزيد بشكل كبير من احتمال تجاوز الأرقام القياسية لدرجات الحرارة، والتسبب فى حرارة أشد فى أجزاء كثيرة من العالم وفى المحيطات.
إعلان المنظمة عن الظاهرة، هو إشارة للحكومات فى جميع أنحاء العالم من أجل ان تستعد للحد من آثارها على صحتنا ونظامنا البيئى واقتصاداتنا.
شد على أهمية أنظمة الإنذار المبكر والتدابير اللازمة لاستباق الظواهر الجوية المتطرفة المرتبطة بهذه الظاهرة المناخية الكبرى لـ"إنقاذ الأرواح وسبل العيش.
ما هى ظاهرة إل نينو؟
يقول أستاذ تربية بيئية لموقع "سكاى نيوز عربية"، إن ظاهرة إل نينو تظهر تقريباً كل فترة تتراوح من أربع إلى سبع سنوات، مشيراً إلى أنها عبارة عن دورة مناخية تحدث فى المحيط الهادئ، لها تأثير كبير على حالة الطقس فى جميع أنحاء العالم، وعادة ما تبدأ هذه الدورة عندما تنتقل المياه الدافئة فى المحيط الهادئ من الجهة الغربية للجزء الشرقى الاستوائى باتجاه سواحل أميركا الجنوبية على طول خط الاستواء، وبعد ذلك تطفو هذه المياه الدافئة على مياه شمال غرب أميركا الجنوبية وتعتبر هذه الظاهرة مناخية شاذة.
ويوضح أن "إل نينو" تتسبب فى حدوث سيول وفيضانات فى أميركا الجنوبية، وأحياناً تنتقل الظاهرة إلى دول أوروبا وتسيطر على هذه المنطقة بشكل كبير من خلال العواصف والأعاصير والأمطار والسيول، وفى بعض الأوقات الأخرى قد يحدث جفاف.
ويلفت إلى أنه من سوء الحظ تزامن الظاهرة فى هذا العام مع ارتفاع درجات الحرارة فى شهر يوليو، وهو ما قد يسبب تفاقم تأثيرها خاصة مع الاحتباس الحراري، لتكون الظاهرة أكثر قسوة، ويشهد العالم ذروتها فى ديسمبر لتنتهى فى شهر أبريل، على حد قوله.
وتؤدى ظاهرة إل نينو إلى تقلبات مناخية كبيرة تؤثر على زراعات الأرز والزراعات الأخرى، مما يجعلها تحدياً كبيراً للمزارعين والمجتمعات التى تعتمد على هذه الزراعة للعيش.
ومن بين أبرز العوامل المرتبطة بتأثر زراعات الأرز جفاف ونقص المياه، ذلك أنه خلال ظاهرة إل نينو، يحدث ارتفاع فى درجات حرارة سطح المحيط الهادئ، وهذا يؤدى عموماً إلى تقليل الأمطار فى مناطق معينة وزيادة التبخر. يمكن أن يؤدى ذلك إلى جفاف ونقص المياه فى المناطق التى تزرع فيها الأرز.
ذلك بالإضافة إلى تأثيرات الجفاف على النمو، على اعتبار أن نقص المياه يؤثر سلباً على نمو النباتات، بما فى ذلك نمو الأرز.
وقد تتوقف النباتات عن النمو أو تتأخر نموها، ما يؤدى إلى تقليل حجم المحصول وجودته، كما يمكن أن يؤدى ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن إل نينو إلى تسريع نمو النباتات وتجفيف التربة. قد يؤدى ذلك إلى تدهور الجودة الكلية للمحصول وتأثيرات سلبية على الأرز.
كما تؤدى ظاهرة إل نينو إلى تغيرات كبيرة فى أنماط الطقس، ما يمكن أن يؤثر على جدول الزراعة والموسم الزراعى لزراعة الأرز. يمكن أن تتسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة فى خسائر فى المحاصيل، فى حين يمكن أن يؤدى الجفاف إلى انخفاض مستويات المياه فى الأراضى الزراعية.
الدول المتضررة
من ناحية أخرى، أشار باحث بيئى، لموقع "سكاى نيوز عربية"، إلى أن موجات الحر القاسية ستضرب الخط الساحلى للأميركتين، الولايات المتحدة وكندا والمكسيك وتشيلي، بينما آسيا وأستراليا من المتوقع أن تشهد موجات جفاف قاسية.
وذكر أن حدوث الفيضانات والأمطار الغزيرة بدوره سيؤدى إلى موت كثير من النباتات أو عدم نمو النباتات بصورة طبيعية، وبالتالى سيتسبب فى فقدان الكثير من المحاصيل، إضافة إلى أن الخريطة الزراعية على مستوى العالم بدأت تتغير لتغير الظروف المناخية.
وتوقع أن يمتد أثر ظاهرة إل نينو ما بين تسعة حتى 12 شهراً، مشيراً إلى إعلان الأمم المتحدة عن بدئها فى أواخر يونيو الماضى فى المحيط الهادىء، أى من الممكن أن تمتد حتى يونيو 2024، وهو العام الذى من المتوقع أن يشهد أعلى درجات حرارة بفعل تلك الظاهرة.
ولفت إلى أن تلك الظاهرة تظهر ما بين 2 حتى 7 سنوات، حيث كانت ظهرت فى آخر مرة لها فى العام 2016، وكانت لها انعكاسات على درجة الحرارة وحدوث أعلى معدلات حرارة فى هذا العام.
وأرجع ظهور وبدء ظاهرة إل نينو قبل موعدها بستة أشهر، إلى :
وتوقع، أنه بفعل ارتفاع درجات الحرارة ستظهر أمراض تصيب الإنسان فمن المحتمل عودة أمراض مثل الكوليرا والحمى، كما تظهر أمراض تصيب الحيوانات، لتكون مصدر ضرر على الإنتاج الحيواني، لافتاً إلى أن الظروف أصبحت مناسبة لانتشار أمراض بصورة وبائية تؤدى إلى هلاك الكثير من المحاصيل.
ونوه بأن ظاهرة إل نينو تهدد المحاصيل الزراعية، فبمجرد ارتفاع درجة الحرارة عن معدلاتها الطبيعية تظهر الكثير من الأوبئة التى تصيب الإنسان والحيوان والنبات، ومن أبرز المحاصيل المهددة بسبب الظاهرة المذكورة:
على سبيل المثال فى آسيا، سيتضرر محصول الأرز بشكل خاص، ومن المتوقع أن لا يتوفر خلال الفترة المقبلة بسبب تبخير المحصول وفقدان المياه بسبب الجفاف.
الشعير والقمح، من المتوقع أن يهدد محصولهما بالإبادة، بسبب الإصابة بالصدأ الأصفر وأنواع الأصداء المختلفة، لعدم تماشى الظروف المناخية لمرحلة النمو خاصة الحرجة منها مثل الإنبات، موضحاً أن الإصابة به تكون فى المناطق ذات درجة الحرارة العالية، لان ارتفاع درجة الحرارة على محاصيل مثل الذرة من الممكن أن يؤدى إلى نقص الإنتاج بسبب تأثر الإخصاب.