تواجه أوروبا موجة غير مسبوقة من ارتفاع درجات الحرارة والتى كانت قد أثرت بشكل على العديد من القطاعات من الزراعة إلى السياحة والاقتصاد، تواجه الدول الأوروبية ارتفاعا فى أسعار الخضار وزيت الزيتون، واشتكى المزارعون من موجة الحر الشديدة التى أدت إلى تدمير المحاصيل اليونانية والإسبانية، مما تسبب فى أحد أسوأ مؤشرات أسعار المزارع فى السنوات الأخيرة.
ففى اليونان، ثالث أكبر منتج لزيت الزيتون فى أوروبا، وصلت موجات الحر الشديدة إلى درجات حرارة تجاوزت 40 درجة مئوية، مما أدى إلى اندلاع حرائق ضخمة أحرقت مساحات شاسعة من الأراضى الزراعية، بما فى ذلك بساتين الزيتون، وأودت بحياة أربعة أشخاص على الأقل.
من المقرر أن يصبح يوليو 2023 أكثر الشهور سخونة فى تاريخ الكوكب بأكمله، وفقًا لبرنامج كوبرنيكوس، برنامج مراقبة الأرض التابع للاتحاد الأوروبي. تتنافس الصناعات الرئيسية فى جزيرة كريت اليونانية، السياحة والزراعة، هذا العام على احتياطيات الأمطار الشتوية المحدودة فى الجزيرة المتوسطية والتى تبقيها على مدار العام فى موسم الزراعة والحصاد.
وقال أنتونيس كيرامياناكيس، مزارع خضروات يمتلك منشأة دفيئة فى جنوب جزيرة كريت، إن الحرارة الشديدة خلال الأسبوعين الماضيين دمرت فعليًا محصوله بالكامل من الشتلات التى يجب أن تنمو الآن مرة أخرى. يواجه مزارعو الخضروات الآخرون فى المنطقة نفس المشكلة.
واعترف المزارع بأن مضاعفة العمل ستؤدى إلى ارتفاع أسعار المحاصيل المحدودة من الطماطم والخيار والباذنجان والفلفل التى سيتم عرضها فى الأسواق الوطنية والأوروبية مع حلول موسم الحصاد.
وأوضح: "سأضطر إلى إعادة زراعة النباتات التى دمرتها الحرارة، وبالتالى ستتضاعف التكلفة فى المنتج النهائى، حيث سأضطر إلى شراء البذور مرة أخرى، وكذلك الأسمدة، ودفع أجور العمال".
أخبر إلياس ستيفاناكيس، مزارع البطيخ الذى يمتلك 10 أفدنة من الأراضى فى بلدة أكروتيرى فى غرب جزيرة كريت، أن اليونان وأوروبا سيكون لديهما كميات أقل من الفاكهة بعد أطول موجة حر فى تاريخ البلاد.
وفى إسبانيا، تعانى من ارتفاع أسعار المواد الغذاء فى ظل ارتفاع كبير فى درجات الحرارة وموجة جفاف شديدة، حيث ارتفعت أسعار زيت الزيتون والبطيخ والفواكه والحبوب والحليب، ويعانون من ارتفاع غير عادى فى الأسعار وبعض مشاهد النقص، حسبما قالت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن قلة الأمطار مع درجات الحرارة المرتفعة لها تأثير مباشر على إمدادات وجودة المنتجات التى تصل إلى الثلاجات والمستوصفات، حيث تغير المناخ يترك بصماته على الزراعة والثروة الحيوانية، وبالتالى المستهلك النهائي.
كما نعد كاتالونيا واحدة من أكثر مجتمعات الحكم الذاتى تضررًا، حيث تُزرع الفاكهة ذات النواة على وجه التحديد. لدى جمعية المزارعين الشباب (Asaja) مرصد للتعرف على حالة الخوخ والمشمش والبرقوق والكرز. نعم، صحيح أنهم يتوقعون هذا العام انتعاشًا، دون احتساب النكتارين، للإنتاج بنسبة 22% مقارنة بعام 2022، حتى 1.1 مليون طن.
وأوضحت الصحيفة أن هى أن هذا الرقم يقل بنسبة 5% عن السنوات الخمس الماضية، لن يكون محصولًا سيئًا للفاكهة ذات النواة ولكن كان من الممكن أن يكون أفضل بكثير. وقد تأثر ذلك بموجات الحر.
ويعتبر زيت الزيتون، الذى يعتبر ذهبًا سائلًا منتجًا فى إسبانيا، فى حالة تأهب قصوى أيضًا بأسعار قياسية. ويعتبر عدم هطول الأمطار، أكثر إلحاحًا فى أحواض جنوب البلاد، والصقيع المتأخر والحرارة فى الإزهار. لم يتم ضبط الزيتون كما ينبغى وتضررت الشجرة. أولئك الذين قُطِعوا سيستغرقون عامين للتعافي.
وإسبانيا هى أكبر منتج لزيت الزيتون فى العالم. المنتج موضع تقدير فى عدد كبير من البلدان، البكر الممتاز، جوهرة التاج، فى حصص تاريخية. ويوم الجمعة الماضى وبحسب النظام المرجعى "المجمّع" كان سعره 7615 يورو للكيلو. خلال شهرى يونيو ويوليو، تشهد تصعيدًا لا يعرف المنتجون متى سيتوقف. مانويل ليلو مزارع مكرس لبستان الزيتون فى مقاطعة جيان. يقول أنه باع نفطه فى عام 2020 بسعر 2.40 يورو للتر. يتساءل "إلى أى مدى سيذهب هذا؟" يمكن أن تنتج إسبانيا 750 ألف طن من زيت الزيتون عندما تستهلك إسبانيا فقط أكثر من مليون.
موجات الحر والتسمم الغذائى
كما حذر المركز الأوروبى للوقاية من الأمراض من أن الحرارة يمكن أن يؤدى إلى التسمم الغذائى، وخاصة السالمونيلا التى تعد أكثر الأنواع شيوعا، وهى بكتيريا تعتبر، وفقا لمنظمة المستهلكين والمستخدمين "ملكة الصيف"
وفقًا لتقارير من هيئة سلامة الأغذية الأوروبية والمركز الأوروبى للوقاية من الأمراض ومكافحتها، فقد أثرت هذه البكتيريا على 552 شخصًا فى عام 2021، وتسببت فى تفشى 93 حالة، ونقل 71 شخصًا إلى المستشفى، وفى الوقت الحالى، ينتشر داء السالمونيلا فى أوروبا، والذى أصاب بالفعل 92 شخصًا من مختلف البلدان فى القارة وأسفر عن وفاة شخص واحد، يمكن أن يكون أصله فى بعض طماطم الكرز، وفقًا لما أشار إليه المركز الأوروبى لمكافحة الأمراض والوقاية منها (ECDC).
وأعراضه - التى عادة ما تكون حمى وآلام فى البطن وإسهال وأحيانًا قيء - عادة ما تكون خفيفة: "يتعافى المرضى دون علاج محدد، على الرغم من أنه فى الأطفال الصغار وكبار السن يجب أن ينتبهوا بشدة لخطر الجفاف".
موجات الحر والإجازات الصيفية
كما أدت موجات الحر الشديدة إلى تغير العديد من الأشخاص إلى تغير خططهم فى قضاء الاجازات الصيفية فى أوروبا خوفا من التأثر بالحر والحرائق، ولذلك فيمكن أن تتعرض صناعة السياحة، التى تساهم بشكل كبير فى الناتج المحلى الإجمالى لأوروبا، لأعباء كبيرة بسبب تغير المناخ.
وتعتبر إسبانيا وإيطاليا واليونان هى بعض دول الاتحاد الأوروبى التى تتجه اقتصاداتها بشكل خاص نحو قطاع السياحة.
وأجرى ديفيد جارسيا ليون، محلل آثار المناخ وسياسة التكيف فى المفوضية الأوروبية دراسة، أظهر فيها نمطًا واضحًا للتحول بين الشمال والجنوب فى الطلب على السياحة فى أوروبا: المناطق الشمالية تستفيد من تغير المناخ والمناطق الجنوبية تواجه انخفاضًا كبيرًا فى الطلب على السياحة.
وتعتبر أوروبا هى المنطقة الأكثر زيارة فى العالم، وفقًا لحسابات منظمة السياحة العالمية (UNWTO). فى عام 2020، أنتجت أوروبا 41% من إجمالى عائدات السياحة العالمية وسجلت 51% من إجمالى الوافدين الدوليين، أى ما يعادل 582 مليون سائح.