يحتاج المرء إلى الكلمات، التى تخرج من أعماقه، فتريحه من أعباء، تثقل كاهله، وتجثم فوق صدره كالطود، يحتاج إلى أن يتكلم، قول يُخرج تلك الزفرات منه، فيرتاح قليلا، ليستأتف الحياة، ليجابه الصعاب، لينقذ نفسه من مهالك الكتمان، من الانفجار، من تلف الأعضاء والأفكار، يحتاج إلى البوح، إلى الصرخة، إلى الحقيقة إلى أن يتعرى أمام أى شيء، إنه دائم الهروب، دائم العدو منها، كى لا يوجهها، بما اقترفت يداه، إنه لا يريد أن يكون ضعيفا أمامها، ولكن بين البوح والكتمان، تظل الصرخات المكتومة، تعوى بداخله، تزأر جائعة، إلى الراحة والسكينة، إنك لا تدرى، أى ألم جهنمى، تكتمه النفس، فإذا ما اعترفت وباحت، بما تمتلأ به استراحت إنها التوبة، التوبة من نفسه من خطاياه المتصلة من عفونة أفكاره وخياله.. نحن نبوح لأننا نريد أن نتطهر من معاصينا من آثامنا، التى تطاردنا أننا نحتاج إلى هذا البوح، كى نطأ أرضا جديدة، وسماء جديدة، نستنشق هواء، جديدا أننا نريد الخروج من ذواتنا، لنعيد بنائها المنهار، نرمم الشروخ، الجدران المتصدعة، والسقوف المشقوقة، الألوان الباهتة، نزينها بالأمل الجديد بالحياة، بهواء أنقى، بإقامة جدران، أثقل وأمتن أننا نبوح، كى يبقى الأمل ينبت من وإلى الحياة، يترعرع أمام أعيننا، أن يصمت كل شيء، كى نتحدث تصمت الكائنات الحية، أن يكون هناك لحظات صمت، أشبه بلحظات الحداد لا يتكلم متكلم، حتى أقول وأنفجر، وأن أرمم ما كسرته الأيام فى نفسى، وما هدمت عبر سنوات الانقلاب النفسى، الثورات النابعة منا، هل نستطيع فى نهاية الأمر أن نقول أن نتحدث أن نبوح، بما يقبع فى سراديب النفس المؤرقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة