لا شك فى أن أكبر مجال أظهر فيه الفنان المصرى براعته فى النقش والتصوير هى المناظر التى مثلها على جدران مصاطب الدولة القديمة، وفى معابد ملوكها.
كانت بداية هذه النقوش ما كان يكتب على اللوحة التى كانت توضع أمام باب قبر المتوفى، إذ كان يقتصر فيها أولًا على اسم صاحب القبر، ثم أخذت تتدرج شيئًا فشىء بتطور نظام الأسرة الاجتماعي، حتى أصبحت تنقش كلها برسوم ومناظر تمثل صاحب القبر وزوجته وأسرته، كما ذكر الدكتور سليم حسن بموسوعته مصر القديمة.
وعندما نمت الاعتقادات الدينية، وازدادت ثروة البلاد الداخلية، أصبح القبر مؤلفًا من عدة حجرات، نقش على جدرانها رسوم، ومناظر تمثل مواضيع مختلفة عن الحياة، وهذه الرسوم كانت فى بادئ الأمر يقصد منها تأدية وظيفة نفعية محضة، ولكن بقدر ما كان يظهره الفنان من المهارة والدقة في تصوير الأشياء على حقيقتها كانت المنفعة أكثر وأهم، ولأجل أن نصل إلى كنه هذه المنفعة يجب أن نشرح الاعتقاد الدينى الذى من أجله كانت تنقش هذه المناظر على الجدران.
ويوضح الدكتور سليك حسن أن تفسير ذلك أن المصرى كان يعتقد أنه سيحيا حياة ثانية فى قبره، وكان يعتقد أن الإنسان مركب من عناصر مختلفة نذكر منها الجسم المادى "زت" ثم القرينة، وهى الروح المادية، وكانت تنضم إليه فى قبره بعد مماته، وبها كان يمكنه أن يعيش في قبره ويخرج منه نهارًا، ويعود إليه ليلًا، ثم الروح النورانية، وكانت تصعد إلى السماء وتنضم إلى عالم الأرواح، الذي كان يمثل بالنجوم بالقرب من المعبود "رع" إله السماء، وقد جاء فى متون الأهرام ما يثبت ذلك.