نجحت الدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة في فتح صفحة جديدة مع الشباب في مصر، والأمر لم يقتصر فقط على ملف الإفراجات الذى شهد تحولا كبيرا ، إلا أن الدولة قدمت مردودا جيدا للغاية في تقديم كل سبل الدعم لإثقال مهارات الشباب وتمكينهم من القيادة.
وسلطت عدة مراكز بحثية الضوء على تمكين الشباب في مصر وسبل تدريبهم منها دراسة أعدها المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات،وذكرت أن البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة كان له دور كبير في دعم الشباب حيث بدأت فكرة البرنامج بالإعلان عن مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية للبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة في سبتمبر عام 2015، بهدف إنشاء قاعدة قوية وغنية من الكفاءات الشبابية كي تكون مؤهلة للعمل السياسي، والإداري، والمجتمعي بالدولة، من خلال اطلاعها على أحدث نظريات الإدارة والتخطيط العلمي والعملي، وزيادة قدرتها على تطبيق الأساليب الحديثة لمواجهة المشكلات التي تحيط بالدولة المصرية.
ويعد البرنامج كيانًا مستقلًا تابعًا لرئاسة الجمهورية من خلال إدارة متخصصة محترفة، ويتعاون في تنفيذه عدد من هيئات ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني. ويطبق البرنامج نموذجًا تعليميًّا مبنيًا على مفهوم اكتساب الخبرات، حيث يتلقى الدارسون المادة العلمية في صورة محاضرات نظرية يليها تطبيق عملي مباشر على أرض الواقع من خلال تطبيق المحاكاة للنماذج المختلفة. ويلتقي الدارسون خلال فترة البرنامج بعدد من رموز الفكر والثقافة لإثراء القاعدة المعرفية لديهم.
كما أشارت الدراسة إلى أنه تم إنشاء الأكاديمية الوطنية للتدريب، لتكون الشكل المؤسسي لبرامج تدريب وتأهيل الشباب، وهي ثاني آليات تمكين الشباب والتي تهدف إلى تحقيق متطلبات التنمية البشرية للكوادر الشبابية بجميع قطاعات الدولة، والارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم. وجاء إنشاؤها كأحد توجيهات المؤتمر الوطني الأول للشباب بشرم الشيخ، وتعد المشروع القومي لبناء الإنسان، فعلى مدار السنوات الماضية، تخرج فيها ثلاث دفعات من البرنامج الرئاسي، ضمت 1500 شاب وفتاة في الفئة العمرية بين 20و30 عامًا.
كما انطلقت الدولة في المشروع القومي لتأهيل الشباب للمحليات والمشاركة السياسية والذى بدوره يستهدف العمل على دعم الكوادر الشبابية المصرية، من أجل الانضمام بالمجلس المحلي المصري، بالإضافة إلى رفع الوعي الفكري سواء كان الثقافي أو السياسي لديهم، فضلًا عن تأهيلهم لفهم الشارع المصري والعمل على حل التحديات التي تواجه المواطن المصري، وكذلك العمل على التقائهم مع أصحاب الفكر والرؤى والرموز السياسية البارزة، من أجل التعلم واكتساب الخبرات وذلك من خلال الحوار البناء والمناقشات الثرية، حيث يشمل البرنامج لقاءات حوارية مفتوحة مع شخصيات سياسية بارزة، وتم تدشين المبادرة بمشاركة بين وزارتى الشباب والرياضة (كمشرف عام على المشروع)، ووزارة التنمية المحلية (كشريك أساسي بالمشروع).
بعدها جاءت مبادرة شباب من أجل التنمية وهي برنامج يسعى إلى توفير مجالات مختلفة للحوار مع الشباب، لتحقيق مبدأ الاتصال السياسي المباشر مع الشباب، وتم إطلاق المبادرة من وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية بالشراكة مع المجلس الأعلى للجامعات. ويهدف البرنامج إلى رفع مستوى الوعي الشبابي بأهداف التنمية المستدامة، من خلال التدريب على تقديم مشروعات تنموية مبتكرة تحل قضايا قومية ومحلية. ويعد الهدف الاستراتيجي من جراء هذه المبادرة هو إعداد جيل شبابي قادر على قيادة العمل العام.
كما أضفت الدولة المصرية حماية واهتمامًا خاصًا بتمكين ورعاية الشباب في الوثيقة الدستورية 2014 حيث نص الباب الثالث من الدستور المصري (الخاص بالحقوق والحريات والواجبات العامة)، في المادة 82 على أن: تكفل الدولة رعاية الشباب والنشء، وتعمل على اكتشاف مواهبهم، وتنمية قدراتهم الثقافية والعلمية والنفسية والبدنية والإبداعية، وتشجيعهم على العمل الجماعي والتطوعي، وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة.
وفيما يتعلق بالتمكين السياسى يعد التمكين السياسي هو أهم مراحل ومستويات التمكين التي تقدمها القيادة السياسية المصرية لفئة الشباب؛ سعيا من الدولة لدفع الشباب للتعبير السياسي المؤسسي من خلال الاندماج داخل المؤسسات السياسية المتعددة. وتمت خطوات التمكين بداية من تدشين مبادرة تجمع الشباب الحزبي والمستقل، تحت مظلة تنسيقية سياسية لتقديم نموذج للحوار القائم على الأهداف والرؤى المشتركة، من أجل تنمية الحياة السياسية وتقديم مشروع وطني يجمع كل الأطياف، وهي "تنسيقية شباب الأحزاب" وتضم 27 حزبًا ومجموعة من السياسيين المستقلين ،كذلك شجعت الدولة انخراط الشباب للانضمام إلى مختلف الأحزاب، لما تسهم فيه فئة الشباب من دور أساسي في ضمان نجاح عملية التحول من المرحلة الانتقالية إلى الدولة الوطنية المؤسسية (الجمهورية الجديدة).
وعلى المستوى التنفيذي تضمنت حركة المحافظين عام 2019 تمثيلًا فعليًا للشباب، وهذا ما يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن التمكين أصبح حقيقة وليس شعارًا، فضمت الحركة 39 قيادة جديدة ما بين محافظ ونائب للمحافظ، من بينهم 60 % من الشباب، حيث ضمت اختيار 16 محافظًا، و23 نائبًا، وجاء عدد الشباب 25 قيادة، منها اثنان من المحافظين، و23 نائبًا للمحافظين كما بلغ عدد الأعضاء من الشباب تحت سن الأربعين بمجلس النواب في دورته الحالية 2021-2026، نحو 124 نائبًا بنسبة 21% من إجمالي عدد النواب بالبرلمان.
وفيما يخص المحليات، نص دستور2014 على تخصيص 25% من مقاعد المجالس المحلية للشباب، وهو ما يشير إلى اهتمام الدولة بضرورة تمكين الشباب وتدريبه وتأهيله للقيادة في دولة يشكل فيها الشباب السواد الأعظم من عدد سكانها. وتستعد مصر لتمكين الشباب على مستوى المحليات، ولكن بعد إتمام المرحلة التمهيدية والتدريبية لضمان نجاح التجربة.
ومن أهم المبادرات التي أطلقتها الحكومة بجانب مشروع التأهيل الشبابي للمحليات لدعم وتمكين الشباب على مستوى المحليات "مبادرة شغلك فى قريتك"، التي يتم تنفيذها في 27 محافظة لديها كوادر مؤهلة من الشباب لدخول المجال العام، حيث بلغ عدد الجمعيات الأهلية التي ساهمت في تنفيذ البرنامج واكتسبت القدرة اللازمة لأداء البرامج الخاصة بتمكين الشباب 80 جمعية ومؤسسة أهلية، وشارك 522 مدربًا مؤهلًا لتنفيذ برامج إعداد الكوادر الشبابية، كما يوجد 35 ألفًا و330 شابًا وفتاة مدربين ومؤهلين للترشح للمحليات والمشاركة في العمل العام. علاوة على ذلك يوجد 2 مليون و128 ألفًا و868 مواطنًا لديهم الوعي بالمحليات وأهمية المشاركة فى الشأن العام.