فى فصل الصيف، وتحت أشعة الشمس الحارقة جنوب البلاد، يبدأ المتخصصون الأثريون فى الصيانة والترميم للمعابد والمواقع الأثرية المختلفة، للحفاظ على شكل ومحتوى الأثر المصرى المتوارث من الحضارة القديمة قبل آلاف السنين.
ويبذل الفريق المختص بالترميم جهود كبيرة لصيانة ونظافة الأثر من الأوساخ والعوامل والمؤثرات الخارجية التى يتعرض لها الأثر طوال السنة، ثم تبدأ خلال فترة الصيف جنوب البلاد والتى تشهد ركودا فى حركة السياحة نظرا لارتفاع درجات الحرارة، التفكير فى حماية القطع الأثرية وإعادتهم للشكل المتعارف عليه ويجذب انتباه السائحين حول دول العالم.
وتحدث لـ"اليوم السابع"، نصر سلامة، الخبير الأثرى، ووكيل وزارة الآثار سابقا، عن أعمال الترميم التى تتم للقطع الأثرية فى المواقع المختلفة، مؤكدا أن هناك أشكال وألوان كثيرة للترميم، منها الـ"معمارى" والذى يستخدم بهدف ترميم التكسير والتلفيات فى الأثر، وهى غير موجودة حاليا فى محافظة أسوان ولكنها تظهر مع الكشف الأثرى الجديد أحيانا عندما تظهر بعض القطع المكسرة.
وأضاف الأثرى نصر سلامة، أن ما يتم حالياً خلال فترة الصيف فى أسوان، هى أعمال صيانة ونظافة للحفاظ على الأثر وحماية كتاباته المنقوشه عليه والألوان الموجودة وغير ذلك من خيوط العنكبوت وأدخنة وعوادم السيارات وحركة الزائرين والأتربة وما شابه ذلك من أوساخ تصيب القطع الأثرية طوال السنة، ولابد من نظافتها بصفة دورية حتى لا يؤدى إهمالها مع الوقت لطمس الأثر، ولذلك تتم أعمال الصيانة والنظافة لإظهار الشكل الأصلى له، وعندما يلاحظ الأثرى "تنميل" أو "شرخ" أو غير ذلك يتم التعامل معها عن طريق النوع الثالث وهو "الترميم الدقيق".
وأشار، إلى أن أعمال الصيانة والنظافة لا تقل أهمية عن أعمال الترميم، نظرا لأهميتها فى متابعة الأثر نفسه وما يطرأ عليه، كما أن المرمم عندما يقف أمام الأثر باستخدام العدسات وليست العين المجردة، يستطيع رؤيه طبيعة الحجر الرملى وما اذا كان تعرض لإصابة أو تأثر بأى عوامل خارجية سواء كانت أملاح أو غيرها، مضيفا أن الترميم يتم بصفة دورية على كل معابد ومقابر وآثار مصر، من شمالها حتى جنوبها، موضحا أنه من فترة أجريت للمواقع الأثرية فى أسوان أعمال نظافة وصيانة فى مقابر الأمراء غرب أسوان ومعبد أبو سمبل وفيلة.
وأوضح "سلامة"، أن من أعمال الترميم والصيانة التى تتم هى "حقن الأثر" لعلاج التفتيت الذى يحدث على سبيل المثال، وتحتوى الحقنة على مادة كيميائية معينة، وبمجرد حقنها فى جزء معين من الحجر يبدأ الحجر الأثرى فى استعاده صلابته مره أخرى، لافتا إلى أنه لو ترك كما هو فإن ذرات الحجر تتفتت مع الوقت، ولذا مطلوب التدخل الكيميائى لتقويه الحجر والحفاظ على تماسكه، مشيرا إلى أن هذه المادة يكون متفق عليها دوليا، والترميم فى مصر بشكل عام يخضع لتعليمات منظمة الأمم المتحدة "اليونسكو"، بالمواد المصرح باستخدامها ومتفق عليها عالميا، مضيفا أنه كان سابقا خلال فترة الستينيات يتم الترميم باستخدام "الاسمنت المعروف" ولكن بعدها صدر قرار بمنع استخدام هذه المادة لانها تضر بالحجر وتزود نسبة الأملاح به.
وتابع الخبير الأثرى، أن فريق الترميم يعتمد على أخصائيين متدربين وذوى خبرة، ويرافقهم فريق أقل منهم فى الخبرة، لمساعدتهم على اكتسابها مع الممارسة والوقت، مشيرا إلى أن خطوات الترميم والصيانة معروفة ومحددة، ويتم عمل جدول محدد بالأثر الذى سيتم التعامل معه، ويتوجه الفريق فى البداية لاجراء معاينة قبل الترميم، من خلال مدير الترميم ومساعديه، ويرافقهم المسؤول الأثرى عن الموقع، والذى يلاحظ وجود خطر ما فى القطع الأثرية أو الجدران ويخطر بها، ويتم تدوين ملاحظات الترميم المطلوبة، ولو استدعى الترميم أو التنفيذ أعمال كبرى فلابد من أخذ الموافقة عن طريق اللجنة الدائمة للآثار وإخطار الإدارة العامة بالوزارة.
ولفت وكيل الآثار سابقا، إلى أن فريق الترميم يكون فى المتوسط مكون من 10 أفراد، فى وجود رئيس الفريق والمكلفين بالأعمال المختلفة حسب الخبرة المكتسبة، موضحا أن المعدات تكون حسب المكان المستهدف والأدوات ومنها الفرشاة تكون بعيدة عن الملمس الخشن للحجر، فلابد أن تكون مواد ناعمه جدا وشعيراتها ذات درجة نعومة محددة، لعدم التأثير على ذرات الحجر، وأحيانا يتم استخدام أدوات يخرج منها تهويه بسيطة لنظافة المكان.
وأكمل نصر سلامة، أن الحقن المستخدمة هى الحقن المعروفة ولكن المادة الداخلية فى الحقنة تحتوى على مواد كيميائية معينة وتتغير كل فتره من الفترات وذلك عالميا، ولا يتم شراء هذه الأدوات والمواد من السوق المحلى، ولكن يتم إحضارها من الإدارة العامة للترميم بالقاهره، ويتم توزيع الحصة المحدده لكل موقع أثرى على مستوى مصر سواء مواد أو أدوات.
وكشف، عن أن الأعمال تتم فى فترة الصيف لمنع الإزعاج وعدم تأثر السائح برؤية "سقالات" وأدوات العمل الأخرى تشوه رؤية الأثر بالشكل السليم، ولذلك الترميم يبدأ من أول النهار حتى آخره لإنجاز المهمة، ويحرص أطباء الحضارة المصرية على ارتداء البالطو الأبيض ليميزهم عن غيرهم أثناء العمل، بالإضافة إلى استخدامهم وسائل حماية منها "الكمامة" التى تقى المرمم من روائح المواد الكيمائية والأوساخ والأتربة المنتشرة أثناء العمل، كذلك يحرصون على استخدام "جوانتى" للوقاية أثناء العمل بالأيدى فى نظافة الأثر.
جانب من عمليات الترميم (1)
جانب من عمليات الترميم (2)
جانب من عمليات الترميم (3)
جانب من عمليات الترميم (4)
جانب من عمليات الترميم (5)
جانب من عمليات الترميم (6)
جانب من عمليات الترميم (7)
جانب من عمليات الترميم (8)
جانب من عمليات الترميم (9)
جانب من عمليات الترميم (10)
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة