وقعت في سنة 280 هجرية العديد من الأحداث المهمة، وهناك قول يرجح بأن "سيبويه" أشهر النحاة في الطريق قد مات في هذه السنة، فما الذي يقوله التراث الإسلامي؟
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ بن كثير تحت عنوان "سيبويه أستاذ النحاة"
وقيل: إنه توفى فى سنة سبع وسبعين، وقيل: ثمان وثمانين، وقيل: إحدى وستين، وقيل: أربع وسبعين ومائة فالله أعلم.
وهو أبو بشر عمر بن عثمان بن قنبر مولى بنى الحارث بن كعب، وقيل: مولى الربيع بن زياد الحارثى البصري.
ولقب سيبويه لجماله وحمرة وجنتيه حتى كانتا كالتفاحتين.
وسيبويه فى لغة فارس: رائحة التفاح.
وهو الإمام العلامة العلم، شيخ النحاة من لدن زمانه إلى زماننا هذا، والناس عيال على كتابه المشهور فى هذا الفن.
وقد شرح بشروح كثيرة وقل من يحيط علما به.
أخذ سيبويه العلم عن الخليل بن أحمد ولازمه، وكان إذا قدم يقول الخليل: مرحبا بزائر لا يمل.
وأخذ أيضا عن عيسى بن عمر، ويونس بن حبيب وأبى زيد الأنصاري، وأبى الخطاب الأخفش الكبير وغيرهم، قدم من البصرة إلى بغداد أيام كان الكسائى يؤدب الأمين بن الرشيد، فجمع بينهما فتناظرا فى شيء من مسائل النحو فانتهى الكلام إلى أن قال الكسائي: تقول العرب: كنت أظن الزنبور أشد لسعا من النحلة فإذا هو إياها.
فقال سيبويه: بينى وبين أعرابى لم يشبه شيء من الناس المولد، وكان الأمين يحب نصرة أستاذه فسأل رجلا من الأعراب فنطق بما قال سيبويه.
فكره الأمين ذلك وقال له: إن الكسائى يقول خلافك.
فقال: إن لسانى لا يطاوعنى على ما يقول.
فقال: أحب أن تحضر وأن تصوب كلام الكسائي، فطاوعه على ذلك وانفصل المجلس عن قول الأعرابى إذا الكسائى أصاب.
فحمل سيبويه على نفسه وعرف أنهم تعصبوا عليه ورحل عن بغداد، فمات ببلاد شيراز فى قرية يقال لها: البيضاء، وقيل: إنه ولد بهذه، وتوفى بمدينة سارة فى هذه السنة، وقيل: سنة سبع وسبعين، وقيل: ثمان وثمانين، وقيل: إحدى وتسعين، وقيل: أربع وتسعين ومائة فالله أعلم.
وقد ينف على الأربعين، وقيل: بل إنما عمر ثنتين وثلاثين سنة فالله أعلم.
قرأ بعضهم على قبره هذه الأبيات:
ذهب الأحبة بعد طول تزاور ** ونأى المزار فأسلموك وأقشعوا
تركوك أوحش ما تكون بقفرة ** لم يؤنسوك وكربة لم يدفعوا
قضى القضاء وصرت صاحب حفرة ** عنك الأحبة أعرضوا وتصدعوا
