سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 28 أغسطس 1805.. إبراهيم أكبر أبناء محمد على باشا وأخوه طوسون يصلان إلى مصر لأول مرة بعد انفصالهما أربع سنوات عن والدهما

الإثنين، 28 أغسطس 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 28 أغسطس 1805.. إبراهيم أكبر أبناء محمد على باشا وأخوه طوسون يصلان إلى مصر لأول مرة بعد انفصالهما أربع سنوات عن والدهما إبراهيم محمد على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وصلت السفينة إلى مصر وعلى متنها إبراهيم، أكبر أنجال محمد على باشا، ومعه أخوه «طوسون» القادمان إلى القاهرة لأول مرة فى حياتهما يوم 28 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1805، حسبما تذكر الدكتورة عفاف لطفى السيد مارسو فى كتابها «مصر فى عهد محمد على».
 
كان الاثنان فى بلادهما بينما كان والدهما فى مصر، وكان إبراهيم يبلغ 16 عاما، حيث ولد فى «قولة» باليونان عام 1789، ثم ولد طوسون بعده بأربع سنوات، أى كان عمره 12 عاما، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «عصر محمد على»، وتذكر عفاف لطفى: «كان أبوهما أصبح واليا على مصر منذ ما يقرب من شهر، وكان مركزه لم يزل مزعزعا، وكان قد انفصل عن أولاده لسنوات أربع، وفى اليوم التالى لوصولهما، عين أكبر الولدين محافظا على القلعة فى القاهرة، وبعد سنة من ذلك، فى أكتوبر 1806، كان إبراهيم فى طريقه إلى استانبول كرهينة».
 
يذكر «جيلبرت سينويه» فى كتابه «الفرعون الأخير محمد على» ترجمة «عبدالسلام المودنى»، أن إرسال إبراهيم إلى استانبول كرهينة جاء بعد أن تعهد محمد على بدفع ستة آلاف بورصة لإرضاء الباب العالى، لكى لا ينفذ فرمانه بتعيين شخص يدعى موسى حاكما لمصر، وينتقل محمد على إلى سالونيك حاكما لها، غير أن محمد على لم يكن يملك شيئا من المال، ففرض عليه أن يرسل ابنه الأكبر إبراهيم كرهينة، لحين دفع المبلغ المتفق عليه.
 
تذكر عفاف لطفى، أن محمد على أراد أن ينشئ لنفسه دولة مستقلة، وسعى إلى تحالفات مع بريطانيا وفرنسا ليحقق هذا الهدف، وأمكن له أن يعلن نفسه سيد مصر الأوحد، وكان مضطرا إلى أن يحكم بمساعدة أناس آخرين، ووجد هؤلاء بين عائلته، وكانت الطريقة التى يتعامل بها مع عائلته وأقاربه ذات دلالة، إذ إنها كانت صدى للكيفية التى حكم بها البلاد.
 
تكشف عفاف لطفى أن محمد على كان له ثلاثون طفلا، وترى أن عائلة كبيرة بهذا القدر يصعب الاعتقاد بأنه كان قريبا من أى من الأطفال الصغار، الذين ولدوا فى مصر فى وقت كان مستغرقا أثناءه فى الصراع من أجل البقاء، ومن بين أولاده الذكور السبعة عشر، لم يبلغ مبلغ الرجال إلا إبراهيم وطوسون وإسماعيل وسعيد وحسين وعبدالحليم ومحمد على الصغير، وعاش سعيد وعبدالحليم ومحمد على الصغير إلى ما بعد وفاة والدهم، أما الباقى فماتوا أطفالا.
 
ترى عفاف لطفى أن السنة التى قضاها إبراهيم فى استنابول كرهينة، لا بد أنها كانت سببا فى تبديد أوهامه عن العثمانيين، وهو الشعور الذى تحول فيما بعد ليصبح عداء واحتقارا صريحين لهم ولحكومتهم ولشخصيتهم العسكرية، وتعلم اللغة العربية وتحدث بها مع رجاله، وكان معتادا على أن يصف نفسه بأنه مصرى وليس تركيا، وهو ما كان يثير الغم لدى أبيه، وعندما عاد إلى مصر فى خريف 1807 عينه السلطان فى منصب «الدفتردار» عام 1813، وكانت الشؤون المالية ونقص الأموال مصدر عذاب للوالى، وكان فى حاجة إلى من يستطيع الاعتماد عليه تماما لتلبية أوامره، وجمع ما يلزم من الأموال دون أن يخادعه فى جزء منها، وكانت وظيفة إبراهيم كمفتش عام على الحسابات هى أن يجمع أكثر ما يمكن جمعه من أموال الشعب، وهو ما جلب عليه كراهية الملتزمين الذين كان يجردهم من أموالهم.
 
أما الابن الأصغر طوسون المولود فى عام 1793، والمتوفى فى 1816، فقد وضع على رأس جيش الحجاز ضد الوهابيين عام 1809، ومنحه السلطان لقب باشا، وكان محمد على فى ذلك الوقت مستغرقا فى الشؤون الداخلية، وعين ابنه فى هذا الموقع ليسكت انتقادات الباب العالى إذ لم يتم إنفاذ الحملة إلا بعد ذلك بسنتين.
 
تؤكد عفاف لطفى أن ما قيل عن أن إبراهيم لم يكن ابن محمد على، وإنما ابن زوجته، هو فى حقيقته أسطورة، وتستشهد برسالة نادرة كتبها محمد على إلى السلطان العثمانى فى يناير 1812، كتب فيها: «لقد رزقنى الله ثلاثة أبناء أعزاء إلى نفسى كحياتى وبصرى، ولا أستطيع أن أفترق عن أحدهم ثانية، ورغم ذلك فقد أرسلت ولدى الأكبر «دفتردار» مصر إلى السودان لمطاردة المماليك ولم أره منذ ستة أشهر، وأوكلت إلى ابنى الثانى أحمد طوسون باشا مهمة الحجاز، على الرغم من أن فراقى عن ولدى يمزق قلبى، وقد فعلت ذلك خدمة لسيدى».
 
تعلق عفاف لطفى: «لم يكن الوالى ليكتب أبدا بهذه الطريقة لو كان إبراهيم مجرد ابن بالتبنى، ولم يكن السلطان كذلك ليقبل به كرهينة، كان إبراهيم وأبوه يشبه أحدهما الآخر شبها كبيرا من الناحية الجسمانية، على الرغم من أنهما كانا مختلفين كثيرا من الناحية المعنوية».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة