قال الناشر شريف بكر، إن ما نعرفه اليوم عن الذكاء الاصطناعى يشبه قمة جبل الثلج، وما يحدث فى الأعماق لا نعرف عنه شيئا، وقد نجد أنفسنا أمام مشكلات لا نعرف كيفية التعامل معها، ولهذا فنحن متأخرون جدا وقوانينا لم تتغير.
وقال شريف بكر خلال تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" لا شك أن دخول الذكاء الاصطناعى لعالم الإبداع وصناعة النشر سيكون له أثر كبير على عالم النشر، وهذا الأثر ذو شقين، الأول سيكون مباشرا، والآخر غير مباشر، بحيث سيستغرق بعض الوقت ليظهر هذا الأثر غير المباشر.
وأوضح شريف بكر أن من بين الأشياء التى سوف تتأثر بسرعة كبيرة، ستكون مثل التدقيق اللغوى، والترجمة، وتنظيم العمل، وعمليات التسويق، وحقوق الملكية الفكرية، والإخراج.
وأضاف شريف بكر: أما عن فكرة الإبداع والكتابة، فأعتقد أنها سوف تستغرق بعض الوقت، لأنها ليست بهذه السهولة التى يعتقدها البعض، فمن الممكن أن نرى الآن أعمالا لكنها ستعد بمثابة تجربة ليس فقط، أما الجودة فهى تعتمد فى الأساس على الإنسان المبدع وتجاربه الحياتية، ولهذا أرى أن أية محاولة لاستكتاب الذكاء الاصطناعى ستفتقد للجودة.
وعن دور الناشرين واتحادات النشر فى العالم العبر، فقال شريف بكر: نحن كفاعلين فى عالم صناعة النشر، مطالبون بالعمل على حماية حقوقنا وحقوق المؤلف، فما نصدره الآن سوف يستخدمه الذكاء الاصطناعى فيما بعد، ولهذا فمن الضرورى والهام جدا، أن تتضمن عقود النشر بندا يتعلق بالذكاء الاصطناعى، وأن تكون هناك مجموعة من التشريعات التى تحمى صناعة النشر وحقوق الملكية الفكرية، والعمل على تطبيق هذه التشريعات.
وأكد شريف بكر على أنه لا بد أن يكون هناك تعاون كبير بين الناشرين وصناع التقنية من أجل فهم آلية العمل، ومحاسبة صناعة التقنية على حقوق البيانات التى يقومون الآن باستخدامها فى صناعتهم، فالذكاء الاصطناعى يستفيد ماديا مما يقدمه، ولهذا يجيب أن يحصل أصحاب حقوق الملكية الفكرية على حقوقهم المادية أيضا.
وأوضح شريف بكر أن هذه العملية يتم العمل عليها الآن فى الخارج، فيما يتعلق بقوانين وتشريعات عمل الذكاء الاصناعى وحماية حقوق الملكية الفكرية، وللأسف الشديد نحن متأخرون جدا فيها، فحتى الآن لم نتمكن من تغير قانون عام 2002، ومنذ أن طالبنا بالتغير قلنا علينا أن نتنبأ بالمستقبل وللأسف هذا ما حدث، فنحن سنجد أنفسنا أمام مشكلات كبيرة لن نتمكن من التعامل معها، فإذا كان بإمكاننا ملاحقة عمليات التزوير، فالآن مع الذكاء الاصطناعى لن نعرف ولن نتمكن من ملاحقة أحد.
ورأى شريف بكر أنه لا بد وأن تكون لدنيا لجنة لمناقشة وضع مصر وقوانين النشر فيها، تضم صناع النشر وصناع التقنية، فما نراه الآن يشبه قمة الثلج فقط، ولا نعرف ما يدور بالأسفل، فالأمور تتطور بشكل كبير جدا، وقد تتسبب فى خسارة كبيرة لصناعة النشر لدينا، لأن الذكاء الاصطناعى سيغنى الطالب مثلا عن شراء الكتب والمراجع لإجراء بحث ما، لأن بإمكانه الإجابة على سؤال البحث ببساطة شديدة، ومن هنا ستأتى الخسارة الأكبر للناشر والمؤلف. فالخسارة لا تتمثل فى الناحية المادية فقط، بل تتمثل فى القيمة العلمية نفسها، لأن الطالب سيتوقف دوره على السؤال والحصول على الإجابة فقط، ومن هنا فالطالب لم يتعلم ولم يعرف، وهو ما يعنى أن العلم نفسه فى خطر.