استمرت ثورة الزنج أكثر من 14 عامًا، حتى قضى عليها أحمد الموفق في سنة 270 هجرية عندما قتل صاحب الزنج، فما الذي يقوله التراث الإسلامي؟
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ بن كثير تحت عنوان "ثم دخلت سنة سبعين ومائتين":
فيها كان مقتل صاحب الزنج قبحه الله: وذلك أن الموفق لما فرغ من شأن مدينة صاحب الزنج وهى المختارة، واحتاز ما كان بها من الأموال، وقتل من كان بها من الرجال، وسبى من وجد فيها من النساء والأطفال، وهرب صاحب الزنج عن حومة الحرب والجلاد، وسار إلى بعض البلاد طريدا شريدا بشر حال، عاد الموفق إلى مدينته الموفقية مؤيدا منصورا، وقدم عليه لؤلؤا غلام أحمد بن طولون منابذا لسيده سميعا مطيعا للموفق، وكان وروده عليه فى ثالث المحرم من هذه السنة، فأكرمه وعظمه وأعطاه وخلع عليه وأحسن إليه، وبعثه طليعة بين يديه لقتال صاحب الزنج، وركب الموفق فى الجيوش الكثيفة الهائلة وراءه فقصدوا الخبيث وقد تحصن ببلدة أخرى، فلم يزل به محاصرا له حتى أخرجه منها ذليلا، واستحوذ على ما كان بها من الأموال والمغانم، ثم بعث السرايا والجيوش وراء حاجب الزنج، فأسروا عامة من كان معه من خاصته وجماعته، منهم سليمان بن جامع، فاستبشر الناس بأسره وكبروا الله وحمدوه فرحا بالنصر والفتح.
وحمل الموفق بمن معه حملة واحدة على أصحاب الخبيث فاستحر فيهم القتل، وما انجلت الحرب حتى جاء البشير بقتل صاحب الزنج فى المعركة، وأتى برأسه مع غلام لؤلؤة الطولوني، فلما تحقق الموفق أنه رأسه بعد شهادة الأمراء الذين كانوا معه من أصحابه بذلك، خر ساجدا لله، ثم أنكفأ راجعا إلى الموفقية، ورأس الخبيث يحمل بين يديه، وسليمان معه أسير، فدخل البلد وهو كذلك، وكان يوما مشهودا وفرح المسلمون بذلك فى المغارب والمشارق.
ثم جيء بأنكلانى ولد صاحب الزنج، وأبان بن على المهلبي، مسعر حربهم مأسورين ومعهما قريب من خمسة آلاف أسير، فتم السرور وهرب قرطاس الذى رمى الموفق بصدره بذلك السهم إلى رامهرمز، فأخذ وبعث به إلى الموفق فقتله أبو العباس أحمد بن الموفق.
واستتاب من بقى من أصحاب صاحب الزنج، وأمنهم الموفق ونادى فى الناس بالأمان، وأن يرجع كل من كان أخرج من دياره بسبب الزنج إلى أوطانهم وبلدانهم، ثم سار إلى بغداد وقدم ولده أبا العباس بين يديه ومعه رأس الخبيث يحمل ليراه الناس، فدخلها لثنتى عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى من هذه السنة، وكان يوما مشهودا، وانتهت أيام صاحب الزنج المدعى الكذاب قبحه الله.
وقد كان ظهوره فى يوم الأربعاء لأربع بقين من رمضان سنة خمس وخمسين ومائتين، وكان هلاكه يوم السبت لليلتين خلتا من صفر سنة سبعين ومائتين.
وكانت دولته أربع عشرة سنة وأربعة أشهر وستة أيام، ولله الحمد والمنة.