لم يعد صعبا أو غريبا أن نقول الملك تشارلز وليس الأمير تشارلز، مثلما كان الحال فى الشهور الأولى بعد وفاة الملكة إليزابيث.
فبعد عام على تولى تشارلز الثالث عرش بريطانيا خلفا لوالدته التى رحلت فى 8 سبتمبر 2022، فإن أغلبية البريطانيين يقولون إنه يقوم بعمل جيد كملك، وإن كان ليس بنفس الشعبية التى تمتعت بها الملكة الراحلة.
وتقول صحيفة واشنطن بوست الأمريكية فى تقريرها عن الذكرى الأولى لوفاة الملكة وتولى تشارلز العرش، أن الملك البالغ من العمر 74 عاما الكثير لا يزال أمامه الكثير ليثبته فيما يتعلق بمدى قدرته على التمتع بسلطة ناعمة والاحتفاظ بصلة الملكية فى الوقت المعاصر. ولم تتحقق بعد التوقعات بأنه ربما يقلل حجم المؤسسة الملكية فيما يتعلق بعدد أفراد الأسرة الملكية المشاركين، وتكلفتها أيضا. ولا يبدو أنه قد أحرز بعد تقدما كبيرا فيما سيفعله مع شقيقه الأمير أندرو، الذى تم تجريده من امتيازاته الملكية بعد فضائحه بالاعتداء على قاصر، أو حتى مع نجله الأمير هارى.
وتنسب كاتبة السيرة الذاتية الملكية سالى بيدل سميث إلى تشارلز الفضل فى كونه منفتحا ومتواصلا مع الجمهور، وقالت إنه أثبت أنه متحدث ارتجالى جيد جدا أفضل بكثير من والدته. وأضافت: يبدو أنه يستمته بوقت، ومرتاح للغاية فى هذا الدور. ويسمع البعض أنه يشعر بدعمه من مقدار العمل الذى يقوم به ويفعل كل ما هو مطلوب.
لكن بعض مضى عام على توليه العرش، تقول بيدل سميث، لا نزال لا نعرف ما هو التصور الكبير الذى يدور فى ذهن الملك.
ويشير مراقبو العائلة الملكية إلى أن أكبر نجاح لتشارلز طوال العام الماضى هو حفل التتويج فى 6 مايو الماضى. ويوضح كريج بريسكون، الخبير الدستورى فى رويال هولوواى لجامعة لندن أن حفل التتويج حمل طابع الملك عليه، والمزج بين التقليد وبريطانيا المعاصر. وبدا الحفل أكثر معاصرة.
ولعب الملك تشارلز الدور الرائد والمدير للاحتفال الذى ظل يغلب عليه الطابع الدينى بشدة وغارقا فى التقاليد، لكنه كان أكثر شمولا للأديان الأخرى، وأعطى إشارة لحماية البيئة وكان محدودا إلى حد ما بالرغم من العربات الذهبية.
ووسط كل هذه الأبهة، نجح تشارلز فى إدخال كاميلا إلى وعى الناس كملكة، وأسقطت بهدوء صفة الملكة القرينة من اتصالات القصر، متغلبا على مشاعر هؤلاء الذى حافظوا على ولائهم لزوجته الأولى الراحلة الاميرة ديانا.
ومن الأمور الحساسة الأخرى لتشارلز كانت مدى قدره على التحول من أمير ناشط إلى ملك موحد. فعلى العكس من والدته، عرف عن تشارلز آرائه القوية بشأن تغير المناخ والهندسة المعمارية ومضى حياته فى الدفاع عن قضاياه. ومع ذلك، هناك فكرة مفادها أن الحياد السياسى أساسى لنجاه الملكية فى العصر الحديث.
وقد أثبت تشارلز أنه قادر على السيطرة على لكل شىئ، بل أن بعض المراقبيين الملكيين يتساءلون عما كان قد تم إبقائه مقيدا للغاية من قبل مستشاريه. فعندما كان أميرا، كان تشارلز متحدثا بارزا فى المؤتمرات الخاصة بالمناخ، بما فى ذلك قمة كوب 26 فى جلاسكو. لكن بعدما أصبح ملكا، اتفق مع رئيسة الوزراء آنذلك ليز تروس على عدم حضور مؤتمر كوب 27 فى شرم الشيخ.
وبدلاً من ذلك، استضاف حفل استقبال قبل القمة فى قصر باكنجهام فى نوفمبرالماضى بحضور ضيوف من بينهم مبعوث الولايات المتحدة للمناخ جون كيرى ورئيس مؤتمر الأطراف ألوك شارما. وفى يوليو، التقى تشارلز بالرئيس بايدن وكبار رجال الأعمال الخيريين والممولين فى قلعة وندسور، كجزء من الجهود المبذولة لتعبئة تمويل المناخ.
تشارلز لم يفعل الكثير لخفض تكلفة التاج
فبعيدا عن التتويج، كان أفضل العناوين المرتبطة بتشارلز فى العام الماضى عندما أعلن أن الأرباح من صفقات مزارع الرياح الجديدة التى تم التفاوض عليها على الأراضى الملكية يجب إعادة توجيهها "من أجل الصالح العام الأوسع". وأشارت صحيفة واشنطن بوست فى ذلك الوقت إلى أن الملك ربما كان يحاول إثارة دعاية جيدة قبل المراجعة الحكومية للأموال الملكية.
وأعلنت وزارة الخزانة لاحقا أن الراتب الممول من دافعى الضرائب للعائلة المالكة سيبقى دون تغيير العام المقبل عند 86.3 مليون جنيه إسترلينى. ومن المتوقع أن يرتفع إلى 124.8 مليون جنيه استرلينى فى عام، 2025 و126 مليون جنيه فى عام 2026.
وأشار المسئولون إلى أن المبلغ كان من الممكن أن يكون أعلى بكثير لو لم يغيروا صيغة التمويل، حيث أن الجزء من أرباح حيازة الأراضى التابعة لشركة Crown Estate المستخدمة لحساب المنحة السيادية تم تحديده عادةً بنسبة 15 بالمائة، وتم رفعه إلى 25% لتغطية تجديدات قصر باكنجهام. ولكن سيتم تخفيضها إلى 12% ابتداء من العام المقبل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة