احتلت أفريقيا مكانة بارزة على جدول أعمال القمة السنوية الثامنة عشر لمجموعة العشرين “G20” المنعقدة في الهند خلال يومي 9 و10 سبتمبر، بحضور رؤساء دول المجموعة وعدد من الرؤساء المدعوين، إلى جانب رئيس جزر القمر “غزالي عثماني” بصفته رئيس الاتحاد الأفريقي، والرئيس “عبد الفتاح السيسي” بصفته رئيس الشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا “نيباد”.
وشهدت القمة خلال جلستها الإفتتاحية الإعلان عن منح “الاتحاد الأفريقي” العضوية الدائمة في مجموعة العشرين لأكبر الاقتصادات في العالم، كنِتاج لمجموعة من الجهود الدبلوماسية الأفريقية المكثفة خلال السنوات الماضية، للدفع بالقارة الأفريقية للعب دور أكثر أهمية على المسرح العالمي، بما يتناسب مع قدراتها وإمكاناتها الكبيرة، وكجزء من خطة أكبر للدفع نحو إصلاح المؤسسات العالمية لتكون أكثر إنصافًا وعدالة.
وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن حصول الاتحاد الأفريقي على مقعد دائم في مجموعة العشرين خطوة مهمة بالنسبة للقارة الأفريقية للعب دور أكبر على الصعيد العالمي، وسيجعل من الصعب تجاهل مطالب أفريقيا، لكن ومع ذلك ستحتاج أفريقيا إلى بذل مزيد من الجهد لتوحيد صوتها في المجموعة إذا كانت تأمل في التأثير على عملية صنع القرار، فضلًا عن أنها ستحتاج إلى الدفع نحو مزيد من التوسع في العضويات لدول أفريقية أخرى ليكون لها دور متناسب مع قوتها الحقيقية.
وذكرت دراسة أن العضوية الدائمة للاتحاد الأفريقي تمثل في مجموعة العشرين اعترافًا قويًا بأهمية أفريقيا التي تسعى إلى لعب دور أكبر على المسرح العالمي؛ في ظل مطالبتها بإصلاح النظام العالمي والمؤسسات العالمية التي مثلت لفترة طويلة نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية المتلاشي، بما في ذلك مجلس الأمن وصندوق النقد والبنك الدولي ومجموعة العشرين، لتكون أكثر عدالة، بما يتناسب مع المعطيات الجديدة للدول النامية عامة ودول القارة الأفريقية خاصة، التي من المتوقع أن يتضاعف عدد سكانها البالغ 1.3 مليار نسمة بحلول عام 2050، وأن يشكلوا ربع سكان الكوكب.
ونظرًا إلى كون دول مجموعة العشرين أهم الشركاء التجاريين للقارة الأفريقية، من المنتظر أن تؤدي العضوية الدائمة للاتحاد الأفريقي في مجموعة العشرين إلى تعزيز التعاون التجاري بين الدول الأفريقية ودول المجموعة، ولعب دور أكبر في صياغة اتفاقيات تجارية أكثر عدالة وإنصافًا من دول القارة بوصفها شريكًا تجاريًا حقيقي وليست مصدرًا للمواد الخام فقط. فضلًا عن ذلك، تسعى أفريقيا على نحو متزايد إلى جذب مزيد من الاستثمارات في المجالات ذات الأولوية بالنسبة للقارة وفقًا لأجندة أفريقيا 2063، ويسمح الوجود الأفريقي الأوسع في مجموعة العشرين بتوجيه الاستثمارات إلى المجالات ذات الأولوية.
وتتمثل المكاسب في أن العضوية الدائمة لأفريقيا كذلك فرصة أوسع للدول الأفريقية في المشاركة في صنع القرارات التي يقوم عليها الاقتصاد العالمي، والقضايا المهمة ذات التأثير المباشر على الدول الأفريقية، بما في ذلك التغير المناخي، والهجرة، والأمن الغذائي، والطاقة، فضلًا عن القضايا المتعلقة بمنح مزيد من القروض للدول النامية من قبل المؤسسات المتعددة الأطراف، وإصلاح هيكل الديون الدولية، وهو أمر له أهمية خاصة في ظل معاناة العديد من الدول الأفريقية من أزمة ديون.
وبالتالي ستكون أفريقيا فاعلًا في صنع هذه القرارات ولن تكون مجرد متفرج بعد الآن، وإن كانت الدول الأفريقية في حاجة إلى مزيد من التمثيل في المجموعة لتكون أقوى تأثيرًا، لكنها القطرة التي قد تنذر بالغيث فيما بعد، من جهة أخرى، يعد منح عضوية دائمة للاتحاد الأفريقي في مجموعة العشرين خطوة سياسية مهمة حيث تمثل اعترافًا من الدول الغنية بالقارة الأفريقية كقوة عالمية في حد ذاتها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة