تمر اليوم الذكرى الـ141 على هزيمة الزعيم أحمد عرابى، في معركة التل الكبير، وبداية الاحتلال البريطاني لمصر، حيث دخل الإنجليز بعدها القاهرة واستقبلهم الخديوي توفيق، واستعرض القوات البريطانية ووقع عرابي في الأسر وحكم عليه بالإعدام ثم خفف للنفي لينتهي الأمر بأن تقع مصر تحت الاحتلال الإنجليزي.
وبحسب المؤرخ عبد الرحمن الرافعى، فى كتابه "الثورة العرابية والاحتلال الانجليزى"، أن الجيش البريطانى بقيادة الجنرال ولسلى، بدأ التأهب للتحرك فى مساء يوم 12 سبتمبر، وفى الثانية عشر صباحا تحركت القوات، وأعطى الجنرال ولسلى تعليماته بأن تطفأ الأنوار أثناء السير، حتى لا يشعر العرابيون بزحفه، وكان يتقدم الجيش البريطانى بعد رجال الأسطوال الذين لهم دراية بالاسترشاد بالنجوم لمعرفة خط السير فى الصحراء، ولكن هؤلاء لم يكن فى استطاعتهم الاهتداء إلى مسالك الصحراء، بل كان المرشدون الحقيقون لفيفا من أتباع "حزب الخديوى" حسبما ذكر المؤلف، وأمامهم عربان الهنادى ممن اشترى الإنجليز ذممهم واتخذوهم عيونا لهم وجواسيس.
وأوضح الرافعي أيضا في كتابه "الزعيم الثائر أحمد عرابي" أن الجيش المصري في التل الكبير — كما قدَّره الجنرال ولسلي — مؤلفًا من 24 طابورًا وثلاثة آلايات من الفرسان وستة آلاف من البدو، وكان عرابي يُشرف على حركات القتال … ولكنه لم يتولَ القيادة الفعلية التي عهد بها إليه علي باشا الروبي، وبلغت مدافع هذا الجيش من 60 إلى 70 مدفعًا. ويقول المستر بلنت: "إن جيش عرابي بالتل الكبير لم يكن يزيد على عشرة آلاف أو اثني عشر ألف جندي، والباقون كانوا من المجندين الأحداث، الذين لم يسبق لهم إطلاق بندقية واحدة. أضف إلى ذلك أن خيرة الجنود لم يكونوا بالتل الكبير، بل كانوا في كفر الدوار بقيادة طلبة باشا عصمت، أو في دمياط بقيادة عبد العال باشا حلمي، وهؤلاء لم يشتركوا قط في المعركة".
وتابع الرافعى، وفي مساء هذا اليوم تأهب للزحف، ولما جن الليل بدأ الجيش الإنجليزي يتحرك من القصاصين في منتصف الساعة الثانية صباحًا، وكان الظلام حالكًا، وأصدر الجنرال ولسلي تعليماته بأن تطفأ كل الأنوار أثناء السير، حتى لا يشعر العرابيون بزحفه، وأكد الرافعي أنه من العجيب أن يقطع الجيش الإنجليزي المسافة بين القصاصين والتل الكبير — وهي تبلغ خمسة عشر كيلومترًا — دون أن تصادفهم طلائع المصريين، وقد فوجئ المصريون بالهجوم إذ كانوا نائمين بعد أن سهروا في سماع ذكر أرباب الطرق، فاستيقظوا على صوت البنادق، ولم يكد يضربون نفير الحذر حتى أمر الجنرال ولسلي جنوده بالهجوم، فابتدأ في الساعة الرابعة والدقيقة الخامسة والأربعين صباحًا، وكان على شكل نصف دائرة أحاطت بمعسكر العرابيين، فاقتحمت الجنود الإنجليزية الاستحكامات الأمامية، وأطلق رماتها القنابل والبنادق عليهم، وقُتل منهم في هذه الهجمة نحو مائتين قبل أن يصلوا إلى الخنادق.
فلما فوجئ المصريون بهجوم الجيش الإنجليزي اختل نظامهم، لكن اليوزباشي حسن رضوان صمد للمهاجمين، وأخذت مدافعه تصلي الإنجليز نارًا حامية وكبدتهم خسائر جسيمة، وجُرح هو في تلك الوقعة، وقد أُعجب الجنرال ولسلي ببسالته وترك سيفه احترامًا له، ولم يزد عدد الجنود الذين اشتركوا في المعركة على ثلاثة آلاف، أما الباقون فقد تولاهم الذعر، فألقوا أسلحتهم ولاذوا بالفرار، ولم تدم المعركة أكثر من عشرين دقيقة لم تزد خسائر الإنجليز فيها على 57 قتيلًا منهم 9 ضباط و48 صف ضابط وجنديًّا و402 جرحى منهم 27 من الضباط، أما خسائر المصريين فقد تراوحت بين 1500 قتيل أو 2000، وغنم الإنجليز مدافع المصريين، واستولوا على جميع مهمات الجيش وذخائره ومئونته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة