يصبح الأمر مثيرا للشجن والألم في آن واحد عندما يتعلق الأمر بالتاريخ، سجل الإنسانية الحاضر بشكل دائم الذي تشهد دفتيه أفراح وأتراح الإنسان عبر قرون طويلة، والتي عبر عنها بحضارة ضخمة وآثار صمدت بشموخ في وجه الزمن متحدية ومعلمة أنها أقوى ن الطبيعة والزمن وأنها قادرة على تسطير التاريخ وإعادة إنتاجه أيضا.
وعرض برنامج "مطروح للنقاش"، على قناة "القاهرة الإخبارية"، من تقديم الإعلامية مارينا المصري، تقريرا تلفزيونيا بعنوان " الآثار العربية هل خسرت معركتها أمام الطبيعة؟"، حيث تطل الآثار برأسها في انكسار وحسرة لا تريد أن تعلن خسارتها للمعركة أما الطبيعة، لكن، ترضيها قناعة أنها تمر بكبوة فقط، مجرد كبوة وتسترد عافيتها مجددا.
زلزال المغرب لم يدمر البشر والمباني بل امتلك من القدرة ما مكنه من تهديد مراكش التاريخية التي تحوي بعض أشهر البلاد وأقدمها ومنها المدينة القدمية، ونشر مواطنون مقاطع مصورة تظهر تضرر أجزاء من الأسواق الحمراء الشهيرة التي تحيط بالمدينة القديمة في مراكش المدرجة على لائحة يونيسكو للتراث للعالمي.
الوضع في ليبيا لم يكن أقل سوءً ودمارا، بل تم إعلان درنة مدينة منكوبة بعد اختفاء ربعها بمنازلها وأشجارها ومبانيها وبشرها بطبيعة الحال، يحدث هذا بينما يفكر المهتمون بالآثار في مصيرها في ظل الكارثة الحالية التي عصفت بكل شيء، حيث يحتاج الأمر إلى تدخل الجهات الدولية المعنية بحماية الآثار لوضع خطة فعالة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والتأكيد على أن الآثار العربية لم تخسر معركتها أمام الطبيعة وأنها لا تزال قادرة على جمع حطامها والبدء مجددا.
وقال الدكتور غيث سليم أستاذ التاريخ القديم، إنّه متألم بسبب ما تعرض له الشعبان الليبي والمغربي، مشيرًا إلى أن زلزال المغرب كان له تأثيرات يومية كبيرة على الحياة اليومية في تلك المناطق.
وأضاف سليم خلال لقاء ببرنامج "مطروح للنقاش"، على قناة "القاهرة الإخبارية"، من تقديم الإعلامية مارينا المصري: "هنالك مدن قد تعرضت للدمار، ونحتاج إلى خطوات عملية للحفاظ على ما تبقى من المواقع الأثرية المهمة في المغرب التي تارة تتعرض لتأثير للبشر كما حدث من عمليات تهريب آثار على يد داعش".
وتابع، أن هناك تحرك دولي سريع يجب أن يتم للحفاظ على الآثار في المناطق المتضررة وصيانة المواقع التراثية في المغرب وليبيا، حيث تحتوي مدينة درنة الليبية على مواقع مهمة مثل المعبد اليهودي والمسجد الكبير، وبالتالي، فإنها جزء من التعايش، والإعصار كان شديدا وتحتاج تلك المنطقة إلى دعم دولي سريع.
وقال الدكتور الشرقي دهمالي الأمين العام للمنظمة العربية للمتاحف ومدير متحف اتصالات المغرب، إنّ الأضرار التي تعرض لها مسجد الكتبية في المغرب جراء الزلزال المدمر مازالت تحت التقييم، وهناك بعض التصدعات والتشققات في الحائط باتجاه القبلة، لافتًا إلى أن المباني القديمة في مراكش تضررت نتيجة الزلزال.
وأضاف دهمالي في مداخلة هاتفية ببرنامج "مطروح للنقاش"، على قناة "القاهرة الإخبارية"، من تقديم الإعلامية مارينا المصري، أن المغرب تتعاون مع يونيسكو لأن مراكش مسجلة كتراث عالمي، لافتًا إلى أن مسجد تينمل تضرر بشكل كبير جدا ولم تبقَ إلا بعض الجدران واقفة.
وتابع الأمين العام للمنظمة العربية للمتاحف ومدير متحف اتصالات المغرب، أن مجموعة من سكان مراكش أصبحوا مطالبين بعدم العودة إلى بيوتهم حتى يتم ترميمها، والدولة ستتكفل بالترميم لأن مراكش مصنفة تراث عالمي.
وواصل الدكتور الشرقي دهمالي الأمين العام للمنظمة العربية للمتاحف ومدير متحف اتصالات المغرب: "بالنسبة للترميم، فإننا ننتظر لأن الارتدادات قد تستمر لمدة شهر وبعد ذلك سنقوم بالترميم، والهزات الارتدادية لا تكون بنفس الهزة الارتدادية الأولى إلا إذا كان زلزالا آخر، ونحن في مرحلة التقييم وإنجاز التقارير التي ستستلم إلى السلطات الرسمية في وزارة الأوقاف ومديرية التراث".
وقدم المؤرخ مجدي شاكر، التعازي للشعبين المغربي والليبي جراء الإعصار والزلزال، مشيرًا إلى أن الآثار تضررت بقوة: "في الكوارث، نهتم بالإنسان لأنه الأساس ثم يكون الاهتمام بالآثار في مرحلة تالية، حتى المنظمات الدولية لا تهتم بالآثار"، وشدد على أن بلادنا العربية لآلية عاجلة ومسقبة لحماية تراثنا من الكوارث الطبيعية وتسجيله، حيث إن مصر لديها تجربة فريدة في هذا الإطار، فقد كانت هناك مجموعة من الآثار ستدمر أثناء إنشاء السد العالي، وفي عام 1959 تم إنشاء مركز تسجيل الآثار المصرية سجلنا فيها كل الآثار بالرفع المعماري والرفع الهندسي والتصوير وأصبح لدينا وثيقة لكل أثر يكون لدينا صورة نعيد بناءه وفقا لها.
وأضاف شاكر خلال لقاء ببرنامج "مطروح للنقاش"، على قناة "القاهرة الإخبارية"، من تقديم الإعلامية مارينا المصري، أن الزلزال عندما وقع في دولة متقدمة مثل تركيا وغيرها كان هناك اهتمام أكبر بالآثار، لافتًا إلى أن معظم الآثار في الدول العربية موجودة بمناطق مكتظة بالسكان وتواجه عمليات إنقاذها صعوبات كبيرة.
وتابع المؤرخ: "نتذكر زلزال عام 1992 الذي حدث في مدينة القاهرة كانت الآثار الإسلامية هناك الأكثر تضررا من الآثار الفرعونية، حيث حافظة الآثار المصرية القديمة على نفسها، وهناك مجموعة من العوامل التي تؤثر في الآثار، مثل مادة المباني ووجودها في مناطق كثيفة والتلوث الطبيعي والتلوث البشري والمناخ".