على مدار الأسبوعين الماضيين، تابع الملايين من الأمريكيين والبريطانيين، ومعهم كثيرون حول العالم، دراما مستمرة متمثلة فى هروب سجناء خطرين من داخل مراكز احتجازهم بشكل أحرج أجهزة الأمن فى اثنتين فى أهم الدول فى العالم.
كانت الأنظار معلقة بشكل أكبر بما يجرى فى ولاية بنسلفانيا الأمريكية، والذى بدأ بخبر هروب مجرم خطير مدان بقتل حبيبته الصادقة أمام طفلها، والذى يواجه اتهامات أخرى بالقتل فى موطنه الأصلى البرازيل، مما جعل يهرب خارج البلاد.
لم يكن خبر هروب سجين أمرا غير عادى، فسبق أن تكررت هذه النوعية من الحوادث، لكن ما لم يكن عاديا هو مدى خطورة هذا المجرم، ورصده عبر كاميرات المراقبة فى عدد من المناطق السكنية، الأمر الذى أثار حالة من الهلع.
وبعد 14 يوما من الفرار والمطاردة، تمكنت شرطة ولاية بنسلفانيا من القبض على القاتل الخطير الهارب. وقالت وكالة أسوشيتدبرس إن معدات التصوير الحراراى من الجو وفرق البحث ذات الخبرة والتى عملت خلال ليلة عاصفة، وكلب بحث وعنصر المفاجأة كانت جميعها عوامل حاسمة فى القبض على القاتل الهارب دانيلو سوزا كافالكانتى ، الأربعاء، بعد مطاردة استمرت 14 يوما عبر الأراضى الزراعية والغابات فى جنوب شرق بنسلفانيا.
وشارك عدة مئات من أفراد إنفاذ القانون فى البحث عنه على أقدامهم ومن الجو، وتمكنوا أخيرا من تحديد مكانه قرب المحيط الخارجى لمنطقة تبلغ مساحتها نحو 16 كيلومتر. وتم إقامة الكوردون عندما شوهد كافالكانتى يوم الاثنين بعد حلول الظلام مباشرة وهو ينحنى بالقرب من خط أشجار، وبعد ساعتين، يهرب من المرآب.
وكانت أول إشارة على مكان كافالكانتى، والتى أثارت انتباه فرق البحث هى إنذار سرقة بعد وقت قصير من منتصف ليل الثلاثاء. وقامت السلطت بالتحقيق فيه، ولم يعثروا عليه، وفقا لما ذكره المقدم فى شرطة ولاية بنسلفانيا جورج بيفينز.
لكن الإنذار جذب فرق البحث القريبة إلى المنطقة، بينها طائرة قدمتها وكالة المخدرات الأمريكية بعد أن تلقت طلبت بها مساء الثلاثاء فى محاولة للحول على تكنولوجيا التصوير الحرارى. ورصدت الطائرة بالفعل إشارة حرارية، وبدأ الباحثون على الأرض فى التتبع والتطويق.
وأكد رئيس السلطة التنفيذية المحلية أن أحدا لم يُصب بأذى خلال المطاردة التي لم تشهد إطلاق أي أعيرة نارية. وأضاف أن المجرم تعرض "لعضة طفيفة" من كلب أحد الضباط.
وفى نفس الوقت، كانت قصة هروب أخرى تُروى فصولها فى واشنطن العاصمة، وإن كانت تبدو أقل خطورة.
فقد تمكن كريستوفر هاينز من الهروب منذ أسبوع بعد فراره من الاعتقال فى مستشفى جامعة جورج واشنطن فى 6 سبتمبر. وكان هاينز، البالغ من العمر 30 عاما، قد تم اعتقاله قبلها بيوم بتهم قتل لها صلة بإطلاق نار فى 12 أغسطس فى المقاطعة. وأدى هروبه إلى إصدار أمر "الكل فى مكانه" لمدة عدة ساعات الأسبوع الماضى داخل حرم جورج واشنطن بالكامل وغلق الطرق لفترات فى الشوارع القريبة.
وقالت وكالة أسوشيتدبرس إن الفارق بين المطاردتين كان كبيرا، ففى حين تابعت وسائل الإعلام كل التطورات المتعلقة بالسجين البرازيلى، فإن هاينز تم إسقاطه من الخريطة بشكل أساسى. وقدمت الشرطة الأسبوع الماضى صورة لهاينز يرتدى قميصا أسود ويتحرك عبر ساحة محلية. إلا أن التطورات اللاحقة الوحيدة التى لها صلة به كانت عرض مكافأة 25 ألف دولار لأى معلومات تقود إلى القبض عليه، وورفع الجائزة إلى 30 ألف دولار مع تقديم تفصيل إضافية عن الهروب.
وعلى الجانب الآخر من الأطلنطى، فى بريطانيا، تسبب الشاب الصغير دانيال خليفة الذى لم يتجاوز عمره 21 عاما فى إحراج لأجهزة الأمن الداخلية بعد هروب، بدا مدبرا، من السجن الذى كان يمكث فيه لاتهامات تتعلق بصلته بالإرهاب.
صحيفة "ميل أون صنداى" البريطانية أن خليفة، الجندى السابق، والذى يواجه تهم بالإرهاب والتجسس لدولة معادية، والتخطيط لوضع قنبلة مزيّفة حاول الهروب فى 31 أغسطس باستخدام نفس الطريقة عبر ربط نفسه بشاحنة توصيل الطعام، ولكن لم تفلح محاولته لانقطاع الأربطة بسبب وزنه. ولكنه تمكن من الفرار فى 6 سبتمبر الجارى.
ويُعتقد أن خليفة كان يرتدي زي طباخ، واستخدم رباطًا للتشبث بالجانب السفلي من سيارة توصيل الطعام التي غادرت السجن في 6 سبتمبر.
وبعد ساعات من فراره، أثيرت تساؤلات حول سبب عدم احتجاز خليفة في سجن شديد الحراسة، وحول كيفية تسلّله خارج أسوار السجن.
ورغم أن فرار خليفة لم يستمر لأكثر من أربعة أيام، وتمكنت الشرطة البريطانية من القبض عليه قرب ممر قناة في غرب لندن صباح يوم السبت الماضى بعد أن شوهد وهو يركب دراجة، إلا أنه كان سببا فى الهجوم على حكومة ريشى سوناك.
حيث قال حزب العمال البريطانى المعارض إن الحدث يجسد فشل حكومة سوناك في الحفاظ على سلامة الناس، مشيرا إلى انهيارات سياسية آخري مثل أزمة الخرسانة المدرسية المتهالكة.
وتسبب هروب خليفة فى التركيز على قضايا تتعلق بالموظفين والموارد في خدمة السجون، وما إذا كان لها دور في هروبه . وقال أليكس تشالك، وزير العدل، إن 40 من بين 1600 سجين داخل سجن واندسوورث في جنوب غرب لندن تم نقلهم إلى سجون أخرى، وإن النتائج الأولية للتحقيق الداخلي في الهروب يجب أن تكون جاهزة بحلول نهاية الأسبوع.