سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 سبتمبر 1882.. عبدالله النديم يودع والده فى ساحل بولاق ويجهز لسنوات اختفائه من دار صديقه بعد فشل الثورة العرابية

السبت، 16 سبتمبر 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 سبتمبر 1882.. عبدالله النديم يودع والده فى ساحل بولاق ويجهز لسنوات اختفائه من دار صديقه بعد فشل الثورة العرابية الثورة العرابية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تلقت الثورة العرابية هزيمتها فى موقعة التل الكبير يوم 13 سبتمبر، 1882، ودخل الجنرال ولسلى قائد القوات الإنجليزية القاهرة يوم 15 سبتمبر، بصحبة أركان حربه، وسلطان باشا نائبا عن الخديو  توفيق الذى كان يقيم فى الإسكندرية، وفيما كانت عمليات القبض تتم على قادة الثورة، بدأ خطيبها عبدالله النديم فى كتابة قصته الفريدة، بالاختفاء تسع سنوات دون أن تصل إليه السلطة، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزى لمصر».   
 
كان اختفاء «النديم» بداية لصفحة جديدة من حياته، تدل على نبوغ آخر وعبقرية جديدة، عبقرية من نوع فريد بعيد عن الزعامة والخطابة والكتابة والأدب»، وفقا للدكتور على الحديدى، فى كتابه «عبدالله النديم خطيب الوطنية»، مضيفا: «قرر الاختفاء أملا فى أن يسافر إلى دمياط لينضم إلى قائد حاميتها عبدالعال حلمى ،الذى لم يكن بعد استلسم، بل أعلن المقاومة، فإن استسلم سافر هو إلى الشام ثم إلى أوروبا ليواصل جهاده فى سبيل قضية وطنه». 
 
يتتبع أحمد أفندى سمير صديق «النديم» الحميم، رحلة الاختفاء، ويذكر فى الجزء الأول من «سلافة النديم»: «لما أصبح الصباح «16 سبتمبر 1882» بكرت إلى دار النديم فوجدتها مقفرة من ساكنيها، أمست خلاء وأمسى أهلها، فسألت عن الخبر فقيل لى إنه عاد من كفر الدوار، ووصل فى الساعة الرابعة بعد نصف الليل 16 سبتمبر- مثل هذا اليوم - 1882 ثم اختفى هو ووالده «مصباح» وخادمه».
 
يضيف «سمير»: «خرج هو وأبوه مصباح، وخادمه حسين محمد، إلى ساحل بولاق، ثم ودعه أبوه بعد أن أوصاه أن يدعو الله كلما وقع فى خطر، واستقل مصباح مركبا إلى الاسكندرية هربا من الاضطهاد، ورجع النديم هو وخادمه إلى دار صديق له يسمى الشيخ مصطفى ببولاق، وظل بها مختفيا عشرة أيام، تمكن خلالها من استحضار ثوب من الصوف المصرى الأحمر، المعروف بالزعبوط، فلبسه، وتعمم بعمامة حمراء ووضع على عينيه غطاء، وأمسك بيده عكازة طويلة وخرج، وكانت لحيته قد طالت، فأرسلها إلى صدره حتى صار لا يعرفه أدنى الناس إليه، ومشى هو وخادمه ليلا إلى الساحل، فوجدا سفينة مقلعة إلى بنها فركباها، وتظاهر بأنه من مشايخ الطرق الريفيين، فاستضافه ملاحوها تبركا به فركبها هو وخادمه.
 
 قبل أن تصل السفينة إلى بنها، علم أن الكوبرى بها مغلق على غير العادة، فأدرك بإحساسه الداخلى أن إغلاقه فى غير موعده إنما قصد به حجز المراكب حتى يتسنى لرجال البوليس تفتيشها، فأخذ يتمتم على حبات المسبحة، ويذكر الله بصوت مرتفع زيادة فى التنكر، ونزل رجال البوليس إلى السفينة وفتشوها وسألوا ملاحيها عن عبدالله النديم، فقد رآه شخص متجه إلى بولاق منذ عشرة أيام متجها إلى ساحل بولاق ليستقل منه مركبا، فنفوا علمهم به أو رؤيتهم له، ولم يتعرفوا عليه وهو على بعد خطوات منهم».
 
انتقل إلى سفينة أخرى ترسو إلى الجانب الآخر من الكوبرى متجهة إلى دمياط، حسبما يذكر على الحديدى، مضيفا: «فى طريقه علم من الصحف أن حامية دمياط سلمت، فنزل إلى ميت النصارى، وفى الصباح ركب مركبا آخر إلى المنصورة، ومكث مع خادمه فى مسجدها ثلاثة أيام، يستضيفهما الناس ويرسلون إليهما الطعام تبركا بشيخ الطريقة الصوفى، ثم واصلا السفر برا حتى وصلا إلى «منية الغرقى»، ولم يكن ينوى الإقامة طويلا، إلا ريثما يستعد لمواصلة خطته للهرب من إلى الشام ثم إلى أوروبا، ونزل عند صديق له عالم أزهرى ذى مكانة فى القرية فآواه وخبأه وكان بالقرية شيخ من مشايخ الطريقة الصوفية الصاوية، يسمى الشيخ شحاتة القصبى، وكان ذا نفوذ واسع فى هذه المنطقة، وكان «النديم» قد أخذ عليه أيام طوافه بالبلاد عهدا من مريديه، وأرسل «النديم» إلى القصبى يخبره بمخبئه وعزمه على الهرب إلى الشام، فمنعه من الخروج وأمره بالتستر حتى يقضى الله بالفرج، وأشرف الشيخ القصبى وصديق العالم الأزهرى على جهاز إخفاء النديم.
 
كان خادمه أول مشكلاته لكنه تغلب عليها بحيلة يذكرها أحمد أفندى سمير قائلا: «كان خادمه أميا أجهل من دابة فبكى وانتحب عقب اختفائهما بأيام قلائل، وطلب الرجوع إلى أهله فخشى النديم أن يفتضح به أمره فجاء بالجريدة اليومية ونظر فيها، فأظهر الجزع والتأسف، وضرب كفا بكف فسأله الخادم عن السبب، فقال أن الحكومة جعلت لمن يرشد عليك ألف جنيه، ولمن أتاها برأسك خمسة آلاف، فخاف الخادم وأخذ يبالغ فى التنكر زيادة عن سيده، وكان ذلك سببا فى ملازمته خدمته مدة اختفائه».
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة