سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 17 سبتمبر 1798.. قوات الاحتلال الفرنسى تدخل قريتى «منية محلة» و«القباب الكبرى» لمعاقبة الأهالى والمتصلين بحسن طوبار زعيم ثوار المنزلة

الأحد، 17 سبتمبر 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 17 سبتمبر 1798.. قوات الاحتلال الفرنسى تدخل قريتى «منية محلة» و«القباب الكبرى» لمعاقبة الأهالى والمتصلين بحسن طوبار زعيم ثوار المنزلة حسن طوبار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحركت قوات الاحتلال الفرنسى على «البحر الصغير» من المنصورة يوم 16 سبتمبر 1798 لتنفيذ خطة نابليون بونابرت بإخضاع بلاد هذا البحر الكائنة بين المنصورة وبحيرة المنزلة، وفقا لعبدالرحمن الرافعى فى الجزء الأول من موسوعته «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر». 
 
يذكر «الرافعى» أن بونابرت أراد إخضاع هذه البلاد لتأمين المواصلات بين دمياط والمنصورة والصالحية وبلبيس ليطمئن على حدود مصر الشرقية، وبعث برسائل بهذا المعنى إلى الجنرال «دوجا» قومندان مديرية المنصورة، فقام «دوجا» بتجريد حملة عسكرية لإخضاع «البحر الصغير» ومعاقبة القرى الثائرة فى هذا الإقليم، وأمر الجنرال داماس أن يمضى رأسا إلى بحيرة المنزلة لإخضاعها، وعهد إلى الجنرال «دستنج» بمعاقبة بلدتى «منية محلة دمنة» و«القباب الكبرى» الواقعتين على بحر أشمون، لامتناع أهلهما عن دفع الضرائب والغرامات التى فرضت عليهم.
 
يؤكد «الرافعى» أن حسن طوبار كان زعيما لإقليم المنزلة، وكان هذا الإقليم جياشا بمتاعب كثيرة للفرنسيين، وينقل الرافعى ماكتبه «ريبو» فى الجزء الرابع من كتابه «التاريخ العلمى والحربى للحملة الفرنسية» عن طبيعة هذا الإقليم وسكانه وحسن طوبار ونفوذه، قائلا: «مديرية المنصورة التى كانت مسرحا للاضطرابات تتصل ببحيرة المنزلة، وهى بحيرة كبيرة تقع بين دمياط وبيلوز القديمة «الطينة»، والجهات المجاورة لهذه البحيرة، وكذلك الجزر التى بها يسكنها قوم أشداء ذو نخوة ولهم جلد وصبر، وهم أشد بأسا وقوة من سائر المصريين، ثم هم أغنياء بما ينالون من الصيد، ولهم فى البحيرة خمسمائة أوستمائة مركب تجعل لهم السيادة فى البحر، ولهؤلاء أربعون رئيسا منهم يتبعون حسن طوبار شيخ بلدة المنزلة وهو الزعيم الأكبر لهذه المنطقة.
 
ويقول الجنرال «أندربوسى» الذى ارتاد بحيرة المنزلة وقدم تقريرا عنها إلى المجلس العلمى بمصر: «إن لسكان هذه الشواطئ أربعين رئيسا يتبعون الشيخ حسن طوبار الذى احتكر الصيد فى البحر، وحسن طوبار من أكبر أغنياء القطر المصرى وربما كان أغناهم وهو من المنزلة، وفى أسرته مشيخة البلد يتوارثونها من أربعة أو خمسة أجيال، وله سلطة واسعة تقوم على مكانته فى النفوس، وثورته وعصبيته من ذوى قرباه وأتباعه، وعلى مؤازرة العرب الذين يقطعهم الأراضى ليزرعوها، ويغدق على رؤسائهم بالهدايا والتحف».
 
تحركت الحملة يوم 16 سبتمبر 1798 مزودة بتعليمات الجنرال «دوجا» للجنرالين «داماس» و«ديستنج»، وشملت، ضرورة أسر على العديسى من قرية «المنية» والأمير مصطفى من قرية «القباب» لتأثيرهما على أهالى القريتين، ويجب ألا يترك لهما المجال للاتصال بالشيخ حسن طوبار، وقال نصا: «يجب مهاجمة المنية والقباب أسرع ما تمكن السرعة ثم احتلال موقع عسكرى بين القباب ودموه السياخ، يحول بين الرجلين وبين كل مدد يأتيهما، وإذا قاوم الأهالى وجب سحقهم وسحق قواهم، وإذا سلموا بدون إطلاق النار فيجب عليهم أن يسلموا فى الحال عشرين رهينة منهم، وأن يسلموا على العديسى والأمير مصطفى، ويسلموا كذلك جميع أسلحتهم وعشرين جوادا وثلاثين من الماشية، ويغرموا ثلاثة أمثال الضريبة المفروضة عليه، وإذا رأيتم بعض القرى تتخذ السلاح لمؤازرة «المنية» و«القباب»، فأضربوا فى أهلها، وخذوهم أخذ الأعداء أعداءهم، وإذا انتهت الحملة على «المنية» و«القباب» بإعادة السكينة والخضوع فعلى الجنرال دستنج أن يعود إلى المنصورة فيمن يعود معه من الجنود، أما إذا ظهرت الثورة فى بلاد أخرى فعليكم أن تتابعوا سيركم لإخضاعها.
 
يذكر «الرافعى» أنه تنفيذا لهذه التعليمات تحرك الجنرالان «دماس» و«دستنج» بجنودهما الفرنسيين، وساروا بالبحر الصغير على ظهر السفن، فأرسوا ليلا على مقربة من «منية محلة دمنة»، وشعر أهالى «المنية» باقتراب الحملة فأخذوا بلدتهم، وفى فجر، 17 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1798 أنزل القائدان الجنود إلى البر وزحفوا على «المنية» فكانت خالية من السكان، فتابعوا السير إلى «القباب الكبرى»، فإذا هى كذلك خالية من أهلها.
 
يضيف الرافعى، كلف الجنرال داماس مشايخ بعض القرى المجاورة أن يبلغوا أهالى القريتين بالعودة، ولن ينالوا شر إذا دفعوا الضرائب المفروضة عليهم، وهنالك افترق القائدان الفرنسيان، فرجع الجنرال «دستنج» إلى المنصورة عن طريق بحر أشمون، ومضى الجنرال داماس إلى المنزلة تنفيذا للمهمة التى كلف القيام بها ومعه نحو ثلثمائة جندى بأسلحتهم وذخيرتهم، ولما بدأ الجنرال دماس سيره جاءته رسالة من الجنرال دوجا أنه موافيه بمدد من الجند، فانتظر داماس فى المرساة حتى جاءه المدد ليلا، وفى اليوم التالى سار بجنوده وواصل السير وانتظر غير قليل فى «ميت السودان»، ثم «الدراكسة» لتموين جنوده، ثم وصل مساء إلى برنبال الجديدة، وكان الجنرال دستنج وصل فى صباح هذا اليوم إلى المنصورة، وعسكر الجنود ليلا فى برنبال الجديدة، وغادروها قبل شروق الشمس فوصلوا بحرا تجاه الجمالية، لتبدأ هناك معركة جديدة.  









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة