يكتسب التعليم الفنى أهمية خاصة باعتباره أحد السبل الرئيسية لتحقيق خطط وبرامج التنمية الشاملة، وهو ما جعل الدولة المصرية تنتهج استراتيجية وطنية لإرساء دعائم نظام تعليمى فنى غير نمطى يعتمد على توفير بيئة تطبيقية للمناهج الدراسية تحاكى سوق العمل فى مختلف التخصصات محليًا وإقليميًا وعالميًا، وتأهيل الكوادر البشرية ورفع كفاءتها وجاهزيتها فنيًا وتقنيًا وتكنولوجيًا، بما يتناسب مع التطورات المتلاحقة فى المجالات المختلفة، فضلًا عن تشجيع ثقافة الابتكار وريادة الأعمال، بجانب الارتقاء بمهارات القائمين على العملية التعليمية وفقًا للمعايير الدولية، وبالتعاون مع الشركاء الصناعيين وشركاء التنمية والهيئات الدولية، وذلك فى ضوء رؤية الجمهورية الجديدة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للتعليم قبل الجامعى، وهو ما ألقى بظلاله على تحسن نظرة المؤسسات الدولية تجاه جهود الدولة المصرية فى ملف التعليم الفني.
وفى هذا الصدد نشر المركز الإعلامى لمجلس الوزراء تقريرًا تضمن إنفوجرافات ضمن سلسلة (أين كنا وكيف أصبحنا) تسلط الضوء على التعليم الفنى كرافد لإمداد سوق العمل بالمهارات والخبرات المتخصصة، مع تحقيق طفرة ملموسة فى مسيرة إصلاح منظومة التعليم الفنى وتحسين جودته بما يتوافق مع معايير الجودة العالمية بعد تسع سنوات من تنفيذ استراتيجيات إصلاح وتطوير التعليم الفنى فى مصر.
وكشف التقرير عن الرؤية الدولية لجهود الدولة فى تطوير التعليم الفنى، حيث أشار تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة عام 2021 إلى بداية توجيه اهتمام خاص لتطوير منظومة التعليم الفنى واتخاذ خطوات جادة لتحديث تخصصاته والارتقاء بمستوى جودته، وتطويع مخرجاته لتتوافق مع متطلبات سوق العمل، انطلاقًا من إدراك الحكومة المصرية لأهمية التعليم الفنى ودوره فى تلبية احتياجات سوق العمل.
يأتى ذلك بخلاف ما ذكره التقرير فى عام 2010، حيث لفت إلى أن التعليم الفنى والتدريب المهنى لم يؤديا بعد إلى النهوض بالمهارات إلى المستوى الذى يؤهل الشباب ويدفعهم إلى البحث عن عمل فى الاقتصاد الصناعى المنظم.
ومن جانبها، أشادت وكالة فيتش عام 2022، بتقديم مصر استراتيجية وطنية لإصلاح وتطوير التعليم الفنى، من خلال تطوير المناهج والبرامج التدريبية والأكاديمية، وتدريب المعلمين إلى جانب تطوير مهارات المتعلمين من خلال تطوير ورش العمل والتدريب المهني.
وكانت الوكالة نفسها قد ذكرت عام 2014، أن هناك قدرًا كبيرًا من عدم التوافق بين المهارات التى يتطلبها سوق العمل، والمهارات التى يتم تدريسها من خلال المناهج التعليمية، مما يكشف عن إخفاق فى نظام التعليم.
بدورها، أوضحت مجموعة أكسفورد للأعمال عام 2022، أن التعليم أصبح من الأولويات الأسياسية للدولة المصرية، حيث أحدثت العديد من التغيرات واسعة النطاق، من خلال التركيز بشكل أكبر على التكنولوجيا والمهارات، مشيرة إلى أن مصر اتخذت خطوات ملموسة لإصلاح منظومة التعليم والتدريب التقنى والمهني.
وكانت المجموعة ذاتها ترى فى عام 2014، أن نظام التعليم فى مصر يواجه العديد من التحديات، وأن هناك حاجة ملحة لتطوير المناهج وتطبيق التكنولوجيا وتحسين التدريس، فضلًا عن إعداد الخريجين لمتطلبات سوق العمل.
كما أشاد البنك الدولى باتخاذ مصر خطوات جادة لرفع جودة التعليم الأساسى والتدريب الفنى والمهنى، وربطهما باحتياجات السوق، واستخدام وسائل من شأنها تدعيم المهارات الأساسية للطلاب.
كما أكدت اليونسكو، أن مصر تدرك أهمية التعليم الفنى والتدريب المهنى ودورهما فى تأهيل عدد كبير من الشباب، وتزويدهم بالمهارات والقدرات التى تسمح لهم بتلبية احتياجات سوق العمل، كما أشارت إلى تبنى مصر رؤية جديدة ونهجًا مستدامًا لتطوير القوى العاملة، وتنفيذ مدارس التكنولوجيا التطبيقية.
وفى سياق متصل، ثمن صندوق النقد الدولى جهود مصر لإعطاء الأولوية للاستثمار فى التعليم والتدريب، مما يساعد على مواءمة مهارات القوى العاملة مع احتياجات سوق العمل، لافتًا إلى إنشاء الجامعات التكنولوجية التى تقدم برامج التدريب المهنى لإعداد الطلاب للأعمال المختلفة.
من جانبها، ذكرت مؤسسة التدريب الأوروبية أن مصر تعتبر أكبر شريك للمؤسسة فى المنطقة، وخلال الفترة الأخيرة أدخلت العديد من الإصلاحات بنظام التعليم الفنى، يجانب اعتماد مناهج جديدة قائمة على الكفاءة، لتلبية متطلبات سوق العمل بصورة أفضل.
كما اعتبرت منظمة العمل الدولية نظام التعليم الفنى والتدريب المهنى فى مصر واحدًا من أكبر الأنظمة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويضم العديد من المؤسسات المختلفة التى تقدم مجموعة واسعة من البرامج للطلاب.
فى غضون ذلك، أظهر التقرير أبرز المؤشرات الدولية الخاصة بقطاع التعليم الفنى والتدريب المهنى، حيث تقدمت مصر 32 مركزًا فى مؤشر التعليم التقنى والتدريب المهنى الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، لتحتل المركز 81 عام 2022، مقابل المركز 113 عام 2017، فضلًا عن تقدمها 30 مركزًا فى مؤشر التدريب المستمر الصادر عن المؤسسة ذاتها، لتحتل المركز 98 عام 2022، مقابل المركز 128 عام 2017.
وإلى جانب ما سبق، أعلنت المؤسسة تقدم مصر 64 مركزًا فى مؤشر مستوى تدريب العاملين، حيث احتلت المركز 43 عام 2022، مقابل المركز 107 عام 2017، بالإضافة إلى تقدمها 18 مركزًا فى مؤشر المهارات المهنية والتقنية الصادر عن المعهد الأوروبى لإدارة الأعمال، لتحتل المركز 51 عام 2022، مقابل المركز 69 عام 2017.
يأتى هذا فيما تقدمت مصر 42 مركزًا فى مؤشر ارتباط نظام التعليم بالاقتصاد الصادر عن المعهد ذاته، لتحتل المركز 75 عام 2022، مقابل المركز 117 عام 2017، علاوة على إعلان المعهد تقدمها 38 مركزًا فى مؤشر سهولة الحصول على عمالة ماهرة لتشغل المركز الـ 30 عام 2022، مقارنة بالمركز 68 عام 2017.
هذا وقد سلط التقرير الضوء على الطفرة الملحوظة فى مؤشرات التعليم الفنى، لافتًا إلى زيادة عدد مدارس التعليم الفنى بنسبة 84.6% حيث بلغ عددها 3114 مدرسة عام 2022/2023، مقابل 1687 مدرسة عام 2013/2014، فضلًا عن زيادة إعداد طلاب التعليم الفنى بنسبة 53.3% حيث بلغت 2.3 مليون طالب عام 2022/2023، مقابل 1.5 مليون طالب عام 2013/2014.
وتتضمن المؤشرات كذلك وفقًا للتقرير، زيادة فصول مدارس التعليم الفنى بنسبة 51.4% لتصل إلى 54.2 ألف فصل عام 2022/2023، مقابل 35.8 ألف فصل عام 2013/2014.
يأتى هذا فيما تم استحداث وتطوبر 131 برنامجًا وتخصصًا بمدارس التعليم الفنى، فضلًا عن عقد 77 شراكة مع القطاع الخاص PPP فى التعليم والتدريب المزدوج، كما تم افتتاح مركزى تميز عام 2022/2023، كذلك تم افتتاح 52 مدرسة تكنولوجية تطبيقية، بجانب افتتاح 10 جامعات تكنولوجية، منها جامعة مصر التكنولوجية الدولية التى تضم مدارس وكليات.
وتطرق التقرير إلى تدشين استراتيجية طموحة لإصلاح وتطوير التعليم الفنى، مشيرًا إلى أبرز محاورها وأهدافها، حيث تشمل تحسين جودة التعليم الفنى من خلال إنشاء هيئة مستقلة لضمان الجودة والاعتماد (إتقان)، وتحويل المناهج الدراسية إلى مناهج قائمة على منهجية الجدارات، فضلًا عن تحسين مهارات المعلمين من خلال التدريب والتأهيل ومشاركة أصحاب الأعمال فى تطوير التعليم الفنى، بجانب تغيير الصورة النمطية للتعليم الفنى من خلال فتح المسارات التعليمية لخريجى التعليم الفنى إلى التعليم العالي.
أما عن أبرز مستهدفات التعليم الفنى والتدريب بحلول عام 2030، فتشمل وفقًا للتقرير، توفير فرص عمل لـ 80 % من خريجى التعليم الفنى فى مجال تخصصاتهم، وإلحاق 20 % من الطلاب المتفوقين فى المرحلة الإعدادية بالتعليم الفنى، بجانب بلوغ متوسط الطلاب بالفصل 30 طالبًا، وبلوغ نسبة الملتحقين بالتعليم المهنى 30% من إجمالى الملتحقين بالتعليم الفنى، كما أنه من المستهدف قيام 20 % من مؤسسات التعليم الفنى والمهنى على الشراكة المجتمعية.
وأوضح التقرير جهود تطوير مناهج التعليم الفنى واستحداث مدارس تخدم المشروعات القومية، ففيما يتعلق بالارتقاء بمناهج ومعلمى التعليم الفنى، فيتضمن تطوير البرامج والمناهج الدراسية وفقًا لمنهجية الجدارات المهنية بنسبة 80%، ومن المخطط الانتهاء من التطوير عام 2024/2025، علاوة على تدريب 70 ألفًا من هيئات التدريس والتوجيه على استراتيجيات التدريس الفعال ووسائل التقييم الحديثة.
وفى سياق متصل، أشار التقرير إلى استحداث مدارس تخدم المشروعات القومية، وأبرزها مدارس البترول والبتروكيمياويات بعدد من المحافظات، بجانب مدرسة تكنولوجيا الطاقة النووية بالضبعة، فضلًا عن مدارس الطاقة الشمسية بعدد من المحافظات، والمدرسة الفنية المتقدمة للمعدات الثقيلة بالإسماعيلية، ومدارس مياه الشرب والصرف الصحى بعدد من المحافظات، علاوة على المدرسة الفنية المتقدمة للنقل النهرى بالقاهرة.
وإلى جانب ما سبق فقد ركز التقرير على إطلاق مراكز التميز القطاعية لتأهيل الطلاب بشكل كامل لسوق العمل، لافتًا إلى أن المركز يتضمن مدرسة ومركزًا لتدريب المدرسين والخريجين والعاملين، ويستطيع الطلاب الالتحاق به بعد الحصول على الشهادة الإعدادية علمًا بأن مدة الدراسة بالمركز 3 سنوات.
واستعرض التقرير مركزى التميز القطاعية اللذين تم افتتاحهما وهما مركز تميز زين العابدين لقطاع الصناعات الهندسية، لتأهيل الطلاب فى تخصصات ميكانيكا صيانة وإصلاح، وكهرباء تحكم آلى، وتشغيل معادن، وقد أقيم بالشراكة مع غرفة الصناعات الهندسية وشركة سيمنزموبيليتى وشركة دى إم جى مورى وشركة طنطا موتورز وشركة بافاريا مصر والشركة المصرية للصناعات المغذية للسيارات.
يأتى هذا فى حين، يعمل مركز تميز قطاع السيارات بالعبور على تأهيل الطلاب فى تخصصات إصلاح هياكل السيارات، ودهان السيارات، وميكاترونيك السيارات، وقد أقيم بالشراكة مع شركة غبور أوتو، وشركة منصور أوتو.
وأضاف التقرير أنه تم إطلاق مدارس التكنولوجيا التطبيقية بالشراكة مع القطاع الخاص وهى مدارس تعمل على تطبيق المعايير الدولية فى طرق التدريس والتدريب، فى عدد من التخصصات أهمها الصيانة الكهربائية، والمراقبة والإنذار، وبرمجة وتصميم المواقع الإلكترونية، وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، وتكنولوجيا صناعة الحلى والمجوهرات.
وذكر التقرير أنه تم توقيع بروتوكول لـ 69 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية حتى الآن، من بينها 52 مدرسة تم افتتاحها حتى الآن، ومن المستهدف الوصول إلى 420 مدرسة بحلول عام 2030، علمًا بأن 17.5 ألف طالب وطالبة تقدموا بالالتحاق بالمدارس بالعام الدراسى 2022/2023.
ورصد التقرير أبرز مدارس التكنولوجيا التطبيقية المنفذة بالشراكة مع القطاع الخاص وهى مدرسة فريش الدولية، ومدرسة فتح الله الدولية، ومدرسة العربى، ومدرسة السويدى الدولية، ومدرسة إيفرجرو الدولية، ومدرسة سى إف سى الدولية، ومدرسة مجموعة فولكس فاجن، ومدرسة إلكترو مصر، ومدرسة HST، ومدرسة إيجيبت جولد.
وأوضح التقرير مزايا المدارس التكنولوجية التطبيقية، وفى مقدمتها التدريب العملى بمكافآت مالية أثناء فترة الدراسة بمصانع وشركات الشريك الصناعى، علاوة على وجود فرص للتعيين بشركات ومصانع الشريك الصناعى بعد التخرج.
وسلط التقرير الضوء على التوسع فى إنشاء الجامعات التكنولوجية التى تواكب متطلبات سوق العمل المحلى والإقليمى والدولى، وهى امتداد لمسار طلاب التعليم الفنى، وتعمل على إكسابهم المهارات العملية والعلمية فى 17 تخصصًا، أهمها الأوتوترونكس، والميكاترونكس، وتكنولوجيا المعلومات، وتكنولوجيا الغاز الطبيعى، والطاقة الجديدة والمتجددة، والأطراف الصناعية، والأجهزة التعويضية.
أما عن الدرجات العلمية التى تمنحها الجامعات التكنولوجية، فتشمل وفقًا للتقرير الدبلوم فوق المتوسط المهنى، والبكالوريوس المهنى، والماجستير المهنى، والدكتوراة المهنية، وقد تم افتتاح 10 جامعات تكنولوجية وبدء الدراسة بها وهى جامعة القاهرة الجديدة التكنولوجية، وجامعة الدلتا التكنولوجية، وجامعة بنى سويف التكنولوجية، وجامعة 6 أكتوبر التكنولوجية، وجامعة برج العرب التكنولوجية، وجامعة شرق بورسعيد التكنولوجية، وجامعة طيبة التكنولوجية، وجامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية، وجامعة سمنود التكنولوجية.
وذكر التقرير أنه من بين الجامعات أيضا التى تم افتتاحها جامعة مصر التكنولوجية الدولية والتى تعد أول جامعة تكنولوجية من نوعها تضم مدارس وكليات، وذلك بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2722 لسنة 2022، لإنشاء الجامعة كأساس نواة من المجمعات التكنولوجية الأربعة وهى أسيوط والفيوم والأميرية وأبو غالب.
وبشأن مراحل الدراسة فى المجمعات التكنولوجية التى تأسست نواة الجامعة عليها، فتشمل المدرسة الثانوية التكنولوجية التى تصل مدة الدراسة بها إلى 3 سنوات، ويحصل الطالب منها على شهادة الدبلوم المهنى فى التكنولوجيا، والكلية التكنولوجية المتوسطة ومدة الدراسة بها سنتان، ويحصل الطالب منها على شهادة الدبلوم العالى المهنى فى التكنولوجيا، والكلية التكنولوجية المتقدمة ومدة الدراسة بها سنتان، ويحصل الطالب منها على شهادة البكالوريوس المهنى فى التكنولوجيا.
وألمح التقرير إلى أن الجامعة تضم 3 كليات تكنولوجية وهى الكلية التكنولوجية بالقاهرة والكلية التكنولوجية بالفيوم، والكلية التكنولوجية المصرية الألمانية بأسيوط، كما تقدم الجامعة برامج دراسية تخدم الصناعة بالمناطق الجغرافية المحيطة بها، فى محافظات القاهرة والفيوم وأسيوط وأبرزها تكنولوجيا الكهرباء والخلايا الكهروضوئية وتكنولوجيا السيارات، وتكنولوجيا المعلومات والصناعات الهندسية.
1
2
3
4
5
6
7
8
9