تستضيف القاهرة خلال الفترة من 18 إلى 20 سبتمبر الجاري فعاليات "الحوار الفني الإقليمي لدول شمال أفريقيا حول العودة والقبول وإعادة الادماج المستدامة للمهاجرين"، تعقد الحكومة المصرية هذا الاجتماع بالتعاون المنظمة الدولية للهجرة وبدعم من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء.
ويشارك في الاجتماع المسؤولون الحكوميون المعنيون بتنفيذ برامج العودة وإعادة القبول وإعادة الإدماج في كل من دول الجزائر ومصر وليبيا والمغرب وتونس، بالإضافة إلى وكالات الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي ومنظمات المجتمع المدني والخبراء وأصحاب المصلحة الآخرين.
يعقد هذا الحوار الإقليمي لمناقشة وتبادل الخبرات حول العودة الآمنة والكريمة للمهاجرين وإعادة القبول وإعادة الإدماج المستدامة، ويهدف إلي تحسين الفهم المشترك ودعم تبادل الممارسات الجيدة بين أصحاب المصلحة في شمال إفريقيا من خلال تبادل المعلومات حول التحديات والسياسات والاستجابات والإنجازات المتعلقة بهذا الشأن.
خلال فعاليات الجلسة الافتتاحية للاجتماع، رحب مساعد وزير الخارجية للشئون المتعددة الأطراف والأمن الدولى السفير إيهاب بدوى، بالمشاركين في الاجتماع لمناقشة مسألة العودة والقبول وإعادة الإدماج للمهاجرين، والتي تعد ركيزة وضلع هام من أضلاع عملية حوكمة الهجرة، وأحد الأهداف الرئيسية التي تضمنها العهد الدولي للهجرة، وذلك في وقت أدت فيه الأزمات السياسية والاقتصادية، الى جانب التداعيات السلبية لتغير المناخ إلى تنامي حالات الهجرة غير الشرعية في المنطقة، وزيادة أعداد الوفيات في البحر والصحراء لمعدلات هي الأعلى منذ عام 2017، حيث بلغت حوالي 3800 حالة في عام 2022، وهي خسارة فادحة للأرواح على المستوى الإنساني، وإهدار لطاقات إيجابية وسواعد شابة كان من الممكن أن تسهم في بناء أوطانها.
وأكد السفير إيهاب بدوي، أن انعقاد هذا الحوار يأتي في إطار أهمية التعاون والحوار، وتبادل أفضل الممارسات من أجل تعزيز العودة الطوعية وإعادة الادماج بشكل يحفظ الكرامة ويوفر فرصا للحصول على مستقبل أفضل لشبابنا.
وأكد السفير إيهاب بدوى، أهمية مشاركة وتبني الحكومات ownership لبرامج الإعادة وإعادة الإدماج بما يضمن ملاءمتها للواقع المحلي بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذا اتساقها مع الخطط التنموية على المستويين المحلي والوطني، وتكاملها مع البرامج والمنظومة الوطنية، الى جانب مشاركة القطاع الخاص والمجتمعات المحلية في تنفيذها. كما أنه من الأهمية بمكان التأكيد على تشجيع العودة الطوعية، وأن تكون مقترنة ببرامج لإعادة الادماج حيث يدعم ذلك من فرص استيعاب المهاجر العائد في مجتمعه والاستفادة من اسهامه في تحقيق التنمية.
وأوضح نجاح العودة وإعادة الادماج يتطلب التنسيق الدولي والوطني خلال مراحل ما قبل العودة التي تتطلب بناء القدرات المؤسسية التي تتيح حماية وتقديم الخدمات للمهاجر والتي تتمثل في حماية بياناته الشخصية، وضمان تمتعه بالخدمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحق في الحصول على المساعدة القنصلية والقانونية، وحماية الأطفال ووحدة الاسرة، وعدم التعرض للاحتجاز والعودة الطوعية، وكذا خلال عملية العودة والتي تتطلب التعامل مع العائد بصورة آمنة وكريمة، وحماية الأطفال، وضمان وحدة الاسرة، الى جانب الاستثمار في مرحلة إعادة الادماج وتوفير التدريب وتنمية المهارات طبقا لاحتياجات سوق العمل بما يتيح له الاعتماد على الذات، والحصول على الحماية الاجتماعية، الى جانب تقديم الدعم النفسي للعائدين، وكذا تحديد احتياجات المجتمعات المستقبلة، والتعامل مع إعادة الادماج بشكل شمولي سواء على مستوي الحكومة والمجتمع.
ولفت إلى أن مصر تواجه حاليا نظرا لموقعها الجغرافي تدفقات متزايدة من المهاجرين ممن اضطروا الى ترك بلدانهم نتيجة للصراعات، أو لأسباب اقتصادية، فضلا عن تداعيات تغير المناخ، حيث شهدت أعداد المهاجرين ارتفاعا حادا من 6 ملايين مهاجر في 2018 إلى 9 ملايين مهاجر حالياً - وفقاً للدراسة التي أجرتها المنظمة الدولية للهجرة في يوليو 2022 - أي بنسبة قدرها 50% في أربع سنوات فقط مما يسبب ضغطا متزايدا واستنزافا لموارد الدولة.
وأكد أنه رغم التحديات ظلت مصر على عهدها كدولة رائدة في الالتزام بتنفيذ العهد الدولي للهجرة، وحريصة على تقديم كافة الخدمات للمهاجرين على قدم المساواة مع مواطنيها وملتزمة بمبدأ قبول إعادة المهاجرين المصريين الذين يثبت حملهم للجنسية المصرية وإعادة إدماجهم في المجتمع بشكل طبيعي، مشيرا إلى تبنى مصر رؤية استراتيجية ونهجا شاملا في التعامل مع موضوعات الهجرة لا يقتصر فقط على الجوانب الأمنية وانما يراعي الابعاد التنموية المرتبطة بالهجرة ويتصدى للأسباب الجذرية المؤدية للهجرة غير الشرعية من خلال توفير حلول تنموية مستدامة، في مقاربة تهدف لبناء مجتمع اقتصادي قوي قادر علي استيعاب المهاجرين العائدين.
وأشار إلى اتخاذ مصر العديد من التدابير في هذا الصدد والتي تتضمن تهيئة المناخ الاقتصادي والاجتماعي لاستيعاب المهاجرين العائدين للمجتمع المصري، مؤكدا تبنى مصر استراتيجية وطنية لإعادة الادماج، كما كثفت جهودها في تعزيز أمن الحدود لمنع تهريب المهاجرين والهجرة غير الشرعية مما أدي عدم إبحار أي مركب يحمل مهاجرين غير شرعيين من السواحل المصرية منذ سبتمبر 2016.
ولفت السفير إيهاب بدوى إلى تبنى مصر اطارا تشريعيا ومؤسسيا لمكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث كانت من أوائل الدول بالمنطقة التي وقعت على بروتوكولي باليرمو لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، وسنت القانون رقم 82 لسنة 2016 لمكافحة الهجرة غير الشرعية والذي ينص على عدم تجريم المهاجر واعتباره ضحية لشبكات تهريب المهاجرين، وقد أفرد هذا القانون ولائحته التنفيذية جزء ًخاصاً للأطفال غير المصحوبين تضمن الإجراءات اللازمة لعودتهم لمصر، بالإضافة لإنشاء صندوق لمكافحة الهجرة غير الشرعية وحماية المهاجرين والشهود بهدف تمويل الأنشطة التي تستهدف ضحايا الهجرة غير الشرعية، وتسهيل الإعادة الآمنة للمهاجرين وتمويل برامج رعاية وتأهيل لهم، إضافة الى زيادة التوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية.
وتطرق إلى إطلاق مصر اول استراتيجية وطنية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية (2016-2026) والتي تشمل أهدافها رفع الكفاءات، بناء القدرات، توفير الحماية والتعاون الاقليمي وتوفير البدائل الإيجابية لفرص العمل للمهاجرين الراغبين في العودة الطوعية وإطلاق الحملات التوعوية لتسليط الضوء على مخاطر الهجرة غير الشرعية والتعريف بسبل إعادة المهاجرين.
وأوضح أن النقاشات التي ستجرى على مدار أيام الحوار الثلاث ستسهم في دعم جهودنا لبلورة نهج متكامل تجاه قضية إعادة الادماج، والبناء على الفهم المشترك للتحديات التي تواجهها، والاستفادة من الخبرات والممارسات الناجحة لإدارة إعادة الادماج، بما يعود بالفائدة على المهاجر ومجتمعه ودولة المصدر.
وتوجه بالشكر للمنظمة الدولية للهجرة وفريق العمل الجاد القائم على تنظيم هذا الاجتماع، مثمنا التعاون المتميز القائم مع المنظمة ولاسيما في اطار بناء القدرات لتنفيذ أهداف العهد الدولي للهجرة، مشيدا بالتعاون والتنسيق القائم مع الاتحاد الأوروبي، والبعثة النشطة في مصر، في إطار تنفيذ أهداف الشراكة مع دول جنوب البحر المتوسط، وتعزيز فرص تحقيق التنمية المستدامة، متوجها بالشكر لممثلي كافة الوزارات والهيئات الوطنية التي تتعاون لضمان العودة وإعادة الادماج، وكذا المنظمات الدولية الشريكة للجهد المبذول في إطار بناء القدرات المؤسسية ودعم الآليات القائمة المعنية بحوكمة الهجرة بشكل عام والعودة والطوعية وإعادة الادماج بشكل خاص.
بدوره، توجه سفير الاتحاد الأوروبى بالقاهرة كريستيان برجر خلال كلمته الافتتاحية بالشكر إلى مصر على استضافة الحوار ومشاركتها الرائعة التي تقوم بها في هذا الصدد، مشيدا بالدور المصري في مكافحة الهجرة غير الشرعية ومكافحة شبكات تهريب المهاجرين، لافتا إلى أن القاهرة تلعب دور حساس رغم كل المشكلات والتحديات التي تواجهها مصر على حدودها المشتركة.
وشدد "برجر" على ضرورة دعم العودة الطوعية واعادة الدمج للمهاجرين، مشيرا إلى التعاون المتميز مع مصر لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتفكيك الشبكات التي تعمل على تهريب المهاجرين، مؤكدا تبني استراتيجية العودة الطوعية وعودة الدمج وهي تشير لأهمية العودة الطواعية لأنها أقل تكلفة من العودة الجبرية، مشيرا إلى أن الاتحاد الاوروبي يتعاون مع المؤسسات الوطنية والدولية لتقديم المساعدة التي تساهم في إقامة مشاريع تساعد في الدمج.
وقال عثمان البلبيسي، المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة في الشرق الاوسط وشمال إفريقيا: "نحن نتطلع إلى التعلم من الحكومات والشركاء المعنيين، حول الطرق المبتكرة لتعزيز التعاون بين الأقاليم وفيما بينها، وتسهيل الوصول إلى الوثائق، ودعم خدمات الحماية الوطنية لتقديم المساعدة اللازمة للمهاجرين والمواطنين في عملية العودة وإعادة الإدماج."
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة