نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية بمشاركة الشعراء: د.محمد محمد عيسى، وحسن جلنبو، وهمام صادق عثمان، بحضور مدير بيت الشعر الشاعر محمد عبدالله البريكى، وقدم الأمسية الشاعر والإعلامى عثمان حسن، الذى أثنى على الجهود المستمرة فى بيت الشعر فى الشارقة، إثراءً للمشهد الثقافى، بما يقدمه للساحة الأدبية والشعرية من نماذج شعرية تتميز بالأصالة والابتكار فى نفس الوقت، مما يدفع عجلة الشعر ويقارب المسافة مع المتلقى الذواقة لكل مبتكر ومتجدد، وتحدث الشعراء لوسائل الإعلام مثمنين دور الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذى تمثل مبادراته وجهوده في المجال الثقافى قارب نجاة للشعر والشعراء في زمننا الحالي.
قدم شعراء الأمسية فصولاً شعرية متنوعة من كتاب الشعر، تميزت بالتحليق في مدارات القريض، جاذبين المتلقي الشغوف لأن يسمع الشعر ويشاهدهم وهم يلقون قصائدهم بأساليبهم المتنوعة، في اصطيادٍ للدهشة، واقتناصٍ أصداف البحور الشعرية المنتقاة بعناية الموسيقا والسياقات الأدبية الواعية، وتعابيراً أدهشت المتلقي، وكان الوطن حاضراً في المشاعر المنثورة على جسد القصيدة، وكانت الذات الباحثة عن مكنونها من درر المشاعر لتلقيه شعراً آسراً يبقى بعد الأمسية في حوارات الجمهور عن كمية الجمال التي تجاذبتهم خلال الأمسية.
جانب من أمسية بيت الشعر
افتتح الأمسية الشاعر الدكتور محمد محمد عيسى، في قصيدة أهداها إلى الشارقة، عبَّرَ فيها عن خالص تقديره وامتنانه، لكفوفها المعطائة في شتى الميادين، فقد جال الشاعر في بساتينه الشعرية التي أزهرت وردَ محبةٍ ووفاء، ظهرَ جلياً في هذه القصيدة المسماة "من أيام الشارقة"؛ قال فيها:
إِليْكِ وَمَا لِغَيْركِ قَدْ شَدَدْتُ
رِحَالَ الشَّوْقِ أَوْ كُنْتُ انْتَويْتُ
إِليْكِ وَرَغْمَ كُلِّ الْحِرْصِ جَاءَتْ
لِتُثْنِيَنِي الْخُطُوبُ فَمَا انْثَنَيْتُ
وَفِي قَلْبِي مِنَ الْأَحْلَامِ حُلْمٌ
يُخَامِرُ رِحْلَتِي حَتَّى كَبَرْتُ
لِشَارِقَةِ الْبَيَانِ مَدَدْتُ كَفِّي
فَمَدَّتْ قَلْبَهَا جِسْرًا؛ فَجُزْتُ
وفي قصيدة أخرى تميزت بالانسيابية والغنائية القريبة من القلب، وبتنويعاتها الثلاثية التي تنقلت من زهرة إلى أخرى، مستخرجاً ما في جعبة الشعر من ظلال المعاني، ومن قصيدة "مفتتحات بردية" قال:
فِي الجَعْبَةِ حُلْمٌ وَرْدِىٌّ، شِعْرٌ، مَوَّالْ
فِيهَا عَزْفٌ قَرَوِيٌّ يَغْفُو تَحْتَ ظِلالْ
لَكِنَّ الجَعْبَةَ لا تَقْضِى تَحقِيقَ مُحَالْ
الوَاقِفُ خَلْفَ " الكَامِيرَا " قَد مَلَّ وُقُوفَهْ
والدَّهْرُ النَّازِفُ - مِنَّا فِينَا - حَدَّ صُرُوفَهْ
لَكِنَّكَ لَمْ تسْلُكْ - أَبَدَاً - سُبُلاً مَألُوفَةْ
الشاعر حسن جلنبو في إطلالته، قرأ أول نصوصه بعنوان "حوار مع فنجان قهوة" كعادة الشاعر وهو يؤنسن الموجودات ويحولها إلى ذاتٍ أخرى يبوح لها بما يكنه منم مشاعر، يقول:
قهوتي أنت! كيف أن لا أراني
والجوى في قصائدي ما توارى
يعلمِ الكونُ منذُ عينيكِ أنّي
أرسلُ الشوقَ في المدى أشعارا
فأعِدّي بقهوة الصبحِ يومي
لتُعيدي إلى الغريب الديارا
وتعيدي للأمنيات صِباها
وتعيدي إلى الدروب المسارا
وقرأ قصيدة "غيمة أيلول"؛ وفيها يتعامل برمزية عالية، راسماً حدود عالمه الحواري، وينقش معالم غربته، مستفيداً من حركة الفصول وتقلباتها في سبر أغوار حالة الغربة لديه، ..قال في مطلع القصيدة:
أعياك رسمٌ للديار عفا
لمّا تولَّى الصيفُ وانصرفا
ورمى الخريفُ بساطه، وطوى
كشحًا على غصن الهوى، فغفا
أيلول، عاد الغيم في خجلٍ
ليبوح للدنيا بما عرفا
ويزيدني ولَهًا على وَلَهٍ
يُبدي من الأضلاعِ ما نزفا
جانب من الحضور
واختتم الأمسية الشاعر الشاب همام صادق عثمان، قرأ فيها قصائد وجدانية عالية اللغة والخيال، أجاد من خلالها رسم الرؤى والأفكار، حين تأتي تباعاً مصاحبةً قطار العمر السريع دون توقف، ومن قصيدته المعنونة ب "السر الأخفى" قرأ:
أطلُّ على الحقيقةِ من أنايا
على عَرجي كم انكسرتْ عصايا
عن الحدثِ الجليلِ سألتُ حدْسي
فأسمعني الجلائلَ والرزايا
أنا للآنَ ما فسَّرتُ نفسي
ومن عجبٍ يفسِّرني سوايا
لقد باحت محطاتٌ وأخرى
تخبئ في قطارِ الصمتِ نايا
وفي قصيدةٍ حملت عنوان "رثاء شاعرٍ لم يمت"، يعترف فيها لنفسه بمعاناته من الفراق، وكأن القريب منه بعيدٌ عنه، فلا تصل له أخبار معاناته، وكان مفتتح القصيدة الأخيرة هو:
دمعُ الفراقِ لنزفِ الجرحِ مِنديلُ
يُلقى على النِّيلِ حتَّى يشربَ النِّيلُ
كانَ اللِّقاءُ وداعَ الحبِّ، حينَ سرى
هابيلُ بالشَّوقِ لمْ يتركْهُ قابيلُ
لا يعلمُ النَّاسُ ماذا صارَ في سبإٍ
لأنَّ هدهدَ هذا الحبِّ مقتولُ
كأنَّها -لوْ أطيلتْ- لمْ تطُلْ أبدًا
وذاكَ أنَّ الأَسى مِن شأنِهِ الطُّولُ
وفي نهاية الأمسية كرم الشاعر محمد البريكي الشعراء المشاركين ومقدم الأمسية.
خلال تكريم الشعراء
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة