مع حلول ذكرى ميلاد الأستاذ محمد حسنين هيكل، الذى ولد في 23 سبتمبر من عام 1923، استعاد الكاتب والروائى الكبير يوسف القعيد شريط ذكرياته مع الأستاذ متحدثًا عن سبب اللهفة في التعرف والتقرب منه، قائلا: إن الأستاذ محمد حسنين هيكل أهم صحفى خلال فترة الزعيم جمال عبد الناصر، وكانت الأهرام أهم جريدة عربية وشرق أوسطية وفى العالم الثالث أجمع، وكان من الطبيعى أننى أسعى للتعرف عليه خاصة بعد ما عملت في مجلة المصور بدار الهلال وحسمت مستقبلى بأن أكون صحفيًا، وبالطبع لم أذهب له حتى أكون مثله ولكن لكى اتعلم منه، وعندما ذهبت لمقابلته رحب بي ترحيبًا كبيرًا بمكتبه الذى جعل منه اهم مكتب صحفي في الوطن العربي.
وأضاف الكاتب الكبير يوسف القعيد، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": "وبعد أن خرج الأستاذ هيكل من الأهرام ترددت عليه في منزله واكتشف أن في كل زيارة اتعلم منها ما لا أتصور أن اتعلمه في يوم من الأيام، ولهذا طالبت منه أن أزيد في عدد مرات زيارتى له، فبعد أن كانت مرة كل شهر أصبحت مرتين ثم مرة كل أسبوع".
وتابع يوسف القعيد قال: وفى إحدى المرات وهو يحدثنى سألنى الأستاذ هيكل لماذا لم أقوم بتسجيل الحوار الذى يدور بينى وبينه؟ فأجبته بأننى أدون مجموعة من النقاط حتى أتذكر من خلالها تفاصيل الحديث، فرد علي قائلاً: لابد أن تسجله وإذا استطعت نشره افعل ذلك فهذه الأحاديث تصلح لأن تكون في كتاب، خاصة أن كل الأسئلة التي تطرحها عن علاقة جمال عبد الناصر بالمثقفين، وبالفعل بدأت في تسجيل الأحاديث التي كانت تدور بينى وبين الأستاذ إلى أن أصبح لدى ساعات كثيرة من التسجيلات، فقمت بتفريغها بشكل كامل وذهبت إليه حتى يطلع عليها مثلما يقتضى العرف الصحفى خاصة أننى اتعامل مع أستاذ الصحافة المصرية والعربية، فقرأ ما كتبته واستبعد منه كميات كبيرة مما قاله لى وقال : "أنا لا أكذبك ولكنى لا احب أن انشر هذا الكلام"، واحتفظت بما حذفه والذى كاد أن يكون في حجم الكتاب الذى نشرته، ثم ذهبت إليه بعد ذلك حتى ارجوه أن يسمح لى بنشره متصورا أن مرور الزمن قد يجعله يغير رأيه ولكنه رفض وتمسك بموقفه، لأنها تخص مجموعة من الناس ذكرهم بالاسم ورأى أنه لا يصح نشرها، إلى أن أصابه المرض ورحل ولا يعد من حقى أن انشر كلمه واحده مما كان معترضًا عليه، ولن أقوم بنشره في حياتى على الإطلاق.
وعن أول لقاء جمع بينهما قال يوسف القعيد أن اللقاء الأول كان في نقابة الصحفيين وذهبت لمصافحته وعرفته بنفسى ودهشت بأنه يعرفنى وسمع عن رواياتى وهذا الأمر في عمرى وقتها رفعني إلى السماء السابعة وأعطاني أرقام هواتف مكتبه وطلق منى أن أطلب موعد من مدير مكتبه، وفعلت ذلك بالفعل وذهبت لمقابلته، وكانت جميع مواعيده مبكرة لأنه يستيقظ باكرا وينام باكرا، وظل يحافظ على تلك العادة طوال حياته، وكان ملتزم بالمواعيد بطريقة غير عادية، لأنه كان يدرك بأن الوقت ثورة حقيقية علينا أن نحافظ عليها ونستغلها استغلالا جيدًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة