ينظر إلى الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، على أنه أبرز الصحفيين المصريين والعرب، والمحلل السياسي المخضرم، الذي عاش مسيرته الطويلة في بلاط صاحبة الجلالة شاهدًا على العصر، ويكاد يكون من المتفق عليه أن محمد حسنين هيكل هو الصحفي الأكثر تأثيرًا في العمل الصحفي في مصر والعالم العربي منذ أن عمل فى الصحافة، كما أنه الكاتب السياسي الأكثر تأثيرًا في الفكر والحياة السياسية في الفترة ذاتها، وهو ما يجعلنا نوصفه كذلك بأنه مؤرخ تاريخ مصر الحديث، وهو أيضا ما رأته الكاتبة العراقية عفراء عبد الفتلاوي في كتابها "محمد حسنين هيكل مؤرخا" عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
أن لهيكل باعا كبيرا في مجال الكتابة التاريخية، حيث تتعدد كتاباته ذات الصبغة التاريخية، ومنها رصده للمراحل المختلفة لتاريخ مصر الحديث والمعاصر، وكذلك تعرض لتاريخ الأقطار العربية، ودول الجوار مثل إيران وتركيا، وهو ما ظهر في كتب كثيرة له مثل: إيران فوق بركان، ملفات السويس، سنوات الغليان، الانفجار، أكتوبر 73 السلاح والسياسة، خريف الغضب، إلى غير ذلك من كتبه، وبحسب الباحثة العراقية، فقد حرص هيكل عبر وطأة الحدث المعاصر والمعاش أن يصوغ موقفه من الماضي عبر مفاهيمه التي حصّلها استناداً إلى خبرته وممارسته اليومية، فاستشعر أن مشكلة التاريخ الآني (الراهن) قائمة ما دام صنّاعُه وشهوده في قيد الحياة.
وتري الكاتبة أن العديد من كتب "الأستاذ" محمد حسنين هيكل، تقع تحت تصنيف الكتب التاريخية، فهي تدخل فى إطار التاريخ المباشر، أو ضمن الكتابات التاريخية التى يمكن التعامل معها كمصدر تاريخى، إذ كان يقوم على أساس التحليل والمقارنة والاستنباط، من خلال عرض الوقائع التاريخية، والربط بين النصوص الوثائقية والروايات المختلفة والشهادات الشفاهية.
كذلك تشير الكاتبة العراقية إلى أن كتابات هيكل كان شاهدة على التحولات الكبرى في مصر من العصر الملكي وتاسيس الجمهورية وحتى ثورة 25 يناير 2011، حيث تعد كتاباته مرجعا هامًا في تاريخ مصر المعاصر، مثل "تاريخ مصر المعاصر، والتى تحتوى خمسة كتب منها ملاحقَ للوثائق، وهى: "بين الصحافة والسياسة" (1984)، "ملفات السويس" (1986)، "سنوات الغليان" (1988)، "الانفجار" (1990)، "أكتوبر 73 السلاح والسياسة" (1993)، "سقوط نظام" (2002)، "مبارك وزمانه (1) ــ من المنصة إلى الميدان" (2012)".
وتشير الكاتبة إلى أن مقالات هيكل الصحفية بجانب إصداراته من الكتب التي تخطت الخمسين كتابا تعد إرثًا من الأفكار والرؤى والمقالات والكتب التى تناولت والفكر السياسى وقضايا الأمن القومى وقضايا وأزمات المنطقة والصراع العربى- الإسرائيلى، التى تجمع بين التوثيق والتأريخ، وتكشف خفايا حقبة شهدت فيها البلاد تحولات غير مسبوقة.
وترى المؤلفة أن الذاكرة التاريخية مثلت بالنسبة لهيكل جزءاً من تاريخ متغير ومتحول، فليست هي الماضي المقترن بالحدث السياسي بل هي نتاجه الحتمي، والتاريخ ليس الماضي فحسب إنما هو سياسة الحاضر وإمكانية استشراف المستقبل، وكانت مسيرة الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل كبيرة ومثمرة، ترك خلفه العديد من المؤلفات والكتب، وصلت إلى أكثر من 50 مؤلفا عن العديد من أهم القضايا السياسية التي تهم فئة كبيرة من العرب والمصريين كالصراع العربي الإسرائيلي، والتحولات السياسية في مصر مع تغير الأنظمة الحاكمة باللغة الإنجليزية واللغة العربية.
وبحسب الباحثة، فقد حرص هيكل عبر وطأة الحدث المعاصر والمعاش أن يصوغ موقفه من الماضى عبر مفاهيمه التي حصّلها استناداً إلى خبرته وممارسته اليومية، وهو ما يتماشي مع قاله هيكل في كتابه "زيارة جديدة للتاريخ": " التاريخ ليس علم الماضي وحده، وإنما هو-عن طريق استقراء قوانينه-علم الحاضر والمستقبل أيضاً، أي أنه علم ما كان وما هو كائن وما سوف يكون. هذا ما يحاول محمد حسنين هيكل تأكيده من خلال زيارته الجديدة للتاريخ التي يعود من خلالها إلى شخصيات قابلها في الماضي مستعيداً صورتها الكاملة أو شبه الكاملة في أوراقه، محاولاً، برؤية معاصرة، إذا استطاع، تسليط أضواء على أجواء تحيط بالعالم العربي بالذات، مركزاً على قضايا ومشاكل تستغرق العرب اليوم ولسوف تستغرقهم بعده، وبعده! قضايا مثل الحرية والديموقراطية، وقضايا مثل الحرب والسلام، وقضايا مثل العلم والمعاصرة.