خمسة عشر عاما مرت على رحلة كفاح السيدة "رضا شعبان السيد"، وما زالت تواصلها يوما تلو الآخر، بعد أن فارقها شريك حياتها وحيدة تواجه مصاعب الحياة، تعتني بطفلتيها حتى كبرتا، وتزوجت إحداهما، بينما تسعى جاهدة لتجهيز ابنتها الصغرى تمهيدا لزواجها.
"سيدة" الثلج، كما يطلق عليها أصحاب المتاجر والمطاعم بمنطقة التوفيقية، وسط القاهرة، تخرج من بيتها بمنطقة بشتيل في أوسيم، التابعة لمحافظة الجيزة، صباح كل يوم، تنطق بدعوات الاستفتاح، والرزق، ساعية للقمة عيشها بمنطقة التوفيقية الشهيرة.
أسفل عقار قديم، وبمدخل جراج تقف "رضا" سيدة الثلج، أمام ثلاجتها البدائية، تحتفظ بداخله بألواح من الثلج، مهمتها نقل الألواح لأصحاب المطاعم، ومحلات العصائر بمنطقة التوفيقية، وضواحيها، تجاهد قوتها لرفع الألواح الثقيلة، ووضعها أعلى عربة اليد الحديدة، وتدفعها أمامها، كأنها تدفع هموهما من حياتها، تخترق الحارات الضيقة، والشوارع المزدحمة، قدميها الثقيلتان تقاومان خيانة الجسد، توزع الثلج وتعود مرة أخرى إلى ثلاجتها لتبدأ مشوار جديد من السعي للرزق الحلال.
تقول السيدة "رضا"، إنها تزوجت منذ سنوات طويلة لا تتذكر عددها، وكان زوجها الراحل يعمل في ذات المهنة، بيع الثلج لأصحاب المطاعم والمحلات، حينها كانت تساعده في عمله، كأي زوجة واجبها المشاركة، والوقوف بجانب شريك حياتها، رزقها الله بطفلتين، فاعتنت بتربيتهما، حتى فاضت روح زوجها إلى بارئها، منذ خمسة عشر عاما.
وجدت "رضا" نفسها بلا عائل بعد وفاة زوجها، مسئولة عن طفلتين يتيمتي الأب، بلا سند، وسط حياة صعبة، فقررت مواصلة رحلة الكفاح بمفردها، وأن تكون أبا وأما لبنتيها، توجهت إلى ثلاجة زوجها وواصلت عمله، تبدأ صباح كل يوم، وتعود إلى طفلتيها بعد أن ينال التعب منها.
رغم أن عمل بيع الثلج وتوزيعه بالعربة الحديدية، به من الصعاب الكثير، أو كما تصفه رضا، "شغلة رجالة"، إلا أنها تؤديه والابتسامة لا تفارق وجهها، راضية سعيدة، تسعى للقمة العيش الحلال، ترفض أن تمد يدها وتتسول.
سيدة الثلج تختم حديثها لـ"اليوم السابع" قائلة " دلوقتي همي إني أجوز بنتي المخطوبة، وأروح أزور بيت ربنا، دا كل اللي بتمناه في حياتي، ومش عايزة حاجي من الدنيا غير الستر، واللقمة الحلال".