تمر اليوم ذكرى وصول النبى محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة من مكة فيما يعرف بـ الهجرة النبوية، وذلك بحسب التقويم الميلادى في 27 سبتمبر 622.
والمدينة المنورة ليس المكان الأول الذى يزوره أو يخرج إليه النبى -صلى الله عليه وسلم- بل ترحّل الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى بلاد أخرى.
والمعروف ربما أن النبى محمد -صلى الله عليه وسلم- لم يخرج قبل النبوة من موطنه مكة المكرمة إلى أي جهة إلا مرة واحدة عند ما وصل للخامسة والعشرين من عمره خرج تاجرًا إلى الشام فى مال السيدة خديجة -رضي الله عنها- مع غلام لها يقال له "ميسرة".
وقد ارتحل به قبل ذلك عمه أبو طالب تاجرًا إلى الشام، وهو صبي في الثانية عشرة وشهر أو شهرين من عمره حتى وصل إلى بُصْرَى (أطراف الشام مما يلي الحجاز)، فرده منها إلى مكة مع بعض غلمانه، أو رجع به هو نفسه، خوفا عليه من اليهود والنصارى.. فلم يصل إلى الشام، وظل في مكة إلى أن وصل الخامسة والعشرين.
تكاد تنحصر حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- داخل الحجاز، ولم يخرج منها إلا مرات محدودة ومحفوظة، فقبل بعثته صلى الله عليه وسلم كانت أقصى منطقة روي أن النبي صلى الله عليه وسلم وصل إليها هي بلاد الشام؛ حيث جاءت الروايات أنه سافر إليها مرتين.
المرة الأولى: خرج مع عمّه أبي طالب في تجارة إلى الشام
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: (خَرَجَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ وَخَرَجَ مَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَشْيَاخٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا أَشْرَفُوا عَلَى الرَّاهِبِ هَبَطُوا فَحَلُّوا رِحَالَهُمْ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ الرَّاهِبُ وَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَمُرُّونَ بِهِ فَلَا يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ وَلَا يَلْتَفِتُ). رواه الترمذي (3620)، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي " (3620).
والمرة الثانية: روي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الشام في تجارة خديجة رضي الله عنها.
روى الدولابي في "الذرية الطاهرة النبوية" (ص 26 - 27) بسنده إلى ابن إسحاق أنه قال: (كَانَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ امْرَأَةً تَاجِرَةً ذَاتَ شَرَفٍ وَمَالٍ تَسْتَأْجِرُ الرِّجَالَ فِي مَالِهَا ، وَتُضَارِبُهُمْ إِيَّاهُ بِشَيْءٍ تَجْعَلُهُ لَهُمْ مِنْهُ ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَوْمًا تُجَّارًا، فَلَمَّا بَلَغَهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ صِدْقِ حَدِيثِهِ وَعَظِيمِ أَمَانَتِهِ وَكَرَمِ أَخْلَاقِهِ ، بَعَثَتْ إِلَيْهِ ، فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ فِي مَالِهَا تَاجِرًا إِلَى الشَّامِ، وَتُعْطِيهِ أَفْضَلَ مَا كَانَتْ تُعْطِي غَيْرَهُ مِنَ التُّجَّارِ مَعَ غُلَامٍ لَهَا يُقَالُ لَهُ: مَيْسَرَةُ). فَقَبِلَهُ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَرَجَ فِي مَالِهَا ذَلِكَ، وَمَعَهُ غُلَامُهَا مَيْسَرَةُ حَتَّى قَدِمَ الشَّامَ.
وأما بعد بعثته صلى الله عليه وسلم، فلم يثبت أنه جاوز بلاد الشام. حيث وصل في حادثة الإسراء والمعراج إلى بيت المقدس، وجاء في رواية أنه مرّ في هذه الحادثة بطور سيناء، فصلى هناك.