هناك العديد من الروايات التي حفرت لنفسها اسمها عبر التاريخ لكن الأسباب مختلفة فنجاح الروايات يرتبط بعدة عوامل منها ذائقة الجمهور وطبيعة المرحلة والجوائز التي حصلت عليها غير أن هناك روايات استمدت صيتها من الجدل الذى أثارته والذى كان جدلاً جماهيريًا في الأساس ومن هنا يمكن القول إن سلطة الجمهور أبقت هذه الروايات في الذاكرة وهنا نذكر أبرزها.
عزازيل
أثارت رواية عزازيل للكاتب يوسف زيدان جدلاً واسعًا؛ نظرًا لأنها تناولت الخلافات اللاهوتية المسيحية القديمة حول طبيعة المسيح ووضع السيدة العذراء، والاضطهاد الذي قام به المسيحيون ضد الوثنيين المصريين في الفترات التي أضحت فيها المسيحية ديانة الأغلبية المصرية.
وقد أصدر الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بيانًا اتهم فيه مؤلف الرواية بالإساءة إلى المسيحية، مشيرا إلى أنه أخذ فيها منحى المؤلف دان براون في روايته شفرة دافنشي.
الرواية تجول في رأس الراهب هيبا بين المنطق والفلسفة وبين الدين وهذا هو سبب الذي أدى إلى مقتل هيباتيا التي كانت تدرس الفلسفة من قبل أسقف الكنيسة ورجالها الذين أمعنوا في التمثيل في جثتها باسم الرب كما وضحت الرواية ما دفع الراهب لترك الإسكندرية متجها نحو القدس للبحث عن أصول الدين وحقيقته.
كما تطرقت إلى الآراء الكثيرة حول ماهية السيد المسيح والتي عظمت هذه التناقضات بعدها بفترة وتحولت إلى طوائف وانقسامات كبيرة في الدين المسيحي وطبيعة الغرائز البشرية بحبه للفتاة الوثنية أوكتافيا التي قتلت وهي تدافع عن هيباتيا وبينت كيفية استغلال الدين للوصول إلى السلطة.
وواجه يوسف زيدان اتهام الكثير من النقاد والمثقفين العرب، بأنه قام بتقليد رواية "اسم الوردة" للكاتب الإيطالي أومبيرتو إيكو، حيث حبكت القصة بنفس الطريقة، وتشابهت الموضوعات وطريقة العرض، وهنالك الكثير من المقالات والتحقيقات دارت حول هذا الموضوع، ومهما اختلفت الآراء حول الرواية فلن تنقص أبداً من القيمة التاريخية والأدبية لها.
عزازيل
وليمة لأعشاب البحر
صدرت رواية وليمة لأعشاب البحر للأديب السوري حيدر حيدر لأول مرة عام 1983 في سوريا وتدور أحداثها حول مناضل شيوعي عراقي هرب إلى الجزائر، غير أنه يلتقي بمناضلة قديمة تعيش عصر انهيار الثورة، والخراب الذي لحق بالمناضلين هناك وبعد سبعة عشر عاما وإثر إعادة طبعها في مصر عام 2000 أحدثت جدلاً ومنعها الأزهر بدعوى "الإساءة إلى الإسلام".
وفى التفاصيل رفع ثلاثة من مسئولي وزارة الثقافة المصرية دعوى قضائية ضد الكاتب محمد عباس وجريدة "الشعب" بتهمة القذف والسب واستخدام مصطلحات تكفيرية تسيىء اليهم وتحرض على قتلهم في قضية رواية "وليمة لأعشاب البحر" للروائي السوري حيدر حيدر.
وصرح الروائي إبراهيم أصلان مسئول سلسلة آفاق الكتابة التابعة لهيئة قصور الثقافة آنذاك والتي صدرت عنها رواية "وليمة لاعشاب البحر" وفقا لما نشرته الصحف إنه مع زميليه "محمد كشيك أمين عام النشر في الهيئة العامة لقصور الثقافة وحمدي أبوجليل مدير تحرير سلسلة آفاق الكتابة قد رفعوا هذه الدعوة القضائية بعدما تلقى اتصالات من مجهولين تهدد حياتهم .
وأوضح أصلان أن محمد عباس الكاتب الصحفى بجريدة الشعب سب مسئولي النشر صراحة في المقالات التي نشرت على صفحات "الشعب" مطالبا بإقامة الحد عليهم.
وكان أصلان وزميليه بالإضافة إلى رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة قد تم استدعاؤهم للمثول أمام المحامي العام بدعوى حسبة رفعها المحامي عبد الحليم رمضان واخرين استنادا لما ورد في جريدة الشعب من إساءتهم للإسلام.
ووصل حد الخلاف حول الأزمة إلى تقديم بلاغات إلى النائب العام، ومطالبة البعض باستقالة أوإقالة وزير الثقافة الأسبق الفنان فاروق حسنى، الذى قام بدوره بتشكيل لجنة ضمت الدكتور أحمد هيكل، والناقد فاروق عبد القادر، والكاتب الصحفى كامل زهيرى، والدكتور صلاح فضل، رفضت الاتهامات الموجهة للرواية.
ورغم إشادات اللجنة سالفة الذكر، إلا أن ناقدا مثل الناقد الكبير رجاء النقاش، رأى أن رواية "الوليمة" فيها استطرادات تبعث على الملل فى كثير من الأجزاء وتعانى من التعبيرالعاطفى العشوائى تجاه الأشخاص والأماكن والأحداث والمشاعر المختلفة مما أدى إلى مقدار من الصعوبة فى قراءة الرواية، وثمة إحساس أنه كان يمكن اختصارها إلى النصف على الأقل من دون أن تفقد كثيراً من عناصرها الإيجابية المؤثرة، كما أن الرواية تكاد تكون عبارة عن صفات غارقة فى الضباب، بعيدة من الانضباط الجمالى واللغوى.
وأشار إلى أن رواية حيدر تسجل كل شيء وتطارد كل لحظة وكل حادث، ويحرص حيدر على تسجيل كل خاطرة وكل فكرة، بما لا يتيح للقارئ فرصة للتنفس الصحيح داخل الرواية، بل إن القارئ أحياناً يصل إلى حد الاختناق والانفصال عن المشهد المادى الذى يطالعه.
وقال الناقد الراحل الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة المصرية الأسبق، فى مقال له نشر وقت الأزمة: إن رواية "وليمة لأعشاب البحر" من أفضل الروايات العربية المعاصرة على الاطلاق ومن يتهمونها بالكفر هم مجموعة من جماعات الضغط السياسى الذين يتقنعون تحت أقنعة دينية ويتولون إرهاب المثقفين والمبدعين ويحاربون كل من يدافع عن الدولة المدنية، وهؤلاء لهم طريقة مغلوطة فى قراءة الأعمال الأدبية وفى رؤية الأعمال الفنية، وهم يقرأون الأعمال الأدبية على طريقة "لا تقربوا الصلاة" أى أنهم يقتطعون الجمل والعبارات من سياقها ويوظفونها وفقا لما يخدم مصالحهم وكل هذه الحملة استندت الى ما لا يزيد عن خمسة جمل فقط مقتطعة من 700 صفحة وهؤلاء ينبغى أن يخجلوا من أنفسهم فهم يريدون مصادرة رواية من أجمل الروايات العربية لم تصادرها أى دولة عربية من قبل.
غلاف رواية وليمة لأعشاب البحر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة