فن الأمل وصنعة بناء الأوطان.. "حكاية وطن" يُلخص مسيرة مصر ويقدم كشف حساب عن أيام الجهد والعرق وحصاد الرؤية والإنجاز.. "المركز المصرى" يطلق كتابا توثيقيا فى 5 فصول و19 محورا ومئات الملفات بالحقائق والأرقام

السبت، 30 سبتمبر 2023 04:14 م
فن الأمل وصنعة بناء الأوطان.. "حكاية وطن" يُلخص مسيرة مصر ويقدم كشف حساب عن أيام الجهد والعرق وحصاد الرؤية والإنجاز.. "المركز المصرى" يطلق كتابا توثيقيا فى 5 فصول و19 محورا ومئات الملفات بالحقائق والأرقام الرئيس السيسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فن الأمل وصنعة بناء الأوطان.. 

 
- "حكاية وطن" يُلخص مسيرة مصر بين التحديات والطموحات فى عشر سنوات.. ويقدم كشف حساب شامل عن أيام الجهد والعرق وحصاد الرؤية الناضجة والتخطيط السليم
 

- المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية يطلق كتابا شاملا يوثق إنجازات الدولة منذ 2013.. 5 فصول و19 محورا ومئات الملفات المدعومة بالحقائق والأرقام

 

- الكتاب وثيقة مهمة تقدم رؤية بانورامية لسنوات الرئيس السيسى ومفهوم الجمهورية الجديدة وطفرات التنمية وأولوية العدالة الاجتماعية وبناء الإنسان وتمكين الفئات المهمشة

 
عشر سنوات غلّفتها التحديات، وتتابعت فيها الإنجازات، فكان عنوانها التحدى والجدية وتثبيت الدولة وسط مناخات عاصفة وأزمات إقليمية ودولية متشابكة، والعمل الجاد من أجل علاج قصور الماضى الطويل، وإرساء مسار عريض للبناء والتنمية على كل المستويات، يتجلّى واضحًا بالنظر إلى حصيلة الأرقام وحصاد المشروعات والإصلاحات، وهو الأداء الذى يصعب اختزاله فى قراءة مُوجزة، وتتطلب الإحاطة به عرضًا شاملاً ومنفتحا على كل المجالات.
 
 
 
 
 
 
فى هذا الإطار، أعد المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية كتابا مهما، يُحاول الإحاطة بمسيرة عشر سنوات من مُجابهة الاختبارات الصعبة واقتراح المسارات النوعية لإعادة بناء الدولة وتحديث أُطر عملها. يأتى الكتاب فى 224 صفحة من القطع الصغير، تتوزع على مقدمة وخمسة فصول تتضمن تسعة عشر عنوانا فرعيا، تقدم حصرًا وافيًا بأبرز المحطات الصعبة التى تجاوزتها الدولة المصرية، وأهم عناصر الرؤية الاستراتيجية للدولة الجديدة فى مسارها الصاعد انطلاقا من ثورة 30 يونيو 2013، ثم إرساء مرتكزها السياسى المدنى من الانتخابات الرئاسية وتولى الرئيس عبد الفتاح السيسى المسؤولية فى 2014، وأهم التحديات الوجودية التى فرضت نفسها على التصور التنموى الناشئ من سياق مواجهة شرسة مع الرجعية الدينية، ثم مكوّنات الفلسفة المُستحدثة بما تُراهن عليه من تجاور جاد ومتوازن فى النظر إلى الإنسان جنبا إلى جنب مع أمور الاقتصاد والسياسة والمصالح الاستراتيجية العليا، دون إغفال لتطورات البيئة الدولية ومقتضيات العمل على ترميم آثار الانفلات بعد 2011، والتشققات التى أحدثها حُكم الإخوان خلال سنتهم السوداء، واستعادة موقع مصر فى محيطها الإقليمى وعلى صعيد أدوارها الحيوية داخل المؤسسات الأُممية وفى علاقاتها الثنائية بالأطراف الفاعلة شرقا وغربا.
 
يتعمق كتاب المركز فى الرصد والتقييم، صانعًا صورة إجمالية شديدة التكثيف والشمول، بما يقدم تصورا بانوراميا عن المرحلة الماضية بكاملها. وإلى جانب اهتمامه بالحصر والتدقيق وإيراد المؤشرات والأرقام، يرتكز إلى التحليل وقراءة السياقات وتضفيرها بما يُوفر إحاطة جادة ومُعبرة بالحالة الاستثنائية التى فرضتها تقلبات البيئة السياسية، واستجاب لها الشارع ومؤسسات الدولة، وكان ذلك بداية تأطير مفهوم "الجمهورية الجديدة" لا بوصفها تحوّلاً فى النظر إلى صيغة الحُكم فقط، ولا تخليص الدولة من ميراث الأصولية والتجارة بالعقائد والشعارات فحسب؛ إنما من زاوية أنها تُعبر عن ابتكار مفاهيم وطنية صافية للتنمية والبناء، تنطلق من مُراعاة القيمة الحضارية المصرية، واستيعاب التأثيرات المحلية والوافدة بفعل فترات التقلبات فى الإقليم وعلى امتداد العالم، والتوازن الخلاق بين محدودية الموارد وانفتاح التطلعات على آفاق حداثية ومُستقبلية يُغلفها طموح غير محدود. فتتجلّى كل تلك العناصر متكاملة فى نظرة الكتاب إلى موضوعات السياسة والإصلاح الإدارى والتنفيذى، بالتوازى مع إصلاح الاقتصاد وإنجاز مُخطط تحديثى وتنموى شامل، ووضع البشر فى موضع الأولية انطلاقا من كونهم مُلاك الوطن أولا، ودعائم نهضته فى الأساس.
 
كتاب حكايةوطن (3)
 

بناء الجمهورية الجديدة

 
يُركز المركز المصرى فى كتابه على مفهوم "الجمهورية الجديدة" والتدرج فى إنضاجه ووضعه موضع التنفيذ عمليا. وقد بدأ هذا المسار الطموح من محطة التوافق على "عقد اجتماعى" جديد بين جموع المصريين المنحازين للدولة المدنية فى مواجهة تصور انغلاقى متطرف حملته جماعة الإخوان وسعت لفرضه على الشعب عنوةً، وعبر انتهاج مسار من الخطابات الخشنة التى تطورت لاحقًا إلى ممارسات عنيفة بحق خصومهم، وضد الدولة ومؤسساتها بالكامل. ويُبيّن أن ملامح التعاقد التى رسمتها الحالة التوافقية الهادرة فى 30 يونيو تركزت على علاج أخطاء الماضى، والتحرك باتجاه إصلاح جذرى شامل، والانتقال بالتأسيس الجديد من مستوى المفهوم النظرى إلى التطبيق عمليا بالاستناد إلى ثلاثة مُرتكزات: بناء الإنسان، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإعلاء النظر إلى الحقوق بمفهوم شامل لا يضع عنصرًا فيها قبل بقية العناصر، ولا يتعالى على شواغل المواطنين وحاجاتهم الأساسية للأمن والتنمية والحياة الكريمة.
 
ويخلص باحثو المركز، إلى أن المفهوم التعاقدى على مُحددات "الجمهورية الجديدة" ينطلق من مُقاربة شاملة وعمل مُتعدد المسارات، ما تكشف عنه بوضوح خطة التنمية المُستدامة "استراتيجية 2030" بتوازنها الدقيق بين الاستثمار والخدمات، وترقية ملفات التعليم والصحة فى الكم والكيف، وانتهاج مسار إصلاحى يسدّ شقوق الماضى ويجبر الاختلالات الهيكلية الموروثة، من أجل الوصول إلى صيغة حيوية من الكفاءة وعافية المؤسسات والقدرة على إنجاز التنمية الشاملة داخليا وخارجيا، من خلال عمل متوازٍ على كل المحاور، وتدرّج فى تحسين مؤشرات الأداء بالتزامن، ثم تطوير سياسة خارجية ديناميكية ومنفتحة على الجميع، بما لا يُخل بالثوابت الوطنية، ولا ينزل عن فرص التعاون وتكامل الجهود وبناء مسارات صحية ناضجة مع الإقليم والعالم.
 
كتاب حكايةوطن (2)
 
 
ينطلق الكتاب بعد ذلك إلى الإصلاح الاقتصادى، مُلخّصًا طبيعة الملف وتحدياته بالعبارة الموجزة "بناء وسط الأزمات"، وتندرج تحت هذا المحور ثلاثة عناوين فرعية، يتناول أولها برنامج الإصلاح الاقتصادى الشامل وتحدياته، ويستعرض منها: ارتفاع فاتورة دعم الطاقة، وشح العملات الأجنبية، وهروب الاستثمارات، وتراكم مديونيات الشركاء الدوليين فى قطاع البترول، وارتفاع عجز الموازنة، وتدنى إسهام القطاع الخاص فى التنمية والناتج، وتهالك البنية التحتية، ثم الأخطر من كل ذلك عبر موجة الإرهاب القاسية التى قادتها جماعة الإخوان الإرهابية، وكبدت الدولة آلاف الشهداء والمصابين فضلا عن نزيف اقتصادى وخسائر بمئات مليارات الجنيهات. وكان الإصلاح النقدى مدخلا مهما إلى التحرر من قيود السياسات المالية والنقدية الخاطئة لعقود طويلة، وسمح بجانب تصحيح الأوضاع وإنهاء الازدواج فى سوق الصرف، بأن يُعاد بناء الاحتياطى وجذب الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، والسيطرة على عجز الموازنة ومستويات التضخم بفعل سياسات التشديد النقدى والإنفاق الرشيد، ويعرض المحور بالأرقام تطورات عجز الميزان التجارى، والميزان الخدمى، وتدفقات الاستثمار، والتضخم والاحتياطى وسعر الصرف، ثم يتناول الضبط المالى وتحسين الإيرادات وضبط الإنفاق والتمويل، مُبينًا حجم التطورات الإيجابية التى ساعدت على علاج كثير من تلال الأمراض الموروثة.
 
فى المحور الثانى يُركز على سدّ الثغرة التى كانت تُقوّض فرص الاقتصاد الوطنى على التطور والنمو، مُركزا على إجراءات الدولة والقيادة لتعزيز مساهمة القطاع الخاص. ويتعمق فى "وثيقة سياسة ملكية الدولة" وبرنامج الطروحات الحكومية والإجراءات الإصلاحية الداعمة، وشملت 144 إجراء شاملة ومتنوعة اتُّخذت خلال أقل من ستة عشر شهرا، وتحديدا بين مايو 2022 وسبتمبر 2023، من أجل دعم الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص وتحسين بيئة الأعمال، فضلا عن التحضير لحزمة تحفيز أخرى تتضمن 27 إجراء مهما تستهدف تعزيز التنافسية وتحسين بيئة العمل، مع إنجاز برنامج الطروحات والتخارج. بينما يتركز المحور الثالث على فلسفة "التنمية القطاعية المتكاملة": مُعدّدًا جوانب الإنجاز النوعية المتقدمة فى قطاعات حيوية مثل النقل والطرق، ومكوناته من الخطة القومية للطرق والأنفاق ومحاور النيل ومشروعات الجر الكهربائى وخطوط المواصلات المتطورة مثل المونوريل والقطار الكهربائى الخفيف، فضلا عن تطوير السكك الحديدية، ومؤشرات تحسن البنية التحتية ورفع مستوى الخدمات، وكذلك الحال فى قطاع الطيران المدنى وطفرة المطارات الجديدة وشبكات الخدمة اللوجستية، ثم قطاع الموانئ والممرات التجارية بما يمثله من مُرتكز أساسى لجهود التنمية، انطلاقًا من أنه يُعزز قدرات التواصل مع العالم والنفاذ للأسواق الخارجية، وينتقل بعدها إلى قطاع البترول والثروة المعدنية مستعرضا طفرات البحث والاستكشاف ومناطق الامتياز الجديدة، واتفاقات نقل وتسييل الغاز، وبعدها قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة والمنجزات المتحققة فى قدرات التوليد عبر المحطات الشمسية ومحطات الرياح، ومشروعات وبروتوكولات التعاون فى مجال الهيدروجين الأخضر والحوافز المقدمة لجذب استثمارات محلية ودولية فيه، والطاقة النووية ومعدلات الإنجاز فى مشروع محطة الضبعة المتطورة، وينتقل إلى قطاع الكهرباء وما تحقق فيه من معدلات أداء وافتتاحات ومضاعفة لقدرات التوليد ونسب الاحتياطي على الشبكة، ويستعرض برامج الربط الكهربائى مع الدول المحيطة عربيا وأوروبيا وفى العمق الأفريقي. 
 
يتناول المحور كذلك تطورات قطاع الموارد المائية والرى، وما انتهجته الدولة من مسارات تقدّمية تحسبت مبكرا للأزمات الناشئة عن النمو السكانى رغم ثبات الموارد المائية، وشملت تركيزا على أنشطة المعالجة والتدوير وإعادة الاستخدام، وتحلية مياه البحر، وتبطين وإعادة تأهيل الترع بغرض تقليل الفواقد وضمان وصول المياه إلى نهايات الترع، ثم انتقل إلى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مستعرضا تطور ترتيب مصر فى المؤشرات الدولية، وارتفاع إسهام القطاع فى الناتج الإجمالى، والتوسع فى استخدام التكنولوجيا ونمو الصادرات التقنية المصرية، والتحول التنفيذى والإدارى إلى مستوى "الحكومة الإلكترونية" مع الالتفات المبكر إلى أدوات الذكاء الاصطناعى وما تتيحه من مداخل نوعية للتنمية والتحديث. وبعدها يستعرض تحولات قطاع السياحة ومسار نمو الإيرادات وأعداد الوافدين، والتعافى رغم رواسب مرحلة الفوضى بعد 2011 وخلال حُكم الإخوان وما أثاروه من إرهاب لاحق، وقد حصدت مصر ثمار ذلك أخيرًا بتسجيل مؤشرات وعوائد تتجاوز المستويات القياسية لأداء القطاع فى العام 2010، ويعرض الكتاب بالتفصيل حجم النقلة فى النظر إلى القطاع وما تحقق من تنوع فى المُنتج المُقدم والأسواق المستهدفة، وتطوير البنية التحتية والتحول الرقمى، وربط المقاصد ورفع الطاقة الاستيعابية، وتقديم المساندة للقطاع عبر تيسيرات تشريعية وتمويلية ودعم جاد فى أوقات الأزمات.
 
ثم يُلقى الكتاب الضوء على سياسات دعم الصناعة، انطلاقا من جهود التحديث والتوطين، وتوسعة واستحداث مدن صناعية جديدة، وإطلاق مبادرة ابدأ لدعم وتوطين الصناعة وتعويم المشاريع المتعثرة بغرض زيادة الاعتماد على المنتج المحلى وترشيد الواردات، كما يستعرض المُحفزات المقدمة للمستثمرين وجهود تطوير البيئة التشريعية والإجرائية، وينتقل بعدها إلى قطاع الأمن الغذائى، متناولا قفزات قطاع الزراعة عبر التوسع الأفقى والرأسى وزيادة معدلات الاستصلاح ومشروعات الصوب والزراعات المحمية، متوقفا عند الدلتا الجديدة ومستقبل مصر وجنوب محور الضبعة وتوشكى، ثم الثروة السمكية وما شهدته من تطوير للبحيرات وتنشيط لمشروعات الاستزراع، ومجالات الإنتاج الحيوانى والداجنى وجهود الدولة المُباشرة فيها أو دعمها للمستثمرين وصغار المربين، وكذلك الصناعات الغذائية والمُكملة وما تقدمه من قيمة مضافة عبر مرتكزات صناعية مهمة ومتطورة مثل مشروع "سايلو فودز"، وأخيرا ملف التجارة الخارجية؛ إذ يُلقى الضوء على ما أولته القيادة السياسية من اهتمام بتحسين الميزان التجارى وترقية الصادرات، وتنشيط التعاون عبر إبرام بروتوكولات واتفاقات وتنظيم ملتقيات ومؤتمرات اقتصادية وتجارية موسعة، مشيرا على التحديد إلى توقيع اتفاق منطقة التجارة الأفريقية الحرة، وتعديل لائحة قانون الاستيراد والتصدير، ووقف استيراد بعض المنتجات، والانضمام لتحالف الميركوسور، ومستعرضا أبرز المؤشرات والأرقام عن تطورات الأداء التجارى ونمو الصادرات المصرية.
كتاب حكايةوطن (1)
 
 
 
 

تمكين الإنسان أولاً

 
يُركز كتاب المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية فى فصله الثانى على محور التمكين المجتمعى، ويتناوله عبر سبعة محاور: تعزيز الحماية الاجتماعية، والتنمية من أجل "حياة كريمة"، والتمدد العمرانى وسكن كريم، وتحسين المنظومة الصحية، وتحسين التعليم والابتكار، وتنمية المناطق المهمشة، وتمكين المرأة والشباب. ويستعرض على امتداد الفصل بالمؤشرات والأرقام حجم ما تحقق فى كل الملفات المُرتبطة بالعدالة الاجتماعية وتحسين معيشة المواطنين، والتركيز على المهمشين والفئات الأولى بالرعاية وسكان العشوائيات والمناطق الخطرة، فى أحد أوسع البرامج التنموية والاجتماعية التى يشهدها العالم، لا سيما أنه شهد خلال السنوات العشر الماضية إنفاق مئات مليارات الجنيهات، فتكلفة مشروع "حياة كريمة" وحده تقارب تريليون جنيه بعد تغيرات سعر الصرف وقفزات الأسعار، لتمثل تلك الرؤية ذات البُعد الاجتماعى نُضجًا وطنيا فى النظر إلى مسألة التنمية بالموازاة مع العدالة والتمكين، وتكشف عن فلسفة الجمهورية الجديدة التى تشتغل على الموارد البشرية أولا، وبقدر اهتمامها بترقية القدرات الاقتصادية ورفع الإنتاج وتنويع مكونات الناتج.
 
يتتبع الفصل حصيلة الجهود الوطنية الشاملة على امتداد عشر سنوات، من أجل الاشتباك مع الأوضاع الإنسانية التى أنتجتها عقود الإهمال السابقة، مع انفلات الزيادة السكانية وقصور خطط التنمية الاجتماعية، سعيًا إلى تحسين الخصائص السكانية وتوفير معيشة كريمة لجموع المصريين. وينطلق فى تعداد عناصر "تعزيز الحماية الاجتماعية" بالتعمق فى قراءة مؤشرات وأرقام ملف الدعم والمنح والمزايا، ورفع كفاءة منظومة التموين، وتحسين برنامج الضمان الاجتماعى وهيكل الأجور والمعاشات، وإطلاق البرنامج الطموح "تكافل وكرامة"، ثم ينتقل الفصل إلى "حياة كريمة" مستعرضا أهدافها وإنجازاتها بالتفصيل، كما استعرض مُخطط المبادرة بمراحلها الثلاث وقائمة القرى المستهدفة وفق مؤشرات الفقر، مع إبراز أهم الأرقام المتحققة فى العامين الماليين الأخيرين، على صعيد الإنفاق والمشروعات والمستفيدين والمردود الاجتماعى والإنسانى والتنموى. وبعدها يستعرض عنوان "التمدد العمرانى والسكن الكريم" من تطوير العمران القائم، إلى مشروعات تطوير العشوائيات التى شملت مئات آلاف الوحدات السكنية فى 342 منطقة تنوعت بين الدرجة الأولى المهددة للحياة، والمناطق غير الملائمة أو المهددة للصحة أو المفتقدة للحيازة المستقرة، ثم مشروعات تطوير عواصم المدن وتطوير القاهرة التاريخية وبرامج الإسكان وإنشاء المدن الجديدة، واستعرض أهم تلك المدن كالعاصمة الإدارية والعلمين والمنصورة الجديدة وغيرها من مدن الجيل الرابع على امتداد مصر من شمالها إلى جنوبها وفى اتجاهى الشرق والغرب. وانتقل الكتاب بعدها إلى "تحسين الرعاية الصحية" الذى تحقق عبر زيادة الإنفاق وإطلاق التأمين الصحى الشامل وطفرة المستشفيات بين تطوير القائم وإنشاء الجديد، وكذلك المبادرات الصحية التى أطلقها الرئيس وشملت عشرات الملايين فى كل التخصصات، وكان أهمها "القضاء على فيروس سى" وإنهاء قوائم انتظار الجراحات، والمبادرات المعنية بصحة الأم والجنين، وبالتصدى لمخاطر السمنة والتقزم والأنيميا بين الأطفال، وفحص السمع لحديثى الولادة، والكشف المبكر عن أورام الثدى والاعتلال الكلوى، كما استعرض الجهود الشاملة لمواجهة أزمة كورونا بما سمح بعبور مصر للمحنة الوبائية العالمية بأقل التأثيرات الممكنة على الاقتصاد والمالية العامة ومعيشة المواطنين.
 
يرصد الكتاب بعدها جهود "تحديث التعليم والابتكار" عبر رصد وتدقيق الأرقام والمؤشرات فيما يخص طفرات التعليم قبل الجامعى والفنى، ثم التعليم الجامعى والبحث العلمى، والتوسع فى إنشاء عشرات الجامعات النوعية بين أهلية وتكنولوجية وفروع لجامعات أجنبية، واستحداث مئات البرامج النوعية المتقدمة لإعداد كوادر مؤهلة لسوق العمل ومُستجيبة للتحديات الناشئة عن تحولات السوق الدولية نحو الرقمنة والذكاء الاصطناعى. كما يُفرد مساحة مُستفيضة لاستعراض جهود تنمية المناطق المهمشة، وما شهده الصعيد وسيناء والساحل الشمالى الغربى من تركيز على مشروعات التنمية الاجتماعية والاقتصادية المتقدمة، بإنفاق كثيف على مشروعات الطرق والإسكان والبنية التحتية والطاقة والعمران. ثم ينتقل إلى المحور بالغ الأهمية بتعداد جهود "تمكين المرأة والشباب" عبر برامج التدريب والتأهيل، وخطط التمكين السياسى والاقتصادي والاجتماعى والثقافى، ودعم آليات التحاور من خلال المنصات النوعية ومؤتمرات الشباب الوطنية، والمكاسب التى أحرزتها المصريات بفضل مساندة القيادة السياسية حتى تحقق لها حضور غير مسبوق فى هيكل الحكومة وتحت قبة البرلمان وفى المواقع التنفيذية المتقدمة، فضلا على برامج الرعاية الصحية والاجتماعية وخلق بيئة تشريعية داعمة، تصدّت بشمول وعُمق لموضوعات العنف والتحرش وختان الإناث وبعض قضايا الأحوال الشخصية، وغيرها من الملفات التى ظلت عالقة عقودًا وكانت بمثابة قيود تُحجّم حركة المرأة وقدرتها على الإسهام فى الحياة وإثراء المجال العام.
 
كتاب حكايةوطن (4)
 

النزاهة تقود المرحلة

 
وخصص المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية الفصل الثالث من كتابه المهم لـ"السياسة الداخلية" متناولا موضوعات:
الإصلاح السياسى، وتعزيز حقوق الإنسان، وتعزيز النزاهة والعدالة. وتناول فيه باستفاضة جهود الإصلاح الشامل ومأسسة المجال العام والدعوة للحوار الوطنى، كما تناول تطوير البنية التشريعية والإجرائية فى النظر إلى الحقوق من زاوية شاملة، مستعرضا تطورات الملف فى نطاق الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتفاصيل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أطلقها الرئيس قبل عامين ومثّلت رؤية متطورة للغاية فى تحسين البيئة الاجتماعية والسياسية، وتحقيق التكامل بين مسار الضبط والإصلاح وترقية الأداء فى عناصرها القانونية والإجرائية، وأخيرا محور "تعزيز النزاهة والعدالة" وما تضمنه من تحركات جادة لمواجهة الفساد، ثم الإصلاح القضائى وتطوير بنيته التحتية ورقمنة خدماته.
 
أما الفصل الرابع فخُصِّص لملف "الأمن والدفاع" عبر عناوين ثلاثة: مقاربة شاملة لمجابهة الخطر الإرهابى، وتحديث وتطوير القوات المسلحة، وتطوير منظومة العمل الشرطى. منطلقًا فى مقاربته من فلسفة الدولة فى استكمال منظومة القوة الشاملة، وما تحقق على صعيد تثبيت الصورة المدنية للدولة وحمايتها، وصدّ الإرهاب والاستهداف من الداخل والخارج، وتحديث برامج التسليح وعصرنة جهاز الشرطة ومنظومة عمله والمؤسسات العقابية. ففيما يخص الإرهاب استعرض الفصل تفاصيل الجهود الأمنية والفكرية والتنموية، ومكافحة غسل الأموال والتمويل المشبوه، والتعامل مع الضحايا، وتمديد مظلة جهودها لتغطى الملف إقليميا ودوليا، وفى "القوات المسلحة" استعرض خطة التحديث الشاملة، وتطوير القوات البحرية والجوية والبنية التحتية للمؤسسة، وتحديث القدرات القتالية، والتحول إلى رقم محورى فى معادلة الجيوش بالمنطقة والعالم، وعلى صعيد "الشرطة" تعمّق فى رصد مؤشرات تحسين الأداء المؤسسى، وتطوير البنية التحتية والارتقاء بالمنظومة، وتعزيز قطاع حقوق الإنسان بالوزارة، ورفع كفاءة الكوادر البشرية.
 
الفصل الأخير تناول السياسة الخارجية عبر أربعة محاور: محدداتها، ودوائر حركتها، والدور المصرى فى أزمات المنطقة، وأخيرا مظاهر النجاح. وأفاض المركز بالكتاب فى استعراض دلالات الحضور والتأثير انطلاقا من استقرار الجبهة الداخلية، واستقلالية القرار، وامتلاك أدوات الردع، ومركزية عنوانى التنمية وصدّ الإرهاب، ثم المحددات الخارجية ممثلة فى قراءة تحولات النظام العالمى وتفعيل الدور العربى ودعم مفهوم الدولة الوطنية، وقدم مُقاربة لدوائر حركة السياسة الخارجية المصرية وفق أولوياتها وتدرجها، من المستوى العربى إلى الأفريقى والآسيوى والمتوسطى، وخصص الجزء الأخير من الفصل لأدوار مصر فى محيطها، لا سيما إسهامها المباشر لصالح القضية الفلسطينية، والعلاقات الاستراتيجية مع العراق، والموقف المتوازن من الأزمة السورية، وعودة الحضور فى المشهد اللبناني، والانخراط الفاعل فى الأزمة الليبية بدءا من رسم الرئيس لخط أحمر بين "سرت/ الجفرة" ما أسهم فى تهدئة البيئة الليبية وتحجيم نشاط الميليشيات والقوى الخارجية فيها، وأخيرا تناول أدوار القيادة فى مساندة السودان طوال الوقت، وبتركيز أكبر بعد اندلاع المواجهات بين القوات المسلحة وميليشيات الدعم السريع. واختتم باستعراض مظاهر نجاح السياسة الخارجية وأهمها تكوين تحالفات مهمة فى مجال الطاقة والربط الكهربائى، وتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، واستعادة الدور المصرى فى أفريقيا، وتصاعد أدوارها فى التكتلات الإقليمية والدولية وآخرها تجمع "بريكس".
 
إن حصيلة السنوات العشر الماضية تتجاوز قدرة الحصر، وتفوق إمكانية الرصد والتأطير فى عمل بحثى وتوثيقى واحد، لا سيما وقد انفتحت الدولة بكفاءة وشمول على كل الملفات، وأحرزت انتقالات حيوية مهمة فى الداخل والخارج، وحققت نجاحات ملموسة فى مسائل الأمن والتنمية والدبلوماسية وغيرها؛ إلا أن كتاب المركز المصرى "حكاية وطن: بين الرؤية والإنجاز" يظل وثيقة بالغة الأهمية، لأنه يُقدم تصوّرًا شاملا تتكامل عناصره لتصنع صورة فسيفسائية واحدة ذات إشارات ودلالات شديدة الإحاطة والتعبير، كما أنه يُقدم رسالة ضمنية تُلخّص فن صناعة الأمل وترقية القدرات الذاتية رغم التحديات والمعوقات، وترسم ملامح حرفة بناء الأوطان التى تستند إلى الرؤى والخطط والبرامج الزمنية والاجتهاد فى العمل، وليس إلى الشعارات والعناوين الشعبوية البراقة. جهد كبير يتجلّى فى الكتاب، لكنه على قدر ما بُذل فيه من وقت وطاقة، يُشير إلى جهود أكبر وأكثر إرهاقًا حققتها القيادة على أرض الواقع، بامتداد عشر سنوات كان عنوانها الثقة والصلابة والبحث الدائم عن الحلول الجادة، ومحتواها "حكاية وطن" أراد الحياة وقتما أُريد له الانهيار، وسعى للبناء عندما سعى آخرون إلى الهدم.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة