يشكل الحوار الوطنى، فرصة مهمة فى تقوية بناء الأحزاب السياسية من خلال صياغة رؤية جديدة تزيد من فرص تحركاتها وبناء قواعدها الجماهيرية على مستوى محافظات الجمهورية، ولبناء منطومة تدعم المستوى المالى والفنى والتدريبى للكيانات الحزبية، وهو ما اعتبره سياسيون خطوة مهمة لإثراء الحياة الحزبية وإحداث نقلة نوعية ومختلقة.
واستأنف الحوار الوطنى، جلساته للأسبوع السادس، اليوم الأحد، لمناقشة أهم القضايا التى تتضمنها محاور الحوار الثلاثة، وهم المحور السياسى، المحور الاقتصادى، والمحور المجتمعى، يأتى ذلك بعد الخروج بتوصيات المرحلة الأولى للحوار الوطنى ورفعها لرئيس الجمهورية. وناقش المحور السياسى انعقاد لجنة الأحزاب السياسية، لمناقشة قانون الأحزاب السياسية،الدمج والتحالفات الحزبية، الحوكمة المالية والإدارية، دور لجنة شئون الأحزاب".
وشهدت الجلسات اقتراح لإبراهيم الهنيدى، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب، ورئيس لجنة شئون الأحزاب الأسبق، إدخال تعديلات على قانون الأحزاب بزيادة صلاحيات اللجنة، مؤكدا أن تكون اللجنة جزء من العمل القضائى، لأن هذا هو الأمانة السياسية لعدم تدخل أى جهة سياسية فى الأحزاب.
وأوضح الهنيدى، أن هذه اللجنة طبقا للمادة 8 تختص بفحص إخطارات تأسيس الأحزاب السياسية والتواصل مع الجهات المختصة، مشيرا إلى أن هناك كثير من الحديث عن تشكيل هيئة تكون مختصة بهذا الموضوع للخروج من تبعية القضاء، والمطلوب زيادة إمكانيات هذه اللجنة، لأن إمكانياتها ضعيفة جدا والاهتمام بالخبرات الفنية التى تضم للجنة، وكذلك لابد من توفير الأجهزة اللازمة لعمل هذه اللجنة، مؤكدا على أهمية تبعيتها للقضاء، مطالبا منح أعضاء اللجنة مزيد من الاختصاصات مثل تجميد الحزب لمدة سنة حتى يتم توفيق أوضاعه.
وقال النائب حسام الخولى، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، بمجلس الشيوخ، إن بيئة عمل الأحزاب تغيرت عما سبق، أى أنه قبل 2011 كان هناك تضييق متعمد، ما جعل الحياة السياسية بدون روح، موضحا أنه حدث انفتاح سياسى بعد 2011، وأصبح تكوين الأحزاب بالإخطار، وكل 5 آلاف شخص يمكنهم تكوين حزب، إلى آخر كل التسهيلات التى جرت، لذلك نحن الآن أمام وجود أكثر من 100 حزب فى مصر، لكن هنا يوجد سؤال: لماذا لدينا كل هذا العدد من الأحزاب؟ وهل جميعها لديها رؤية مختلفة؟.
واعتبر أن السياسة فى النهاية هى الصندوق الانتخابى، فمن حق الأحزاب المطالبة بتوفير البيئة السياسية، حتى يتمكن من المنافسة، سواء عقد الاجتماعات داخل المقرات أو الندوات... إلخ، وكذلك الإشراف القضائى، الذى أقره الرئيس عبدالفتاح السيسى، مؤخرا، قبل انطلاق أولى الجلسات الرسمية للحوار الوطنى، وهو ما كان له بالغ الأثر، لدى جميع القوى السياسية والحزبية»، موضحا أن الدور على الأحزاب لتقوية نفسها، أكثر مما هو على المناخ الحزبى الحالي.
واستكمل: «الوضع حاليا، الأحزاب والسياسة مثل طالب يواجه امتحان، كل 5 سنوات، سواء على انتخابات نواب أو شيوخ أو محليات، هناك طالب سيجتهد على مدار الـ5 سنوات، وآخر سيتكاسل، الأول لن تفرق معه الكيفية التى ستأتى عليها أسئلة الامتحان، والأخير لن يعجبه أى نظام للامتحان، ومن خلال الخبرة السياسية، فإن التنظيم يأتى قبل الشعبية، فيمكن أن تكون للحزب شعبية كبيرة، لكنه يفتقر للتنظيم، فلا يستطيع تحويل شعبيته وترجمتها فى صندوق الانتخابات، بينما العكس صحيح، فربما يكون هناك حزبا لديه القدرة على التظيم، بينما يفتقر إلى الشعبية، لكنه يستطيع ترجمة ذلك فى صندوق الانتخابات".
فيما أكد النائب محمد عمارة، عضو مجلس الشيوخ، عن حزب الشعب الجمهورى، وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن الأحزاب بحاجة لقانون جديد ينظم دورها، خاصة وأن القانون الحالى مر على إنشائه أكثر من 45 عاما، وأغلب مواده لا تتماشى مع التغيرات السياسية والاجتماعية والتكنولوجية الحالية، خاصة أنها أصابها التقادم ولا تتوافق مع الجمهورية الجديدة، نحن نحتاج إلى ثورة تشريعية فى العديد من القوانين والتشريعات المنظمة تتناسب مع طبيعة المرحلة والإنجازات التى تقوم بها الدولة، وتتطرق إلى التحديات التى تواجه الدولة، سواء فى الداخل أو الخارج، وهذا ما ينادى به مجلس الشيوخ، وبعض الجهات خلال جلسات الحوار الوطنى.
وأضاف أن الأحزاب تحتاج لمعرفة دورها بشكل محدد، وحقيقى، مع التفرقة بين دورها الخدمى والتشريعى والرقابى، وأن تدرك طبيعة مهامها كونها حلقة الوصل بين المواطن ومؤسسات الدولة، المختلفة، وبالتالى هذا سيأتى من خلال القوانين الجديدة التى سيتم تطبيقها، حيث تحتاج الأحزاب إلى تمويل، وبمناقشة مصادر تمويل الأحزاب، تطرح تساؤلات هل سنرجع لما كان معمولا به فى الماضى؟ أقصد تجربة تمويل الحكومة للأحزاب، وهى تجربة معمول بها حتى الآن فى بعض الدول، أم سيتم الاعتماد على التبرعات؟ كل هذه القضايا مطروحة على الحوار الوطنى، وهى فرصة للأحزاب أن تقدم رؤيتها، وتتم مناقشتها، للوصول إلى أفضل طريقة ممكنة فى ظل الظروف التى تمر بها الدولة والحياة الحزبية فى مصر.
وأوضح أن دور الحوار الوطنى أن يسهل الوصول إلى رؤية مشتركة مع مختلف القوى السياسية، تدعم تقوية الأحزاب وترسيخ مكانتها بالمشهد السياسي.
ومن جانبه أكد الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية أن جلسات الحوار الوطنى تشكل نقلة نوعية فى مسار الحياة السياسية والحزبية وتمثل فرصة جيدة وممكنة لإعادة تشكيل بنية الحياة الحزبية فى مصر، أما على طريق الاندماج أو من خلال الأحزاب ذات البرامج الواحدة أو الأحزاب ذات الأفكار والرؤى والمقاربات الواحدة وهو أمر طرحه الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ فترة بأن الأحزاب لكى تقوى لابد وأن تندمج أو تأتلف فى إطار واحد، مشيرا إلى أن مخرجات الحوار الوطنى يمكن أن نبنى عليها.
وأضاف أن حالة الحراك الحزبية الموجودة الآن ليس لها علاقة فقط بالاستحقاقات الانتخابية القادمة فقط، فإنه لابد وأن يكون هناك حياة سياسية ومتفاعلة وبها نوع من التواجد والتعددية السياسية، خاصة وأن الرئيس السيسي أبدى رغبة قوية فى ذلك خلال أكثر من فعالية، وتترجم فى تدشين مبادرة الحوار الوطنى ذاتها، معتبرا أن هناك مناخ جديد يتشكل ويوجد لدينا كوادر سياسية وحزبية يمكن أن تبنى عليها تلك الحياة، لذلك هناك فرصة ذهبية للأحزاب من أجل إعادة بناء تشكيل دورها فى الحياة السياسية المقبلة ومن ثم عليها إعادة كتابة وصياغة البرامج السياسية والحزبية.
وأشار إلى أنه على الأحزاب تفعيل كوادرها وأن تدخل مناطق المحافظات حتى تستعد لانتخابات المحليات، مؤكدا أن الاندماجات والائتلافات الحزبية مهمة فى هذا الإطار، والتى ستمثل أهمية كبيرة فى الفترة المقبلة مع قرب الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية والمحليات، قائلا: "المناخ جيد فى مصر الآن ويتشكل على رؤى ومقاربات حقيقية فى حالة حراك حزبى وسياسى جيد..الفضل فيه يعود إلى القيادة السياسية وللقائمين على الحوار الوطنى وعلى الإعلام الوطن..فهناك فرصة أمام الأحزاب لإعادة تقييم سياساتها فى الفترة المقبلة والمشاركة بفعالية فى إثراء الحياة الحزبية والسياسية فى مصر".
فيما قالت الدكتورة دينا هلالى، عضو لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعى بمجلس الشيوخ، إن عودة جلسات الحوار الوطنى للانعقاد بعد الانتهاء من توصيات المرحلة الأولى وإرسالها لرئاسة الجمهورية يبعث بمؤشرات مطمئنة لدى كافة الأطراف المشاركة، حول جدية القيادة السياسية فى استمرار تلك الحالة الديمقراطية غير المسبوقة بما يساعد على زيادة القواسم والمساحات المشتركة نحو تأسيس الجمهورية الجديدة، خاصة فى ظل ما يحظى به الحوار من دعم الرئيس عبد الفتاح السيسى لها بصفته صاحب الدعوة والمبادرة إلى عقده بما يؤكد الحرص على التفاعل مع توصياته لما يخدم صالح المواطن ويلبى آليات التعامل مع الضرورات الحياتية الآنية.
وأضافت "هلالي"، أن انطلاق الجلسات بمناقشات للجنة حقوق الإنسان اليوم، تأتى فى إطار ترسيخ ممارسات حقوق الإنسان بالدولة المصرية، لاسيما وأن الدولة أحرزت نجاحات فى مختلف الملفات الحقوقية، فضلا عن حجم التطور فى جهود لجنة العفو الرئاسى والتى وصل عدد المفرج عنهم لحوالى 1500 شخص، بما يفتح المجال أمام بناء ثقافة داعمة لحقوق الإنسان وخاصة حقوق الفئات الأولى الأولى بالرعاية والوصول للمزيد من المكتسبات وتفعيل المزيد من بنود الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، مشددة أن ما خطت نحوه مصر من تحركات لتحسين حقوق الإنسان، لم يكن يومًا مدفوعًا برأى أحد أو بإملاءات، وهو ما يعد خير ضمانة لتحقيق مخرجات اللجنة.
وأشارت عضو مجلس الشيوخ، إلى أن القيادة السياسية حريصة على تعزيز مسار حقوق الإنسان انطلاقا من قناعة ذاتية راسخة بأنها جزء لا يتجزأ من عملية التنمية الشاملة التى تخطو إليها الدولة، وهو ما يترجم فى الحوار الوطنى نفسه الذى يؤكد أن الدولة تؤمن بتعدد الآراء وتنوعها، وتسعى لتعزيز التشاركية فى صنع القرار لخلق مناخ ديمقراطى يتيح إيجاد حلول واقعية للتحديات المختلفة، لافتة إلى أن الحبس الاحتياطى فى مقدمة القضايا الموجودة على قائمة أعمال لجنة حقوق الإنسان خلال جلساتها بما يسهم فى تحديد مفهوم واضح للحبس الاحتياطى كإجراء احترازى فى العالم والمعايير الدولية، والتعديلات المطلوبة على قانون الإجراءات الجنائية للتعامل مع الملف.
وأكدت "هلالي"، أن مناقشة الجلسات من خلال لجنة الأحزاب السياسية، لقضايا قانون الأحزاب السياسية، الدمج والتحالفات الحزبية، الحوكمة المالية والإدارية، ودور لجنة شئون الأحزاب، يؤكد النية الصادقة للقيادة السياسية فى تقوية ودعم الحياة الحزبية فيما يخص المسائل ذات البعد السياسى، خاصة وأن وضع الأحزاب يحتاج لخارطة طريق واضحة تهدف لإصلاحها وتحسين أدائها حتى تشتبك بشكل أكبر ومؤثر مع الشارع المصرى واحتياجاته، مؤكدة أن هذه التجربة غير المسبوقة سيكون لها دورا فاصلا فى رسم الأولويات الوطنية بشراكة خالصة لمختلف الأطراف بما يحمل بشائر إيجابية لصالح الوطن والمواطن.
ومن جانبه اعتبر النائب هانى العسال عضو مجلس الشيوخ، أن الاهتمام الرئاسى بمخرجات الحوار الوطنى والحرص على توفير كل الأجواء الطيبة والإيجابية لنجاحه، بالصورة التى تتناسب مع الدعوة له كسبيل للتوافق حول أولويات العمل الوطنى فى المرحلة الراهنة وكسب مزيد من المساحات المشتركة بين أبناء الوطن لبناء مستقبل مبشر وأفضل، يمثل حافز قوى للمشاركين فى جلسات الحوار حتى الوصول لمسارات متنوعة وطرح بدائل متعددة تلبى تطلعات الشعب على جميع الأصعدة، وهو ما يمثل ركيزة رئيسية فى عودة جلسات الحوار الوطنى من جديد لتستأنف انعقادها للأسبوع السادس وسط حالة من الارتياح والطمأنينة بأن الحوار عملية جادة وليس عملية شكلية، تتفاعل معها القيادة السياسية وتتعاطى مع مخرجاتها خاصة بعد إحالة الرئيس عبد الفتاح السيسى توصيات المرحلة الأولى لدراستها.
وأوضح "العسال"، أن مناقشة قانون الأحزاب السياسية ليس بمعزل عن النظام الانتخابى وعدد أعضاء مجلسى النواب والشيوخ والدوائر الانتخابية، إذ أن قضايا المحور السياسى متكاملة وتسعى جميعها لإثراء وتقوية الحياة السياسية والحزبية بما يمنح قبلة حياة جديدة للأحزاب حتى تكون فى ثوب مختلف قادر على الاندماج مع العمل العام والتعاطى مع مختلف القضايا، بما يعزز من دور القوى السياسية ويحقق حالة من الإصلاح والاستقرار السياسى، معتبرا أن ذلك ينطلق من خلال تعظيم ثقافة العمل الحزبى وهو ما يضع مسؤولية على الأحزاب أيضا فى تطويرها فكرها وآليات عملها حتى تتناسب مع أسس الجمهورية الجديدة.
وأكد عضو مجلس الشيوخ، أن الأحزاب السياسية تعد ركنًا أساسيًا من أركان النظم الديمقراطى وإحدى قنوات المشاركة السياسية للمواطن، ما يجعل هناك ضرورة للعمل على تحسين أدائها حتى يكون لها دور فاعل فى المشهد السياسى والمجتمعى، إذ أن مناقشة قانون الأحزاب السياسية، الدمج والتحالفات الحزبية، الحوكمة المالية والإدارية، ودور لجنة شئون الأحزاب، يعدون عوامل رئيسية فى مسار النهوض بالأحزاب وتعزيز مشاركتها وأن يكون لدينا كيانات سياسية قوية ومؤثرة فى عملية صنع السياسات العامة للدولة وهو ما يرسخ بدوره من المفهوم الشامل لحقوق الإنسان.
وأضاف "العسال"، أن مناقشات لجنة حقوق الإنسان بشأن حرية الرأى والتعبير، سيستكمل ما بذلته الدولة من جهود لبناء منظومة متكاملة لحقوق الإنسان، وعكست الاستراتيجية الوطنية مقاربة شاملة لها والتى أقرت رؤية تتكامل فيها الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع مراعاة إيلاء اهتمام خاص بالفئات الأولى بالرعاية، كما وضعت الدولة استراتيجية لإنشاء وتحديث مراكز الإصلاح والتأهيل (السجون)، من أبرزها مجمع مراكز مدينتى بدر ووادى النطرون، وشهدت طفرة إنشائية تواكب المعايير الدولية لحقوق الإنسان، علاوة على الحرص فى اتخاذ خطوات ناجزة على مستوى الحبس الاحتياطى ودراسة مواده فى قانون الإجراءات الجنائية ودعم بدائله، وهو ما يجعل الحوار فرصة لخلق مزيد من مساحات التوافق حول قضايا حقوق الإنسان وجنى ثمار جديدة فى شأنها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة