زارت كوكب الشرق السيدة أم كلثوم بغداد عام 1932، والتقت وقتها بمطربة عراقية غنت أغنية بعنوان " قلبك صخر جلمود "، وطلبت أم كلثوم أن تغنيها، وبالفعل غنتها ولكنها قالت : احتاح لعشر سنوات حتي امتلك حنجرة سليمة ، فمن هي سليمة تلك المطربة التي أشادت بها كوكب الشرق ؟
سليمة باشا مراد هي مطربة عراقية يهودية الديانة مواليد عام 1901، في محلة طاطران ببغداد وهي من أوائل المطربات اللاتي التحقن بالإذاعة العراقية منذ تأسيسها عام 1936 ، وتزوجت من المطرب ناظم الغزالي، وكونا ثنائي غنائي وقدما حفلات في أواخر الخمسينيات ثم سافرا لباريس لإقامة حفلات للجاليات العراقية المقيمة هناك ومن أشهر أغانيهما معا: يام العيون السود ، ذوب وتفطر ، كان القلب ساليك ٠
سليمة باشا
ويؤكد زياد عساف في كتابه " المنسي في الغناء العربي " أن سليمة لم تدرس الموسيقي أو تتعلم العزف ولكنها بقيت متألقة وفي صدارة الذين أوصلوا الأغنية العراقية لخارج الحدود ، وقدمت سليمة مئات الأغاني واستطاعت بصوتها أن توثق للتراث والفلكلور الغنائي العراقي بالإضافة للأغاني الخاصة بها، والاغنية الأشهر لسليمة مراد ارتبطت بمشروب الشاي المفضل لشعب العراق " خدري الشاي خدري .. عيوني لمن أخدره .. شمالك يا بعد الروح .. دومك مكدرة " .
شاركت سليمة مراد في بطولة الفيلم العراقي " عليا وعصام " عام 1949، المأخوذ عن قصة روميو وجولييت ، ولكن بأسلوب بدوي والفيلم من اخراج الفرنسي اندريه شوتان ، كما شاركت في فيلم " ابن الشرق " عام 1946 أمام مديحة يسري وبشارة واكيم واخراج ابراهيم حلمي، وقدمت معهما فيلما آخر بعنوان " القاهرة - بغداد " عام 1947، للمخرج المصري أحمد بدرخان وشارك في بطولته أيضا المطربة عفيفة اسكندر وحقي الشبلي .
اتهمت سليمة القتل وقبل أنها دست السم في الطعام لزوجها حسب الرواية المتداولة آنذاك ولكن اثبتت التحقيقات والدلائل فيما بعد عدم صحة هذه التهمة ، ولكن بعد هذه الحادثة بدأت الابتعاد عن الوسط الفني متفرغة لإدارة الملهي الذي افتتحه ناظم الغزالي وتوفيت عام 1974 بعد رحلة طويلة من الشهرة والثراء وانتهت بحزنها الكبير علي رفيق دربها الغزالي ودفنت في جواره في مقبرة الشيخ معروف بالكرخ .
وقالت سليمة في أحد اللقاءات معها: جاء من يتهمني باني قتلت ناظم الغزالي واتهمني الذين جاءوا إلي بعد موته يطالبون بساعته الذهبية ليضعها ابنهم في معصمه وتراب قبر ناظم لم يجف بعد.