البطلة الذهبية.. حنين رمضان ابنة الجيزة تحصد بطولة العالم للخماسى الحديث البارالمبية للمرة الثانية.. حصدت 57 ميدالية بالسباحة والخماسى وتحلم بركوب الخيل.. ووالدتها: إرادتها من حديد وبتعافر بكل طاقتها علشان توصل

على الرغم من إصابتها ببتر فى الساق وعمرها لا يتجاوز الـ13 عاما، إلا أن هذا لم ينل من عزيمتها وإصرارها شيئا بل غرست داخلها شغفًا لا يهدأ ولا ينطفئ جعل منها بطلة عالمية بإرادة من حديد تقتنص فرص النجاح والفوز فى كل مناسبة رياضية، رافعة علامة الانتصار فى السباحة والخماسى الحديث.

حنين رمضان سمير، 15 عاما، من محافظة الجيزة، تسبب خطأ طبى تعرضت له والدتها فترة الحمل بها فى إصابتها بضمور فى الساق اليسرى أدى لبتره فى الـ13 من عمرها: "تعرض ساقى للبتر بسبب وصف طبى خاطئ لوالدتى فترة الحمل، أدى لولادتى مبكرا فى الشهر السادس ووزنى لم يكن قد تجاوز الـ750 جم، وإصابتى بضمور فى الساق اليسرى، أجريت على أثره عملية لتركيب ساق صناعية بعد مرور 40 يوما على ولادتى، ولأن حالة الضمور أدت لحدوث التواء فى الساق أجريت عملية بتر عند بلوغى الـ13 من عمرى، وظللت أمارس حياتى بشكل طبيعى بالقدم الصناعية".

لم تعرف حنين اليأس أو الاستسلام، ظلت صامدة بكل إرادة وقوة متخذة من الرياضة سبيلا لتحقق أحلامها وطموحاتها حتى حصدت العديد من البطولات على مستوى الجمهورية وتوالت انتصاراتها ورفعت علم مصرنا فى المحافل الدولية: "منذ طفولتى وأذهب مع أسرتى للنادى، وهناك كنت أشاهد أخى وهو يمارس رياضة السباحة، ومع مرور الوقت شجعنى وحفزنى مدربوه على خوض التجربة وممارسة السباحة والانضمام لفريق السباحة الذى كان يشكله النادى لذوى الهمم، وبالفعل بدأت أمارس السباحة فى السابعة من عمرى وكانت أول بطولة أشارك فيها هى بطولة البحر المفتوح بالإسكندرية عام 2017م وحصدت خلالها على أول جمهوري"، مضيفة: "كانت النقلة الأهم فى حياتى، فبالرغم من خوف أسرتى وقلقهم عليا، اتحديت نفسى واحترفت السباحة وبدأت أشارك فى مسابقات محلية كثيرة وتوالت نجاحاتى بحصولى على كأس مصر وأول جمهورية أكثر من مرة".

الوصول إلى النجاح وإثبات الذات كانا الهدف الأساسى الذى تسعى "حنين" لتحقيقه من خلال الرياضة والإصرار على الوصول للعالمية: "دخولى لرياضة الخماسى الحديث كانت بفضل المدير الفنى للمنتخب الوطنى للخماسى الحديث لذوى الهمم آنذاك، الدكتور جلال مصطفى رحمة الله عليه، فعندما شاهدنى فى بطولة البحر المفتوح بالإسكندرية أخبر والداى بأنه جارٍ تشكيل فريق خماسى حديث لذوى الهمم وشجعنى على الانضمام له إيمانا بمهاراتى الفنية، وبالفعل قررت الانضمام للفريق ومواصلة مسيرتى الرياضية برياضة جديدة بجانب ممارستى للسباحة التى كنت ولازلت أشارك بها فى مختلف البطولات والمسابقات وأحصد فيها مراكز أولى".

دخول "حنين" لرياضة جديدة تفرض عليها الاستغناء عن الساق الصناعية والاعتماد على الكرسى المتحرك للعدو لمسافات طويلة لم يكن بالأمر الهين عليها، إلا أنها لم تستسلم وبإرادة قوية حصدت الميدالية الذهبية والمركز الأول فى بطولة العالم البارالمبية للخماسى الحديث مرتين على التوالي: "بداياتى مع الخماسى الحديث والتى تتضمن 5 رياضات تشمل الجرى والرماية والسباحة والسلاح والخيل باستثناء الأخيرة لذوى الهمم، لم تكن سهلة، بل كانت فترة مليئة بالصعوبات والتحديات، بدأت بعدم قدرتى على الجرى لمسافات طويلة باستخدام الساق الصناعية واضطرارى للاعتماد على كرسى متحرك والذى كان هو الآخر عقبة أمامى فى البداية نظرا لثقل وزنه وصعوبة الحركة به، إلا أننى تخطيت كل ذلك وحاولت بالتدريب المستمر على التأقلم معه والجرى من خلاله لمسافات طويلة حتى أتمكن من تركيب جهاز رياضى عند بلوغى عامى الـ20"، مشيرة إلى أنها تمكنت من الحصول على العديد من البطولات المحلية وحصدت بطولة العالم للخماسى الحديث البارالمبية مرتين على التوالى، المرة الأولى بالبرتغال عام 2022 والمرة الثانية العام الحالى بإنجلترا، وذلك بدعم كلا من كابتن الرماية ممدون ويلسون، وكابتن الجرى محمود عبد الرحمن واللذان واصلا معها مسيرتها الرياضية فى الخماسى الحديث بعد وفاة الدكتور جلال مصطفى.

لم يكن ممارسة "حنين" لرياضتين فى نفس الوقت إلى جانب اهتمامها بدراستها وتعليمها عائقا أمام تحقيقها للبطولات المحلية والعالمية وتفوقها العلمى، حيث أنها تدرس بالصف الثانى الثانوى بمدرسة الشهيد أحمد فايز بحى الهرم: "التدريب كان ولا يزال الجزء الأكبر والأهم فى حياتى، خاصة وأننى أمارس رياضتين فى نفس الوقت ولكل منهما تدريباته وبطولاته الخاصة، فيومى يبدأ يوميا من السابعة صباحا، أذهب ووالدتى للنادى للتمرين سواء فى السباحة أو الخماسى الحديث، وبعدها أستكمل يومى بالمذاكرة والذهاب إلى الدروس حتى لا تكون ممارستى للرياضة سببا فى التأثير على مستوايا الدراسى وتحقيق حلمى فى الالتحاق بكلية طب أسنان، مؤكدة: "والدى ووالدتى سندى فى الحياة، دايما فى ضهرى وبيدعمونى ويشجعونى على الاستمرارية وحصد المزيد من الميداليات".

"أحلى لحظة فى حياتى لما باخد ميدالية بعد تعب ومجهود".. بهذه الكلمات تابعت "حنين" حديثها لـ"اليوم السابع"، مشيرة إلى أن لحظة تتويجها بالفوز فى أى بطولة هى اللحظة الأسعد فى حياتها، خاصة وأنها تأتى بعد جهد وتعب وعمل وتدريب متواصل تبذل فيه قصارى جهدها لتحقيق الفوز والعودة بالميدالية الذهبية، تكريما لجهودها وجهد أسرتها معها، مؤكدة أن الفوز بأى بطولة هو تحدٍ يزيد ثقتها بنفسها ويدفعها للمواصلة وتعلم رياضات جديدة والمشاركة فى بطولات أخرى وتحقيق فوز أكبر، "بعرف ألعب بينج بونج ونفسى أجرب ركوب الخيل".

إرادة وعزيمة وطموح لا حدود له صنع بطلة رياضية لا تعرف المستحيل، تقول حنين: "بالإرادة والعزيمة هتوصل لهدفك وتحقق حلمك، مافيش مستحيل.. مافيش حد مابصش على رجلى، ودايما كنت بتعرض للتنمر لمجرد الاختلاف، لكن فضلت مكملة فى طريقى بكل إصرار وعزيمة ومركزة على هدفى وحلمى فى تحقيق التفوق والنجاح وحصدت 57 ميدالية فى السباحة والخماسى الحديث أغلبها ذهبية.. عمر ما كانت كلمة أو موقف سلبى عائق أمام تحقيق حلمى بالعكس كان كل موقف سلبى يزيدنى قوة وعزيمة على الاستمرارية وحصد مزيد من البطولات".

وعن شعورها بفوز ابنتها وحصدها بطولة العالم للخماسى الحديث بارالمبية، قالت كريمة شعبان والدة "حنين": "بتعافر دايما بكل طاقتها وتجازف علشان توصل.. كنت مرعوبة وماكنتش متوقعة حصولها على المركز الأول، لكن أملنا فى ربنا كان كبير والحمدلله فرحتنا كلنا بعد مجهود كبير"، مشيرة إلى أنهم بذلوا مجهودا كبيرا استعدادا للبطولة على مدار شهرين ونصف، كانوا يغادرون خلالها المنزل للتدريب من الساعة 5 صباحا حتى الساعة 8 مساءً".

وتابعت كريمة شعبان حديثها قائلة: "حنين دايما بتسعى للتفوق، والحفاظ على مستواها الرياضى والعلمى، وبتنظم وقتها علشان تقدر توفق ما بينهم، بتخصيص يومين للخماسى ويومين للسباحة ومع قرب الامتحانات بتوقت رياضة منهم"، مؤكدة أنها فخورة بما حققته "حنين" من إنجازات رياضية كبيرة وإرادتها لتحقيق مزيد من البطولات والنجاحات سواء على مستوى السباحة أو رياضة الخماسى الحديث.