وسعت جائزة الشارقة للاتصال الحكومى من أفقها العالمي بتقديم فئات تخاطب ممارسات الاتصال الموجهة للقضايا الدولية، وتكرم صناع الاتصال حول العالم ممن أحدثوا فارقاً في التحديات التنموية، والأمن الغذائي، وقضايا البيئة، أو نجحوا في توظيف البحث العلمي وأحدث التقنيات والتطبيقات، لتحقيق اتصال جماهيري فعّال في نشر الرسائل بين المجتمعات وأصحاب المصلحة، ولهذا نجرى حوارًا صحفيا مع طارق سعيد علاي، مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، للوقفو على تفاصيل أكثر عن الجائزة.
ــ بداية .. نريد أن نعرف الكيفية والدافع وراء إطلاق جائزة الشارقة للاتصال الحكومي؟
على الرغم من كون الاتصال مفهوماً شائعاً وقديماً، إلا أن الحاجة إلى أن يصبح ممارسة احترافية تتزايد مع تقدم الزمن وتشابك الثقافات وتنامي احتياجات المجتمعات، وفي مقدمتها الحاجة لعلاقة شفافة وثيقة بينها وبين المؤسسات الرسمية والخاصة، لذا جاء إطلاق الجائزة بالتزامن مع بدايات تنظيم "المنتدى الدولي للاتصال الحكومي" استجابة لهذه الحاجة من ناحية، ومن أجل أن يكون لمسيرة الاتصال الحكومي في المنطقة الأدوات التي من خلالها تطوِّر ممارسات الاتصال وترفع معايير النجاح.
إن "جائزة الشارقة للاتصال الحكومي" مساهمة من إمارة الشارقة في تعزيز الحوار بين المستويين الاجتماعي والمؤسساتي، وفي تحقيق المزيد من التوافق على السياسات والممارسات في مختلف القطاعات، كل ذلك يدعم في النهاية مسيرة التنمية على المستويين المحلي والإقليمي، وكما نعرف فإن هذه المسيرة تحتاج إلى اتصال حكومي فعال لبناء ثقافة تنموية مؤثرة في إطار من التعاون والشراكة بين مختلف المستويات والقطاعات.
ــ ما هي الإنجازات التي حققتها الجائزة منذ إطلاقها، وماذا تستقطب؟
أبرز إنجازات الجائزة هي النقلة النوعية للاتصال من ممارسة تقليدية إلى ممارسة احترافية، لم يكن الاتصال فيما مضى على رأس أوليات المؤسسات الرسمية والخاصة، أما الآن فإن الاتصال يحظى بأهمية بالغة، بل بات يشكّل العامل الحاسم بين بقاء المؤسسات حاضرة في أذهان الجمهور وبين غيابها عن ساحة الوعي العام، لذلك جاءت الجائزة لتضع معايير مرنة لممارسات الاتصال المتنوعة، ونعني بالمرونة هنا هي قابلية المعايير للتطور المستمر لمواكبة المستجدات والاستفادة من الفرص الجديدة.
من ناحية أخرى، ساهمت الجائزة، ومن خلال المنافسات، في التشجيع على الابتكار والتطوير واستخدام الأدوات والمنصات الجديدة، والاستفادة مما قدمته العلوم الحديثة، ويمكن القول أن حالة المنافسة صنعت الكثير من قصص النجاح في ساحة الاتصال الحكومي.
كذلك ربطت الجائزة بين المحلي والعالمي، من خلال توسيع نطاقها الجغرافي، واستحداث فئات تتنافس عليها ملفات عربية وأجنبية، وهذا يعزز من تبادل الخبرات، ويمكِّن فرق الاتصال المحلي من الاطلاع على أفضل التجارب العالمية.
هناك منجز آخر في غاية الأهمية من وجهة نظري، وهو الاحتفاء بالمبدعين والمتميزين في صناعة الاتصال، فهؤلاء الذين اجتهدوا وابتكروا يحق لهم أن تعترف مجتمعاتهم بجهودهم وتكرِّمهم، وتقدِّم منجزاتهم للعالم.
ــ ما هي ميزات التنوع بين فئات الجائزة العربية والعالمية؟
أي جائزة، مهما كان المجال الذي تتخصص فيه، تسعى في المقام الأول لتعزيز التنافسية، إلا أن توسيع نطاق الجائزة وانتقالها من جائزة محلية وإقليمية إلى جائزة دولية، كان يقتضي العناية بمسألة التنوع، وفتح الباب أمام كل ساحة ثقافية بما تحتويه من خصوصية؛ لأننا مهتمون بإعطاء الفرص للمنافسة لكل تجربة اتصال، مع الأخذ بعين الاعتبار علاقة كل ممارسة اتصال بجمهورها المستهدف، ولغته، وثقافته، وتجربته الخاصة والمتميزة عن غيرها.
وفي مسار موازٍ، ركَّزت جائزة الشارقة للاتصال الحكومي على تقديم أفضل تجارب وممارسات الاتصال العالمية للمنطقة، عبر تسليط الضوء على الملفات الفائزة من ثقافات ودول مختلفة، لتؤكد بذلك أهمية الاهتمام بالتنوع، وتنوع الجائزة بالتالي أقر بأن كل ممارسة اتصال يجب عليها أن تتلاءم وتستجيب لحاجات المجتمع نفسه الذي تتم فيه عملية الاتصال.
وإلى جانب النطاق الجغرافي، تراعي الجائزة تصنيفات أخرى، فهي تضم فئات مخصصة للشباب، وللباحثين والأكاديميين، ولصناع المحتوى الفني والترفيهي والثقافي. هذا التنوع في الفئات يمكنه خلق بيئة تنافسية ديناميكية تعزِّز من الابتكار وتطوير مجال الاتصال الحكومي. باختصار، التنوع في فئات الجائزة يمنح المشاركين فرصة للتفوق والتألق في مجموعة متنوعة من المجالات، مما يحفِّز المنافسة ويعزِّز جودة الإبداع في مجال الاتصال.
ــ مع ما نشهده من قفزات تقنية متسارعة ما بين المنصات الرقمية والمحتوى والأدوات والمهارات المجتمعية.. ما الذي يمكن لمنتدى الشارقة للاتصال الحكومي أن يقدمه؟
نحن نعيش في مرحلة تحولات متسارعة، ففي كل يوم يمكن أن نستيقظ لنجد تطوراً جديداً في الاتصال وتقنياته، لقد بات الاتصال سريعاً جداً، وأكثر قدرة على الانتشار، وأحد الأهداف الرئيسة للمنتدى هو توضيح الكيفية التي يمكن من خلالها للحكومات والمؤسسات الاستثمار بشكل سليم في هذا التطور، وتعزيز جاهزيتها لما هو قادم، وتحسين أدواتها الاتصالية.
وهنا لا بد من الالتفات إلى مسألة فائقة الأهمية، ألا وهي أن ثورة الاتصالات تحمل في جوهرها الإيجابيات والسلبيات معاً، فمن ناحية، تقدم لصناع الاتصال أدوات ومنصات جديدة، وتوفر لهم البيانات بشكل سريع، وتتيح لهم التواصل اللحظي مع جمهورهم والتفاعل معه في مساحات آمنة، ومن ناحية ثانية باتت ساحة الاتصال فضاءً مفتوحاً للأخبار الزائفة والإشاعات المغرضة وأصبحت بوابةً مفتوحةً بلا رقيب تتسرب منها القيم الدخيلة على المجتمعات المحلية.
بالرغم من الاحتمالات اللانهائية التي تحملها ثورة التقنيات الحديثة، وبشكل خاص الذكاء الاصطناعي، إلا أننا نؤمن وبشكل راسخ بإمكانية تحييد السلبيات وتقديم الإيجابيات، وهنا تكمن وظيفة "المنتدى الدولي للاتصال الحكومي"، الذي جمع خلال دوراته السابقة خبراء الاتصال والتكنولوجيا والمتخصصين بعلوم الاجتماع والتنمية، وقدّم من خلال الحوارات منهجيات التعامل السليم مع تطورات العصر، وبيَّن كيفية توظيفها من أجل دعم مساعي المجتمعات نحو البناء والتقدم.
-
ما الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه المنتدى وفقاً للقضايا الملحّة في المنطقة والعالم؟قد لا يرى الكثيرون للوهلة الأولى تلك العلاقة التكاملية بين الاتصال ومختلف القضايا والموضوعات؛ سواء التنموية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية وغيرها، والحقيقة هي أن هنالك تأصيلاً جذرياً لمفهوم الاتصال وأدواته في مختلف القضايا والموضوعات على الساحة العالمية، ومنذ أمد بعيد، فالاتصال الحكومي هو أداة نشر الوعي، وحشد الجهود المجتمعية لمواجهة مختلف التحديات والقضايا الملحّة، وهو الوسيلة المثلى لدحض الأفكار الخاطئة والهدامة، لهذا يلعب "المنتدى الدولي للاتصال الحكومي" وعلى مدار السنوات الماضية دوراً فاعلاً ومهماً لاستعراض هذه القضايا وسبل إيصالها للجمهور.
وفي دورة هذا العام التي تأتي تحت شعار "موارد اليوم.. ثروات الغد"، وبينما نقف على أعتاب مرحلة تنموية جديدة، سيركّز المنتدى على ملف الموارد والثروات؛ نظراً للتطورات الدائمة التي لا بد للدول والحكومات من العمل بشكل جادّ لمواكبتها، حيث يشهد عصرنا الحالي تحديات نوعية غير مسبوقة، تدفعنا جميعاً لإعادة النظر إلى مسألة الموارد برؤية جديدة، مع تسليط الضوء على مركزية الموارد البشرية والموارد غير المادية، للعمل على تطويرها واستغلالها لصالح المجتمعات.
وفي السياق نفسه، يعمل المنتدى على تعزيز المسؤولية المجتمعية مع تقديم حلول مبتكرة ومستدامة، والمنتدى هو منصة سباقة في استقطاب أبرز الأسماء والخبرات لمناقشة وتفسير ثروات المستقبل وأبعاد استثمارها بالصورة الصحيحة، وبطرق مبتكرة ورائدة تحقق التوازن بين الاقتصادات النامية والمزدهرة.